أكرم القصاص - علا الشافعي

داليا مجدى عبد الغنى تكتب: افعل ما عليك أولاً

السبت، 17 نوفمبر 2018 04:10 م
داليا مجدى عبد الغنى تكتب: افعل ما عليك أولاً داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من أصعب اللحظات التى تُواجه الإنسان إن لم تكن أصعبها على الإطلاق أن يشعر أنه مُحاصر من جميع الجهات، سواء كان حصارًا فكريًا، أو نفسيًا، أو عاطفيًا، أو اجتماعيًا، والغريب أنه أحيانًا يكون مُحاصرًا من كافة الأصعدة، فيشعر حينها أنه مُشوش ومضغوط، وعلى أهبة الدمار النفسى، لدرجة قد تصل به إلى مرحلة اليأس والاستسلام؛ لأن مقاومته تضعف، ويشعر أنه لا جدوى ولا طائل من مُحاولاته أو مُكابرته، فيرضخ للأمر الواقع، مُذْعِنًا به وله، لا سبيل إلى الهروب.

 

وهنا، لو ترك لفكره العنان للحظات، سيجد أنه لا ملجأ ولا مأوى ولا حل، سوى فى حالتين فقط، وكلاهما مُكملة للأخرى، الأولى وهى أن يفعل ما عليه، ولا ينظر لكل الحصار المُحيط به، والثانى أن يترك الأمر برُمته للمولى عز وجل، فهذا أفضل ألف مرة من أن يستسلم أو ييأس، فهذا هو الحل الوحيد، فلا مناص غيره.

 

فيُحْكى أنه فى يوم من الأيام، كان هناك غزالة حامل، وعندما اقتربت من موعد الوضع، ذهبت إلى مكان بعيد فى أطراف الغابة، بالقُرب من نهرٍ جارٍ، وهناك جاءتها علامات الولادة الأولى، وخلال ذلك بدأت السماء تُغَيِّم بشدة، وتعالت حولها أصوات الرعد، وضوء البرق المُرعب، الذى أدى إلى اشتعال بعض الأشجار؛ مما تسبب فى حريق هائل بالغاية.

 

نظرت الغزالة فى رُعب حوالها، فشاهدت صياد يقوم بوضع سهامه؛ استعدادًا لصيدها، وفى الجهة الأخرى أسد يجرى نحوها يريد أن يفترسها هى وجنينها الذى لم يأتِ بعد إلى الدنيا، لم تجد الغزالة مفرًا من هذا المأزق المُرعب، فإنها إما تصبح وجبه للأسد الجائع، أو تكون فريسة للصياد، أو تُحرق حية فى الغابة، أو تغرق فى مياه النهر.

 

فكرت الغزالة قليلاً، ثم قررت أن تفعل ما تقدر عليه لإنقاذ نفسها، وتُحاول لآخر نفس للنجاه بجنينها، قررت الغزالة أن تُركز فى ولادتها، وهذا هو الأمر الوحيد الذى فى يديها فعله الآن، وفجأة أعمى البرق الصياد، وخرج السهم الذى كان مُوجهًا إليها، فأصاب الأسد الجائع، ونزلت الأمطار بغزارة شديدة، أطفأت حريق الغابة. وهكذا، نجت الغزالة بسلام وأمان.

 

وهذه القصة تدل على أن من يشعر بالحصار التام، فما عليه سوى أن يفعل ما هو منُوط به، ويترك بقية الأمر للقدر، فهو كفيل بأن يحل الأزمة والعُقُدة برُمتها، فالاستسلام ليس بحل، وإنما الحل يكمن فى أن نفكر كيف نقوم بما فى وسعنا، فهناك أزمات لا يحلها سوى القدر؛ لأنه باختصار هو الذى وضع هذه التعقيدات، فهو الكفيل بأن يحلها، ولكن فى الواقع، القدر لا يتحرك إلا بعد أن نتحرك نحن بعمل ما علينا أولاً.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ابوياسين

داليا مجدي عبدالغني

احسنتي ،بشدة،فهذه المقالات كنت اقراهامن كتاب كبارمن زمن فات،فاحيائك مرة أخرى لهذه الصيغةالمبسطةالتي تلمس المشاعرالانسانيةوالعواطف،تزيدثقتنافي كتابنا،الشباب بالفكر المبادئ التي زرعتيهامن كتابتك،وحصدناهابقرائتنالها. بالتوفيق باذن الله⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة