يوسف التلاوى يكتب: محكمة فريـدة

الثلاثاء، 09 أكتوبر 2018 10:00 م
يوسف التلاوى يكتب: محكمة فريـدة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تجلس فريدة مرتدية نظارتها الشمسية كى تحجب أشعة الشمس عنها، هذا ما تراه عينيك حينما تلمحها تجلس وحيدة على منضدة فى احدى المطاعم الشهيرة، انها ترتدى نظارتها الشمسية وهذه حقيقة ولكن كى تحجب أعين الناس عنها وليست أشعة الشمس، تجلس فريدة و تراقب الأناس من حولها، تارة تجد شاب وخطيبته يتضاحكون، وتارة اخرى ترى زوج و زوجته وهم يراقبون مستقبلهم فى عيون ابنائهم، ولأنها لم تجد من يؤنس وحدتها الموحشة، قررت فريدة أن تصمم لعبة فى خيالها كى تلعبها مع أصدقائها الجدد، انها "المحكمة".
 
فى هذه اللعبة ستلعب فريدة دور القاضى ومن حولها هم الجناة، البداية مع الشاب الذى يجلس مع خطيبته، ملابسه ليست متناسقة وخطيبته ايضا كذلك، يبدو عليهم مظاهر الفقر، كيف لأصحاب المطعم أن يسمحون لمثل هؤلاء الرعاع أن يدخلون الى مطعمهم، على أغلب الظن انهم ليسوا خطيبين، انهم منحرفين اخلاقيا هاربين من أعين مجتمعنا العادل العظيم كى يسرقوا لحظات من الحب المحرم ،انتظروا، لن اكمل لعبتى معكم كى لا يتدنس شرفى الرفيع أكثر من ذلك!
هذا الرجل الذى يجلس مع زوجته، انه خائن متزوج بأخرى ويحاول أن يخفى خيانته بالضحك واللعب مع ابنائه و زوجته المسكينة، لا انها ليست مسكينة، انها تعلم كل شىء عن خيانته وفى المقابل خانته مع صديقه، صديقه الذى يشاركه اعمال السرقة والرشوة داخل المؤسسة التى يعملون بها، ما هذا القبح الذى أراه، يا لها من لعبة لعينة !
لن أسكت، سأفضحهم امام الجميع .
 
خلعت فريدة نظارتها ووقفت فى وسط المطعم واخذت تصرخ، هذا سارق وهذه خائنة، اقتلوهم احرقوهم احياء حتى يكونوا عبرة لغيرهم، و أن كنتم  تسألوننى عن كيفية معرفتى بتفاصيل حياتهم، سأخبركم انى دخلت الى نواياهم، ورأيت ما فى قلوبهم، وعاشرتهم و حكمت عليهم واصدرت حكمى العادل واجب النفاذ، لقد حكمت باعدامهم.
 
انتهت فريدة من صراخها، و لم تجد من يجيبُها، لم يصرخوا فى وجهها من وصفتهم بأبشع الألفاظ، ليس لأنهم متسامحون، ولكنهم كانوا مشغولين بما هو أهم .
 
لقد تعرفوا عليها، انها الفنانة الشهيرة المعتزلة صاحبة شائعات الزواج والطلاق والسُكر والسرقة والسجن، صرخوا فى وجهها، من انتى كى تحكمى علينا وانتى موصومٌة بالعار؟ 
وهنا صرخت فريدة، ومن انتم كى تصدروا احكامك على؟ 
و من أين لكم أن تعرفوا كونى موصومٌة بالعار او بريئــةُ طاهرة من كل ذنب ؟
لقد قتلتمونى بنظراتكم الاف المرات دون رحمة، حكمتم على واصدرتم احكامكم دون السماح لى بالدفاع عن نفسى، دمرتم حياتى ليس لأنى مشهورةٌ ولكن لأنكم تعشقون الفضائح و تتغذون على اعراض البشر، وان كنتم تبررون لأنفسكم ما فعلتموه بى كونى فنانة واستحق الرجم ، فى الغد القريب ستجدون من يقسوا عليكم ويحاكمكم واصفـــا اياكم بأبشع الألفاظ، خالقين ألاف المبررات التى تبرئ ذمتهم من دماؤكم، مدعين انهم أصحاب الفضيلة و حراس الشرف والأمانة، برروا أخطائكم وكمموا افواه ضمائركم، و ارجموا كل خطاء يا من بلا خطايا .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة