أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد محمد توفيق يكتب: مروان محسن وقرص "الحمصية" !!

الإثنين، 19 نوفمبر 2018 10:00 م
أحمد محمد توفيق يكتب: مروان محسن وقرص "الحمصية" !! أحمد محمد توفيق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يفرضُ "قرصُ الحمصية" نفسه كل عام على علبة حلاوة المولد، حيث يستقرُ بثقة وسط أصابع "الفولية" و"السمسمية" وجدائل "الملبن" وغيرها من أصناف الحلوى، يتباهى بكونه متفرداً عنهم فى تكوينه، باستدارته وجسمه الصلب وأقراص الحمص التى تتناثر فوق سطحه، دون أن يعبأ يوماً بتهافت الأيدى على أقرانه من الأصناف الأخرى، أو يشغله النظرات الرافضة له، المستهجنة لإصراره على التواجد في قلب علبة حلوى المولد في كل عام، رغم أنه دوماً ما يكون آخر المغادرين لها، بعد أن يمكث وحيداً لبعض الوقت عقب رحيل باقي أصناف الحلوى.

 

لا يجتهدُ "قرص الحمصية" بالبحث عن أدوات جديدة لتسويق ذاته، فلم يسع مثلاً لأن يتحول إلى شكلٍ مربع، أو يحد من صلابته، أو أن يأخذ الحمص المتناثر فوق سطحه شكلاً مغايراً، لربما اكتسب إعجاب البعض، فهو يبدو متكيفاً مع هيئته راضياً عنها.. وربما كان أقصى ما حاول فعله هو التسلل ليعلو باقي الأصناف ويتصدر العلبة، فكانت النتيجة إزاحة الأيدي له وتناول حلوى أخرى، وسقوطه في القاع ثانية، فلم يكن وجوده في المقدمة كافياً ليطرح نفسه كحلوى محببة.

 

 لا يستشعر "قرص الحمصية" الغيرة من أقرانه من أصناف حلوى المولد الأخرى، وغياب الغيرة ليس دوماً دليلاً على الثقة، بل ربما يعكس أحياناً شعوراً بالتبلد، فالإهمال الزائد يفقد كل دافع للمنافسة بل يخنق الرغبة في الحياة،والغريب أن "قرص الحمصية" لم يتسلل إلى نفسه يوماً الشعور باليأس، فلم يفكر في الانزواء، أو يخطط إلى تعمد الغياب في أحد الأعوام عن علبة حلوى المولد، لعل البعض يدرك قيمته، أو يستشعر الحنين له.

 

"قرص الحمصية" ليس مجرد حلوى، بل يشبه كثيراً من البشر حولنا، حيث يبدو أحياناً كموظف حكومي، لا يقدم للجهة التي يعمل بها أكثر من حضوره، فهو يفتقد إلى الكفاءة والفاعلية، ويرفض في الوقت ذاته فرص التدريب للارتقاء بأدائه، أو آخر يملك قدراتٍ لا تعرفُ جهة العمل كيف تسخرها لتحقيق أهدافها، فلا يجد من يشحذ هممه ويعيد في داخله الرغبة في البذل والعطاء، كما أرى "قرص الحمصية" كزوجين في خريف ركودٍ عاطفي، يستسلم كل منهما لشعور أنه يبذل ما بوسعه للقيام بواجباته ومنح الآخر حقوقه، يتجاهلان كون الحب ليس مجرد حقوق وواجبات، بل جذوة نارٍ تحتاج كلما هدأ لهيبها إلى من ما يعيدُ لها حرارة الاشتعال ولهفته، فكلاهما يقف فى انتظار خطوة يخطوها الآخر نحوه، دون أن يدركان أن الساكنان لا يلتقيان.

 

إذا كنت تنتظر أن يحين وقت الربط بين "مروان محسن" و "قرص الحمصية"، كما ورد في عنوان المقال، فأعتقد أن التشابه بات واضحاً، فكلاهما يصر على التزام المسافة الباهتة بين الحضور والغياب. الحضور وإن لم يرغب في ذلك أحد، حتى وإن كان حضوراً بطعم الغياب.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة