لا يخفى على أحد الخلاف والاختلاف، بل والتأخر فى الوقوف على الأسباب الحقيقية للتطرف، فمن الناس من يرجعها لعوامل اجتماعية واقتصادية أو للمعارضة السياسية أو لعوامل عقائدية أو تعليمية، ومنهم من أراد أن ينجو ويفر من هذا الخلاف فقال هى كل هذه العوامل، والحقيقة أن هذه محركات وليست جذور أو أسباب، فهى محركات أو عوامل مساعدة.
لكن للأسف فإن الواقع يرفض أن تكون هذه العوامل الاجتماعية والاقتصادية والعقائدية وغيرها هى الأسباب لأنها عوامل يشترك فيها عدد كبير من المجتمع فلم يظهر عليهم جميعًا بوادر للتطرف ولا الإرهاب، فهناك فقراء يكرهون التطرف ولم يقعوا فيه، بل هناك أثرياء مصريين وعرب وأجانب ونجوم ومشاهير أصبحوا متطرفين.
وينطبق الحال كذلك على باقى العوامل العقائدية والتعليمية مثلًا فمناهج التعليم المتهمة بتنمية التطرف يتعلمها الملايين ولم يتطرف بسببها إلا العشرات، فهذا يحتم علينا الإقرار بأن هناك عوامل وجذور أخرى كالتربية الخاطئة للطفل منذ صغره.
وهذا محور وبند من رؤيتى فى علاج التطرف بالتنمية البشرية، وهذه الرؤية لم تبن فقط على نظرة علم النفس بل تكونت من خلال تجارب واعترافات ومذكرات كثير من المتطرفين والإرهابيين والحل هو اهتمام الأبوين والمربين بالتربية الصحيحة، والالتفات لخطورة بعض الصفات الخفية فالإقرار بصفة الانتقام من الآخر أو ضرورة فرض الرأى ووجهة النظر على الآخرين فى تربية الأطفال يرسخ لدية عقاب وازدراء المختلف معه دينيا وعقائديًا، وكذلك تعويد الطفل على ازدراء أخته بحكم أنه ولد وهى بنت وأنه أولى منها ببعض الأغراض والمزايا.
وكل هذا ينمى عنده ويرسخ أفكار خاطئة يسهل الاقتناع بها عندما يصبح شاب نتيجة المحركات التى سبق وأن أوضحناها ومن هذه الأفكار نكاح الجهاد أو ملك اليمين أو كونهم جوارى وهكذا .
فنحن نرى خطأ للأسف أن التربية السليمة فقط هى ألا يتعلم الطفل شرب الدخان أو معاكسة البنات، دون الالتفات لبعض الصفات الأخرى من تعويده أو الرضا منه بعدم احترام القامات الدينية والوطنية، أو ازدراء الغير من غير المسلمين أو ازدراء المرأة وغير ذلك فكل هذه الأخطاء التربوية تجعل منه شخصية غير سوية عند توافر العوامل المعروفة سواء سياسية، أو اجتماعية أو عقائدية أو اقتصادية، وهذه الشخصية الغير سوية قد تكون محورها الإرهاب أو الإجرام أو الإلحاد وغير ذلك.
والمستفاد من المقال أن التربية الخاطئة هى المكون الأساسى لجذور التطرف والإرهاب فكل من تربى تربية سوية مستحيل أن ينزلق فى براثن التطرف والإرهاب حتى لو وقع تحت ضغط صعوبات الحياة والمحن.