فى احتفال مصر بذكرى المولد النبوى الشريف، تابعت جيدا كمواطن مصرى مسلم كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومن قبلها كلمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وفى الحقيقة دائما ما أستمتع بحديث الإمام الأكبر فهو عالم جليل، وقطب دينى رفيع، علاوة على رصانة لغته العربية واستخدامه لمؤثرات وتعابير لغوية ممتعة ومؤثرة، وجاءت كلمة الإمام الأكبر لتدافع عن السنة النبوية الشريفة، وقد كشف فيها محاولات تعطيل السنة النبوية فى محوريها العالمى والمحلى.
ثم جاءت كلمة الرئيس السيسى المهمة وبعدها تعقيبا أراه رائعا وواعيا ومدركا لحقيقة مهمة من حقائق أزمة العالم الإسلامى، حين أكد الرئيس أن الإشكالية ليست فى النصوص والثوابت لكنها فى التطبيق، ولام الرئيس أخلاق الغالبية من المسلمين فى بلادنا من ناحية عدم التمسك بالسلوكيات التى حث عليها الإسلام كالصدق والأمانة فى المعاملات والعمل وفى علاقات الأفراد فى المجتمع.
وبعض الصائدين فى الماء العكر وخاصة فى بعض الصحف والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى حاولوا أن يظهروا خلافا غير حقيقى بين كلمة الرئيس وكلمة الإمام حتى يعيدوا من جديد إحداث أزمة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الأزهر الشريف التى يكن لها كل مسلم فى العالم كل الاحترام والتقدير، كما يكن لها الرئيس كل تقدير وإجلال.
وهنا أحب أن أشير إلى أن كلمة الرئيس وكلمة الإمام جاءتا من وجهة نظرى متكاملتين وأن ما تفهمته من كلمة الإمام الأكبر حرصه الشديد على التمسك بثوابت الدين الإسلامى ومنها بالقطع السنة النبوية الشريفة، التى تعتبر المصدر الثانى من مصادر التشريع الإسلامى بعد القرآن الكريم، كما تفهمت من كلمة الرئيس المهمة تلك الرسالة التنويرية المقصودة، وهى ضرورة إدخال العلوم الحديثة فى منظومة الدعوة الإسلامية، وهى رسالة إن أصبت فى فهمها تعد ضرورية لتحديث الخطاب الدينى وتطويره، وفى هذا المضمون أقول إننا نتفق جميعا على أن الله سبحانه وتعالى هو الحافظ لدينه وكتابه، كما أن علماء الإسلام بنوا جهودهم فى تفسير القرآن الكريم على اللغة العربية بالأساس، إلى حد أن بعضهم يفسر نزول القرآن بلغة العرب بسبب أن العرب كانوا فى زمان الدعوة من فطاحل اللغة والشعر بالرغم من أن نزول القرآن جاء للبشرية جمعاء، لكننى أؤكد أن هذا التفسير ليس كافيا بمفرده لأن اللغة العربية تتغير بتغيير العصر، وتدخل عليها مفردات جديدة كل يوم، ومجمع اللغة العربية من اختصاصاته إدخال مفردات جديدة للغة العربية، وفى نظام العولمة الذى نعيشه نرى أنه ندر اهتمام شبابنا باللغة العربية وهو أمر شديد الخطورة، لذلك يكون العلم بتطوره هو اللغة المستمرة التى سيظل العالم يتفهمها أبد الدهر بإيمانه أو بإلحاده، فعندما يرى الأجنبى دليلا علميا أقره القرآن منذ ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة قبل تطور وسائل البحث والاستكشاف العلمى فسوف يدفعه هذا إلى القرآن العربى، بل سيتعلم لغته لتفهم الحقائق العلمية فى القرآن.
لذلك أؤيد دعوة الرئيس بضرورة أن يطور الدعاة معارفهم وعلومهم ولا تقتصر على العلم الدينى فقط، فهذا فى صالح الدين وتطوير الدعوة، وتبقى فى النهاية تحيتى للإمام الأكبر شيخ الأزهر على غيرته على الإسلام وعلى ثوابته، وهذا واجبه أمام الله وأمام الوطن والبشرية كلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة