كيف يمكن للأدب أن يمثل قوة دافعة لتحقيق العدالة؟.. صلاح فضل: بتجاوزنا للمفهوم المحدود.. سعيد الكفراوى: بمساءلة الحياة ولنا فى نجيب محفوظ أسوة حسنة.. وعزت القمحاوى: على المدى الطويل وإن لم يتناولها فى مجالاته

السبت، 06 أكتوبر 2018 08:00 م
كيف يمكن للأدب أن يمثل قوة دافعة لتحقيق العدالة؟.. صلاح فضل: بتجاوزنا للمفهوم المحدود.. سعيد الكفراوى: بمساءلة الحياة ولنا فى نجيب محفوظ أسوة حسنة.. وعزت القمحاوى: على المدى الطويل وإن لم يتناولها فى مجالاته الأدب والعدالة - سعيد الكفراوى - صلاح فضل - عزت القمحاوى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دائما ما نسمع أو نقرأ حول أثر الأدب على حياة الإنسان، وكيف يكون لهذا الأثر دور كبير فى تغيير شخصيته، على المستوى الإنسانى والفكرى، وتجعله واحدا من رموز الباحثين عن تحقيق العدالة والمساواة بين البشر.

تحت عنوان "الأدب من أجل العدالة" سوف تطلق المؤسسة الوطنية للكتاب، فى الولايات المتحدة الأمريكية، برنامج ثقافيا يتناول الأعمال الأدبية، التى تسهم فى هذا، وفى هذا السياق، استطلع اليوم السابع آراء عدد من رموز الأدب والثقافة فى مصر، حول كيفية مساهمة الأدب فى تحقيق العدالة.

الدكتور صلاح فضل
 

فى البداية قال الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": لا بد من التأمل فى مفهوم العدالة ذاتها لكى ندرك كيف يمكن للأدب أن يمثل قوة دافعة لتحقيقها على المستوى الإنسانى.

وأضاف صلاح فضل: فلو تجاوزنا عن المفهوم المحدود الضيق للعدالة، الذى يحصرها فى عمليات التقاضى وإعادة الحقوق إلى أصحابها، لكى ننطلق بالمفهوم إلى أفق أوسع وأرحب يشمل تساوى الأقدار والمصائر البشرية بتوزيع الوعى العميق بالحياة والإحساس القوى بالجمال والإدراك اليقظ لأسرار الوجود، لو اتسع مفهوم العدالة ليشمل المعرفة والثقافة وتذوق الجمال والاستمتاع بالفن وممارسة تجربة الحياة كأنها هدف إنسانى نبيل، لوجدنا أن أكبر ما يحقق هذا المفهوم العريض هو الأدب بمختلف أشكاله وتجلياته.

ورأى صلاح فضل أنه عندما يدعونا الشعر لكى نجدد دهشتنا أمام ظواهر الكون، ولكى تستيقظ فينا المشاعر الكامنة، ويمتد بصرنا إلى أكثر مما نرى، لندرك ما وراء المشاهد التى نراها، ويمتد سمعنا إلى أن نتجاوز ضيق الحياة لنلتقط لحن الكون فى هرمونيته وأنغام الوجود فى اتساقه، عندما يجدد الشعر إحساسنا بالحياة ويعيد لنا طزاجة الشعور بالدهشة وتجديد النظر لأنفسنا ولمن حولنا، فإنه بذلك يمنحنا قدرًا من عظمة الفن وجمال الوجود الذى كنا محرومين منه.

وقال صلاح فضل: أنا كقارئ أصبح فى موقف اتساوى فيه مع الشاعر فى قدرته على تجديد الرؤية وإدراك الجمال، هنا يحقق الشعر قدرًا من العدالة الكونية، عندما أقرأ رواية فتطيل عمرى، وهو بطبعه قصير ومحدود، لكى أتذوق تجربة النساء، التى حرمت منها باعتبارى رجلا، وتجربة المتخلفين معى فى الثقافة، وأماكن المعيشة والقدرات المتعددة للإنسان، لكى أعيش حيوات كل من يكتب عنهم الروائيون فأضاعف بذلك سنوات عمرى، تحقق الرواية بذلك عدالة فى توزيع الخبرة بالحياة من ناحية، وبالجمال من ناحية أخرى.

وأضاف صلاح فضل: عندما أشاهد المسرح فأخرج من قوقعة ذاتى المحدودة وأتأمل ذوات الآخرين وشخوصهم وردود أفعالهم وصراعاتهم وأرى أمامى دراما الحياة وهى تتجسد أمام عينى وأفهم أسرارها أو بعض أسرارها التى استعصت على، فأنا بذلك امتلك قدرا أعمق من الوعى ومن حب الجمال ومن فهم الحياة، أتساوى بهذا مع الموهوبين من المبدعين الذين أنشئوا هذه الفنون الأدبية من شعر ومسرح وقص ورواية.

وتابع "فضل": قبل كل هذا عندما أقرأ الأدب تمتد مساحة ملكيتى للغة ومعرفتى بطرائقها الفنية وأساليبها المختلفة فإذا كان أدبا قوميا تضاعف معرفتى بكنوزه اللغوية، وإذا كان أدبا مكتوبا بلغات أخرى أضفت إلى خبرتى اللغوية فى لغتى خبرة أخرى باللغات التى أقرأ بها، فأصبحت أعادل وأتساوى مع المثقف الإنجليزى الذى أقرا بلغته، أو الفرنسى الذى اطلع على إبداعاته، أو الإيطالى أو غيره.

وأضاف "فضل": ووراء كل ذلك، إذا كنت أملك طاقة تخيلية محدودة على قدر نصيبى من الوعى والثقافة فإننى عندما أقرأ الأدب بمختلف فنونه وأشكاله تتسع لدى نوافذ الرؤية على طاقات تخيلية إبداعية وعلمية وثقافية لم يكن لى عهد بها.

وختم صلاح فضل تصريحاته قائلا: بذلك، أكاد أتساوى مع عباقرة الخيال الإنسانى عندما أقرأ إبداعاتهم الإنسانية، أليس فى ذلك أرقى درجات العدالة بمفهومها العميق الذى أشرنا إليه.

القاص سعيد الكفراوى
 

أما القاص الكبير سعيد الكفراوى، فقال: إن الأدب ما وجد إلا لمساءلة ما يجرى فى الحياة، بمعنى طرح الأسئلة حول ما يجب أن يكون، وما يكون هذا على رأس اختياراته فكرة الحرية، الأدب لا يبحث عن إجابة، بقدر ما يبحث يعيش السؤال، وبالتالى هو فى أكثر مضامينه بحثا عما هو إنسانى جوهر اهتمامه هو الحرية، والعدالة.

وأشار سعيد الكفراوى إلى أن أهم نصوص الأدب وأقربها للخلود هى تلك التى اهتمت بتحقيق فكرة العدل، العدل للفرد، العدل للجماعة، العدل للأوطان، العدل بين الإنسان وسلطة الحكم، سواءً كانت عادلة أو قامعة، وتاريخ الأدب وجوهره يشهد لبعض النصوص والنماذج واختيارات الكتاب عند إرنست همينجوى (21 يوليو 1899 – 2 يوليو 1961) فى روايات عن الحرب والسلام، فرانس كافكا (3 يوليو 1883 – 3 يونيو 1924) فى محاولة خروجه من فردية مقموعة إلى عدل مفترض.

وأضاف "الكفراوى": وكذلك ليو تولستوى (9 سبتمبر 1828 – 20 نوفمبر 1910) وفيودور دوستويفسكى (11 نوفمبر 1821 – 9 فبراير 1881) وحتى وليم شكسبير (أبريل 1564 – أبريل 1616) كان فى مسرحياته باحثا عن العدل، إلى أن تأتى إلى كبير المقام الرائد نجيب محفوظ (11 ديسمبر 1911 – 30 أغسطس 2006) الذى انشغل فى جوهر أعماله باهتمامين، العدل، والمصير الإنسانى، وهو الذى جسد عدد من الفتوات يحملون الشماريخ ويخطون فى الحارات والزوايا والدروب منقسمين إلى قامعين وإلى ساعين لتحقيق العدل للحرافيش، العدل للغلابة، ويكفى أنه أنجز عمله الفذ "الحرافيش" فى هذا المعنى.

ورأى سعيد الكفراوى أن الأدب يظل عبر مسيرة الإنسان فى أهم نصوصه مشغولا بالقيمتين الخالدتين، تحقيق العدل للإنسان، وتحقيق الحرية له عبر مصيره فى الحياة الدنيا.

الكاتب عزت القمحاوى
 

أما الكاتب الكبير عزت القمحاوى، فقال إن الأدب والفن بصفة عامة يساهمان فى نشر الروح العامة للجمال، والإحساس بالجمال ذاته هو الذى يحدد السلوك الخير فيما بعد، ومن هذه المشاعر الإيجابية التى ينشرها الأدب، هو حس العدالة.

ورأى عزت القمحاوى، أن الأدب يسهم فى تحقيق العدالة حتى وإن كان العمل لا يتحدث عنها فى الأساس، وهذه الإسهامات تنبع من نشر مفهوم الجمال على المدى الطويل.

وأشار عزت القمحاوى إلى أن هناك روايات كانت واضحة فى عرض مفهومها للعدالة، وعاشت بفضل ما تناولته لا بفضل شىء آخر، فمثلا نذكر رواية "الجذور" للكاتب أليكس هايلى، وهى ملحمة عائلة أمريكية، قدم الكاتب من خلالها نبذ الفصل العنصرى فى أمريكا، ولدينا أيضا فى هذا السياق، الأدباء فى جنوب إفريقيا وإسهاماتهم فى القضية ذاتها.

وختم عزت القمحاوى تصريحاته بتأكيد على أن مساهمة الأدب فى تحقيق العدالة تبقى قائمة من خلال نشر قيم الجمال والفن حتى وإن كان لا يتحدث بشكل مباشر عن العدالة، إلا أنه فى جوهره فهو ينشر مفهومه على المدى الطويل، مثل الأعمال التى تناقش المصير الإنسانى وفى هذا لدينا نجيب محفوظ.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة