أكرم القصاص - علا الشافعي

المرشد الإلكترونى..هكذا يدير الإخوان قطعان "السوشيال ميديا".. شبكات عنقودية بين مصر وجنوب أفريقيا وشرق آسيا وأوروبا تتولى ترويج رؤية الجماعة على مواقع التواصل .. عناصر الإخوان يديرون صفحات الجزيرة ودويتش فيله

الإثنين، 10 ديسمبر 2018 11:00 ص
المرشد الإلكترونى..هكذا يدير الإخوان قطعان "السوشيال ميديا".. شبكات عنقودية بين مصر وجنوب أفريقيا وشرق آسيا وأوروبا تتولى ترويج رؤية الجماعة على مواقع التواصل .. عناصر الإخوان يديرون صفحات الجزيرة ودويتش فيله هكذا يدير الإخوان قطعان «السوشيال ميديا»
بقلم حازم حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 

- وعشرات من عناصر الإخوان يديرون صفحات الجزيرة و«دويتش فيله» من 22 دولة حول العالم

 

- تكليفات مركزية من إسطنبول وجوهانسبرج وماليزيا والتحويلات المالية من خلال بنك قطرى وشركات إلكترونية

 

- «جروبات» سرية للتواصل بين رؤوس المجموعات وأشهر التوجيهات «طريقة عمل الملوخية» 

 
«كنت حاسس إنى بعمل دور بطولى، لأ لأ، كنت بوهم نفسى بكده، علشان أعرف أتصالح مع الدور إللى بلعبه، وإللى ماكنتش حاسس فيه بأى أهمية ولا بطولة».. هكذا بدأ الشاب العشرينى حديثه برأس مائل، وعينين زائغتين لا تستقران على نقطة واحدة، ولا تواجهان محدثهما مباشرة، وبصوت مشتت كأنه يلتقط الكلمات من موجات لاسلكية فى أجواء عاصفة، لم يبدُ عليه الندم، قدر ما كان باديًا وكأنه خرج للتوّ من قصة حب فاشلة.
 
بدأ الأمر بمصادفة بحتة، حساب باسم وصورة يبدوان منتحلين، تتكرّر مصادفته فى تعليقات متشابهة عبر عشرات الصفحات، كان الأمر ملفتًا، لا سيّما أن التعليقات صيغت بمنطق مُتماسك، حتى لو كانت تعرض آراء مفككة أحيانا، كما أن لغتها سليمة، ولا تخلو من علامات ترقيم منضبطة ومستكينة فى أماكنها الطبيعية، استدعى الأمر انتباهى، فاشتبكت مع أحد هذه التعليقات. فى غضون دقائق ردّ حساب آخر بطريقة أقل تماسكا وانضباطا من التعليق الأصلى، وقبل أن آخذ دورى فى الرد، استكمالا لاشتباك عفوى لا أعرف له سببًا ولا أبتغى من ورائه غرضا، حذف الرد السابق، ثم أعيد نشره ثانية من الحساب الأصلى. التعليق نفسه بالضبط، هكذا بدا وكأن لاعبى كرة فى فريق واحد يتبادلان التمرير، أو كأن شخصًا واحدًا يلعب بكرتين فى وقت واحد، واصلت الاشتباك مع اللاعبين أو اللاعب ذى الكرتين، ثم تجاوزت الحوار إلى أمور أخرى، وعاد إيقاع التقاء الحساب الأول إلى طبيعته السابقة، بين يوم وآخر، فى منشور أو أكثر، عبر قائمة صفحات طويلة، لمواقع إخبارية، أو قنوات تليفزيونية، أو سياسيين وشخصيات عامة.
 
سوشيال ميديا (1)
 

الاقتراب من مطبخ الإخوان

كانت تعليقات «م. م» ذات طابع سياسى بالدرجة الأولى، إما تتضمن انتقادًا لمؤسسات الدولة وشخصيات سياسية وتنفيذية، أو تتحدث عن الأسعار، أو تتخذ قالبا ساخرا أحيانا بنشر وصفة إعداد نوع من الأطعمة، وغالبا ما كانت الملوخية الأكثر حظا فى «منيو» الرجل الافتراضى. للوهلة الأولى كانت هيئة الحساب ونشاطه يشيران إلى خطاب إخوانى أو مُتعاطف، لكن افتراض أن قائمة الاحتمالات تتضمن احتمالا واحدًا على الأقل لأن يكون شابًا متحمسا أو ناقما، صرفنى عن التعامل معه كإخوانى مستتر، بينما كان الفضول يدفعنى لاستكشاف ما وراء هذا الخطاب الذى يبدو إخوانيا، ولا أشعر أنه كذلك. بين وقت وآخر كنت أشتبك معه بانتقاد أو سخرية أو تفنيد، وكان يرد يوما بعد يوم، خف إيقاع الردّ وتضاءل وهجه، وكأن صاحبه افتقد الحماسة أو تورط فى الروتين، زاد الفضول فزاد التتبع، وضعت الحساب ضمن قائمة التفضيلات لأرى نشاطه أولا بأول. لم أكن أخطط لاصطياده، اعتبرت الأمر تسلية مثيرة للشغف والابتسام، لكنه قرر بشكل مباغت أن يطور المطاردة، ففوجئت به فى مساء أحد الأيام يحدثنى على الخاص، تبادلنا الحوار، كانت الآراء والتوجهات متصادمة تقريبا، فكنا أقرب إلى حلبة ملاكمة، لكن الغريب أننا واصلنا هذه المصارعة المفتوحة، ولعله الفراغ.
 
بعد أسابيع من المشاجرات التى كان وهج الغريم يخفت فيها شيئا فشيئا، بدأنا نسرب لبعضنا معلومات عن اهتماماتنا وتفضيلاتنا الشخصية، ما نقرأ من كتب وما نشاهد من أفلام ونحب من موسيقى، كان متحفظا نوعا ما، لكنه كان يسير بإيقاع منتظم على المنحدر، من تبّته العالية إلى أرض الحوار المنبسطة، طلب اللقاء فالتقينا على أحد المقاهى بوسط القاهرة، فى المرة الأولى قال إنه من أسرة إخوانية، تجاوزت الأمر ولم أتوقف عنده، فى مرات تالية تحدثنا عن الجماعة، انتقدت ممارساتها السياسية والدينية ولم يعترض، وتحدثت عن إدارتها لميليشيات مسلحة ولم يعترض، لكن عندما سخرت فى إحدى الجلسات من ذباب الإخوان الإلكترونى ولجان مواقع التواصل الاجتماعى، والآلاف الذين يعملون فى هذه المنظومة الساذجة، احمر وجهه وبدا غاضبًا، ثم قال بعدما تجاوز حالة الغضب: «خلينى أصحح لك معلوماتك»، لم أكن أعرف ما الذى سيصححه، ولا من أين أتى بالمعرفة التى سيُقوِّم بها معلوماتى، لكننى استمعت على سبيل الحوار وقضاء الوقت.
 

التنظيم ومسارات الأموال

كان «م. م» ناشطًا فى مجموعات مواقع التواصل الاجتماعى التابعة لأحد المكاتب الإدارية للإخوان بالمحافظات، ففضل انتمائه لأسرة إخوانية، وكون والده قياديا فى واحدة من أكبر محافظات الدلتا، التحق الشاب الذى كان فى الثانية والعشرين وقتها بأمانة حزب الحرية والعدالة فى محافظته، مسؤولا عن مواقع التواصل الاجتماعى، ومع تطور الأوضاع وصعود أسهم الجماع باقتناص أغلبية مجلس الشعب ثم ترشح محمد مرسى وفوزه بالرئاسة، انتقل والده الذى كان مقربا من أحد أبرز أعضاء مكتب الإرشاد إلى القاهرة، تولّى موقعا مهما داخل لجان الحزب المركزية، ومع ترقية الكبير ترقى ابنه الشاب أيضًا.
 
يقول «م»: إنه لم يكن إخوانيا بالمعنى، وإنما انتمى للجماعة بالعائلة، وحتى فى هذه الفترة تعلّم التدخين، وظل على حبه للموسيقى والسينما، وكان الأمر مثيرا لضيق أصدقائه الجدد فى لجان حزب الإخوان، لكنه حتى لا يسبب إزعاجا لوالده وأسرته اجتهد للاحتفاظ بحياتين كاملتين، واحدة تحفظ له عاداته المحببة، وواحدة تشبه الدائرة الجديدة، ومضت الأيام حتى 30 يونيو 2013 والإطاحة بـ«مرسى»، وقتها كان الحشد على آخره، وبجانب الخطاب العاطفى للجماعة كان سفر أخيه الأكبر إلى قطر، ومنها لتركيا، وإصابة والده فى اشتباكات «رابعة»، سببًا لأن يستجيب لهذا الخطاب الساخن، فانضم إلى مجموعات التسويق والحشد على مواقع التواصل. كان الأمر ارتجاليا وعشوائيا فى البداية، ثم ما لبث أن أخذ شكلا مرتبا ومنظما فى وقت لاحق، واستمر فى التطور والتنظيم بشكل متواصل حتى اللحظة. هكذا يقول الشاب.
 
سألت عن التنظيم والإشراف، قال الشاب: إنه بعد انقضاء مرحلة الفوضى التى تلت ارتباك الجماعة وتفكك مجموعاتها، بدأ مسؤولو الصفحات وحسابات الحزب والجماعة التنسيق فيما بينهم، وأدار كل منهم مجموعة ممن كانوا يعملون معه، ثم توسع الأمر على طريقة الشبكات العنقودية. فى البداية كان العمل بجهد وتمويل فرديين، ثم مع استقرار مراكز الجماعة فى الدوحة وإسطنبول وماليزيا وغيرها، فتحت مسارات للتواصل بين المكتب الإدارى بالخارج ومسؤولى المجموعات الإعلامية، سافر بعضهم للعمل من دول أخرى، وانضم آخرون للمجموعات العنقودية، وخُصّصت ميزانيات للنشاط الإلكترونى، بعضها تدبره المكاتب الإدارية فى الداخل، وبعضها يحوله مشرفو الخارج من خلال xmlgold وPayPal وغيرهما من مواقع وتطبيقات تحويل الأموال، بوساطة بنك «ق. و» وشركة «و. ى»، وأحيانا باستخدام حسابات البريد للتحويل بين المحافظات.
 

شبكة حول العالم

ترك «م. م» العمل داخل منظومة الإعلام الإلكترونى للجماعة قبل شهور، يُفسر الأمر بارتباك خطوط التمويل وتآكل المزايا التى كانت تحصل عليها بعض المجموعات لصالح مجموعات أخرى، ويربط الأمر بالصراعات بين قادة الخارج التى بدت واضحة فى أزمة قناة الشرق مثلا، لكنها تكررت فى أنحاء أخرى، سيطر فيها فريق من القادة، فقرّبوا تابعيهم واستبعدوا آخرين، لكن رغم تركه العمل رفض «م» الحديث عن أسماء قادة المجموعات أو من يديرونهم من قيادات الخارج، فى ضوء أن روابطه الأسرية بالجماعة لم تنقطع بعد، وربما يخسر والده أو شقيقه الأكبر إذا أخذ موقفا معلنا من الجماعة وقياداتها.
 
7 سنوات تقريبا قضاها «م» داخل فضاء العمل الإلكترونى للجماعة، يقول عنها إنها تُجسد رحلة الإخوان السياسية التى تابعها الناس علنا، الارتباك ودهشة الخروج للنور والطمع ثم خسارة كل شىء، لكنها رغم هذا لا تخلو من إشارات نجاح واضحة- من وجهة نظره- أبرزها امتلاك شبكة واسعة من مراكز الاتصال والتسويق الإلكترونى داخل مصر وخارجها، واختراق دوائر «السوشيال ميديا» لعدد من المنصات ووسائل الإعلام البارزة عالميا، ومنها الجزيرة التى يشارك عشرات من أعضاء الجماعة فى إدارة صفحاتها المختلفة، وإحدى القنوات الأوروبية الشهيرة التى يدير صفحتها على «فيس بوك» 42 شخصا بينهم قرابة 15 من المحسوبين على الإخوان من جنسيات عربية عدة.
 
سوشيال ميديا (4)
 
اتبعت الجماعة فى بناء شبكتها فرز وانتقاء رؤوس مجموعات، ثم تكليف كل منهم باختيار عناصر تتبعه، على أن يكون كل عنصر رأس مجموعة أخرى، فى شبكة عنقودية لا يعرف أى منها باقى الأطراف كاملة، وهو ما يجعل مهمة التتبع والحصار والكشف شبه مستحيلة، وفى سبيل تعزيز هذه الآلية، يعمل رؤوس المجموعات بحسابات وهمية عديدة، كل حساب منها يُخصص لغرض واحد «التواصل مع المجموعة التابعة، التواصل مع المجموعات المجاورة، التواصل مع مشرف المجموعات». ويقول «م»: إن الإشراف العام على هذه المجموعات يتولاه فريق مقرب من «ح. ز» و«أ.ع» اللذين فى تركيا، يعاونه مجموعات فى جوهانسبرج والخرطوم وكوالالمبور ومانيلا ونيويورك وعدد من المدن الأوروبية والآسيوية. 
 
بعض صفحات الإخوان كانت تتبع شركات تسويق أو شبابا عاديين على «فيس بوك» واشترتها الجماعة بسبب عدد متابعيها الكبير، وبعضها دُشّنت بأسماء واهتمامات عامة لتكون منفذا احتياطيا للجماعة، وبحسب رواية «م»، فإنه يعرف 3 من إجمالى 10 يديرون صفحة معتز مطر من تركيا، وأكثر من 40 من إجمالى 144 يديرون صفحات الجزيرة، و6 من إجمالى 11 يديرون صفحة التليفزيون العربى، و1 من 4 يديرون صفحة «جو شو»، و1 من 5 يديرون صفحة خديجة بن قنة، و7 من 20 يديرون صفحة شبكة رصد، و1 من 6 يديرون صفحة حمزة زوبع، و1 من 5 يديرون صفحة قناة الشرق، و1 من 4 يديرون صفحة محمد ناصر، و3 من 11 يديرون صفحة قناة مكملين، و15 من 42 يديرون صفحة إحدى القنوات الأوروبية البارزة، وبحسب روايته، فإن من يعرفهم من مسؤولى هذه الصفحات كانوا يديرون مجموعات ضمن اللجان الإلكترونية للجماعة، بعضهم ما زال داخل مصر، والكثير منهم يتوزعون بين دول أفريقية وأوروبية، لكنه أكد أن أغلبهم يعملون بحسابات وهمية، وأنه من الصعب الوصول لمعلومات عن هذه الحسابات أو أماكنها الجغرافية، إذ تخفيها هذه الصفحات.
 
سوشيال ميديا (2)
 

ميليشيات المرشد الإلكترونى

بالبحث فيما قاله «م» وجدنا أن صفحة معتز مطر تغير اسمها 3 مرات ويديرها 10 من تركيا، وصفحة قناة الجزيرة يديرها بين 45 و 42 من قطر واثنان من الولايات المتحدة وواحد من جنوب أفريقيا، وصفحة تليفزيون العربى تخفى معلومات مديريها، وصفحة الجزيرة الوثائقية يديرها بين 26و19 من قطر، و2 من مصر، و1 من كوريا الجنوبية، و1 من تركيا، إضافة إلى إخفاء هوية 3 مديرين، وصفحة قناة الجزيرة مباشر يديرها بين 55 و 22 من قطر، و4 من جنوب أفريقيا، و4 من تركيا، و3 من الولايات المتحدة، و2 من كل من فرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا، و1 من كل من ليبيا وماليزيا والنرويج والجزائر وأستراليا وكمبوديا وكندا والعراق وآيرلندا وكينيا ولبنان وإسبانيا والسويد وتونس، وصفحة الجزيرة مصر تخفى معلومات مديريها، وصفحة جو شو تغير اسمها ثلاث مرات، ويديرها اثنان من تركيا واثنان من بريطانيا، وصفحة خديجة بن قنة تغير اسمها مرة «كان الاسم مكتوبا بشكل خاطئ»، ويديرها اثنان من قطر واثنان من تونس و1 من فرنسا، وصفحة رصد يديرها اثنان من مصر و18 أخفيت هوياتهم، وصفحة حمزة زوبع أخفت هويات مديريها، وكذلك فعلت صفحتا قناة الشرق ومحمد ناصر، والأمر نفسه فى صفحة قناة مكملين، التى تغير اسمها 13 مرة، وحملت فيما قبل أسماء أشخاص وأنشطة منها «الشاعر عمر الأمير- جانيل مونيى- إنجى أبوزيد- يونس محمود- هو وهى- الحياة تجارب- دكتور ساجد- مجتمع ثقافى»، وبالبحث عن صفحة القناة الأوروبية التى ينطبق عليها ما قاله الشاب، كانت الأقرب صفحة قناة «دويتش فيله عربية» التى يديرها 42 شخصا من ألمانيا. فى أحد اللقاءات أثرت موضوع «دويتش فيله»، قال «م»: إنه يعرف 15 شخصا ممن يديرون صفحة القناة على «فيس بوك»، لكنه لا يتيقن بشكل كامل من طريقة التحاقهم ولا تاريخه، لكن بحسب ما سمعه من آخرين قبل سنوات، فقد بدأ الأمر فى العام 2007 مع تولى الفلسطينى مصطفى السعيد مسؤولية القسم العربى فى الشبكة، إذ تربطه علاقات وطيدة بحركة حماس بسبب أصوله العائلية المنتمية لقطاع غزة، وبفضل هذه الخلفية تعمقت روابط الجماعة معه، وبدأ دخول وجوه من المحسوبة عليها للشبكة، كان منهم الفلسطينى أيضا «ناصر شروف» الذى تولى إدارة القسم العربى وقناة «دويتش فيله عربية» لاحقا، وتعمق الأمر أكثر مع اختيار عماد الدين السيد عبدالله لإدارة مكتب الشبكة فى مصر، لتسيطر الجماعة على الجانب الأكبر من المحتوى العربى واتجاهاته فى «دويتش فيله».
 
سوشيال ميديا (3)
 

قنوات تدفق الشائعات

يشير «م. م» إلى أن المجموعات التى تشارك فى إدارة صفحات الجماعة أو وسائل الإعلام القريبة منها، يُنسّقون فيما بينهم، ويفتحون خطوط اتصال مع مسؤولى المجموعات الإعلامية للجماعة بالتوازى مع خطوط اتصالهم داخل مؤسساتهم، وبفضل المجموعات العنقودية التابعة لهم ولباقى الفريق يمكنهم ترويج مادة بعينها، أو حصر انتشار مادة أخرى، وتتنوع التكليفات بين نشر مادة، أو ترك تعليقات سلبية أو ساخرة على مادة فى صفحات مؤسسات إعلامية أو رسمية، أو إطلاق هاشتاج أو المشاركة فى ترقيته للوصول للأكثر تداولا، وتتعاون هذه المجموعات على نطاق جغرافى واسع، وعن هذا يحكى قصة تلقيه مقطع فيديو لمذيع تونسى من مجموعة عمل داخل تونس، يتحدث عن أحوال مصر بشكل عاطفى، وتوليه هو ومجموعته مع مجموعات أخرى ترويجه على نطاق واسع.
 
تصل بعض التعليقات والصور والفيديو إلى رؤوس المجموعات من خلال جروبات خاصة، ليتولى كل منهم نقلها إلى فريقه، وهناك آخرون يتولون إعادة تحرير مقاطع الفيديو والصور حال لم تأت جاهزة، وأغلب القواعد العريضة فى هذه الشبكة تعمل بشكل مجانى، مدفوعة بانتماءاتها العقائدية أو الاجتماعية للجماعة، لكن رؤوس المجموعات يتلقون رواتب شهرية، تقلّصت أكثر من مرة فى الشهور الأخيرة كما يقول «م»، وهو ما أثر على نشاط كثير من المجموعات، وتسبب فى تقلّص عمل كثير منها، أو تجميد آخرين لأنشطتهم، حتى انحصرت فى بعض التعليقات التى ترسل على فترات، أو التوجيهات القديمة فى تعميق حالة السخرية على صفحات المواقع الإخبارية والقنوات التليفزيونية، وأشهرها وصفات الطهى و«طريقة عمل الملوخية».
 
لم يعد «م. م» حاضرا داخل الدائرة، لكنه يتحفظ على التصريح بهويته أو حتى ذكر أسماء من تعاون معهم، لأن عائلته ما زالت على انتمائها للجماعة، وربما يخسر والده أو شقيقه لو صرّح بهذا، أو حتى يتسبب فى إيذائهم، خاصة أن الشقيق الأكبر يقيم فى تركيا حاليا، لكن بجانب هذه الحساسية والمحاذير يبدو الشاب العشرينى ناقمًا على الجماعة، وعلى المرشد الإلكترونى الذى عمل فى خدمته سنوات دون منطق أو فائدة، لكنه رغم هذا لم يبدُ نادمًا، كان ينكس رأسه ويتحدث بصوت مُتهدج، وكأنه خارج للتوّ من قصة حب فاشلة. 
 

سوشيال ميديا (5)










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة