أكرم القصاص - علا الشافعي

زيارة وزير الخارجية البريطانى لطهران دعم للصفقة النووية أم دعوة للتخلى عن تعنتها؟.. جيريمى هانت يستلهم دبلوماسية "السجناء" التى تبناها ترامب للضغط على "الملالى".. والحكومة تحاول إنقاذ صورتها بالداخل عبر إيران

الأربعاء، 21 نوفمبر 2018 01:30 ص
زيارة وزير الخارجية البريطانى لطهران دعم للصفقة النووية أم دعوة للتخلى عن تعنتها؟.. جيريمى هانت يستلهم دبلوماسية "السجناء" التى تبناها ترامب للضغط على "الملالى".. والحكومة تحاول إنقاذ صورتها بالداخل عبر إيران دونالد ترامب
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى اعتبرت فيه إيران أن زيارة وزير الخارجية البريطانى جيريمى هانت إلى طهران، يوم الاثنين، بمثابة انتصارا على حساب الغريم الأمريكى، فى إطار الحرب الدبلوماسية التى تخوضها الدولة الفارسية مع الولايات المتحدة، على خلفية العقوبات التى أعلنتها إدارة ترامب على الحكومة الإيرانية، والتى دخلت حيز النفاذ فى وقت مبكر من هذا الشهر، إلا أن الزيارة حملت فى طياتها رسائل شديدة اللهجة للنظام الحاكم، ربما تستخدمها الحكومة البريطانية للتنصل من التزاماتها تجاه الاتفاق النووى الإيرانى، والذى يبدو بقاءه محل شك بعد الانسحاب الأمريكى منه فى شهر مايو الماضى.

ولعل الرسالة المعلنة من الزيارة البريطانية لطهران تتمثل فى التمسك بالصفقة النووية، والتى وقعتها بريطانيا بصحبة القوى الدولية الكبرى برعاية إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى يوليو 2015، إلا أن التمسك البريطانى يبدو مشروطا، حيث أثار هانت مسألة الدور المشبوه الذى تلعبه طهران فى منطقة الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة أن يتخلى "الملالى" عن دعمهم للميليشيات التى تعمل على زعزعة الاستقرار فى العديد من دول المنطقة، بالإضافة إلى حديثه عن قضية السجينة البريطانية نازنين زاجرى راتكليف، والتى اعتقلها النظام الإيرانى بتهمة التجسس، وهو ما يعكس محاولات بريطانية لزيادة الضغط المفروض على النظام الإيرانى فى المرحلة الراهنة، فى ظل المصاعب الاقتصادية التى تواجهها إيران جراء انهيار العملة والعقوبات الأمريكية.

 

دعم أم تحذير.. بريطانيا تكرر رسالة ترامب إلى طهران

إلا أن المفارقة الملفتة للانتباه هى أن الحديث البريطانى يبدو متطابقا مع الرؤية التى يتبناها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى يتبنى الدعوة لعقد اتفاق جديد مع طهران يقدم ضمانات من شأنها احتواء الدور الإيرانى فى المنطقة، والذى يساهم فى زعزعة الاستقرار فى المنطقة ويهدد المصالح الأمريكية بها، بالإضافة إلى تركيزه على قضية المواطنين الأمريكيين القابعين فى سجون طهران، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كان الهدف من الزيارة التى قام بها وزير الخارجية البريطانى هو تقديم الدعم للصفقة النووية الإيرانية أم أنها تقدم رسالة لطهران مفادها ضرورة الرضوخ للمطالب الأمريكية فى المرحلة الراهنة.

 

وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف يلتقى نظيره البريطانى
وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف يلتقى نظيره البريطانى

يبدو أن رسالة بريطانيا لطهران تحمل تحذيرا ضمنيا للنظام الحاكم ربما أكثر منه دعما للصفقة النووية التى تتمسك بها أوروبا نكاية فى إدارة ترامب، خاصة وأن الرئيس الأمريكى اتخذ القرار بالانسحاب من الاتفاق مع إيران بشكل أحادى الجانب، متجاهلا حلفائه الأوروبيين الذين سبق لهم التوقيع على الاتفاقية، وهو الأمر الذى ساهم فى توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وقطاع كبير من حلفائها فى أوروبا، بالإضافة إلى تزامنه مع القرارات التى اتخذتها إدارة ترامب بفرض تعريفات جمركية على الواردات القادمة من أوروبا إلى الأراضى الأمريكية.

 

دبلوماسية "السجناء".. هانت يستلهم النهج الأمريكى مع الخصوم

ولكن يبقى حديث هانت حول السجينة البريطانية القابعة فى السجون الإيرانية منذ سنوات بمثابة استلهام للدبلوماسية التى سبق وأن تبناها الرئيس الأمريكى فى التعامل مع خصومه، ومن بينهم طهران، حيث سبق للرئيس الأمريكى وأن وضع مسألة إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين من السجون الإيرانية كأحد الشروط الرئيسية للبدء فى المفاوضات مع النظام الإيرانى حول الاتفاقية التى يسعى الرئيس الأمريكى لإبرامها مع طهران، وبالتالى رفع العقوبات وإنهاء العزلة التى تعانيها الحكومة الإيرانية جؤاء تلك العقوبات، وهو الأمر الذى ترفضه طهران.

 

ترامب بعد توقيعه قرار الانسحاب من الاتفاقية النووية
ترامب بعد توقيعه قرار الانسحاب من الاتفاقية النووية

ويعد استخدام إدارة ترامب لما يمكننا تسميته بـ"دبلوماسية السجناء" ليس بالأمر الجديد تماما عليها فيما يتعلق بالأزمة الإيرانية، حيث سبق وأن تبناها فى حربه الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، قبل المفاوضات الناجحة التى أثمرت فى النهاية عن القمة التاريخية التى عقدها الرئيس الأمريكى مع نطيره الكورى الشمالى كيم جونج أون فى سنغافورة فى شهر يونيو الماضى، حيث ساهمت استجابة بيونج يانج للمطلب الأمريكى بالإفراج عن السجناء الأمريكيين على أراضيها فى تمهيد الطريق أمام التقدم الكبير الذى شهدته المفاوضات بين البلدين وبالتالى تطور العلاقة بصورة غير مسبوقة.

 

الداخل البريطانى.. حكومة ماى تحاول انقاذ صورتها

ولعل التركيز البريطانى على قضية السجناء البريطانيين فى إيران هو أحد القضايا الرئيسية التى تحمل صدى كبير فى الداخل البريطانى فى المرحلة الراهنة، فى ظل الوضع الصعب الذى تعانيه حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى المرحلة الراهنة، على خلفية المواجهة الشرسة التى تواجهها مع حزب العمال البريطانى، بسبب سياستها حول مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى، حيث كانت مسألة السجناء البريطانيين فى إيران أحد القضايا التى سبق وأن أثارها رئيس الحزب المعارض جيريمى كوربين، حيث سبق له وأن دعا إلى تقوية العلاقات مع طهران كوسيلة لدفعها لإطلاق سراح السجناء البريطانيين القابعين هناك.

السجينة البريطانية فى طهران كانت محل اهتمام هانت فى زيارته لطهران
السجينة البريطانية فى طهران كانت محل اهتمام هانت فى زيارته لطهران

ويعد كوربين هو أكثر البريطانيين دعما لعلاقات قوية مع إيران، حيث سبق لعدد من وسائل الإعلام الإيرانية استضافته، وهو الأمر الذى يثير الشكوك حول احتمالات تدخل إيرانى فى الانتخابات البريطانية القادمة، لدعم كفته على حساب رئيسة الوزراء الحالية، وبالتالى فإن الزيارة التى قام بها هانت إلى طهران تحمل فى طياتها رسائل أخرى تتعلق بالداخل البريطانى، فى ظل الترنح الذى تعانيه الحكومة الحالية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة