عصام شيحة

حدث فى جنيف.. «الاختفاء القسرى فى مصر»

السبت، 06 أكتوبر 2018 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كأمين عام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حضرت جانباً كبيراً من فعاليات الدورة رقم 39 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومقره جنيف التى استمرت أعمالها فى الفترة من الاثنين الموافق 10 إلى 28 سبتمبر 2018.
 
ولعل من المفيد أن أوجز فكرة سريعة عن «المجلس» وهو جهاز حكومى يضم 47 عضواً منتخباً من الجمعية العامة. وقد تأسس المجلس عام 2006 خلفاً للجنة حقوق الإنسان المنتهية ولايتها بتأسيس المجلس الذى يُعد سلطة أعلى فى هيكل الأمم المتحدة نظراً لتبعيته المباشرة للجمعية العامة وليس للمجلس الاجتماعى الاقتصادى كسابقته اللجنة، فيما يُعبر عن تصاعد الطموح الأممى بشأن دعم وتعزيز حقوق الإنسان.
 
وقد أعدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ملفاً تضمن «الاختفاء القسرى فى مصر» وعُقدت ندوة بشأنه فى الثانى عشر من سبتمبر، و«تعويض ضحايا الإرهاب فى مصر ومقاضاة الدول المسؤولة عن دعم ومتمويل الإرهاب» وعُقدت بشأنه ندوة فى الرابع عشر من سبتمبر، و«مأساة قبيلة الغفران القطرية وتبنى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قضيتهم» وكانت ندوتها فى الثامن عشر من سبتمبر.
 
وإلى جانب الندوات المتعلقة بملف المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، فقد حرصت على المشاركة فى أكبر قدر ممكن من فعاليات «الدورة 39»، وأود لو أن القارئ تعرف بإيجاز عن أعمال تلك الدورة، تأكيداً على نشر ثقافة حقوق الإنسان، وقد باتت قضية مركزية فى المجتمع الدولى المعاصر. وقد رأيت تخصيص هذا المقال عن أعمال ندوة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن «الاختفاء القسرى»، نظراً لشدة ارتباطها بالشأن الوطنى. على أن أتناول فى مقالات لاحقة بإذن الله، بقية فعاليات الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان. وبإيجاز أقول:
 
> يحلو للبعض توجيه الاتهام لمصر بممارسة «الاختفاء القسرى»، وباختصار فإن «الاختفاء القسرى» معناه: «الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أى شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدى موظفى الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو موافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفى أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون». وقد حرصت فى كلمتى على الإشارة إلى حالات «اختفاء» تبين أن المعنيين بها إما هاجروا بشكل غير شرعى، أو اشتركوا فى جماعات إرهابية كداعش وغيرها، وإما «اختفوا» لظروف أُسرية يتم اقتناصها لاستغلالها سياسياً.
 
> ثم أن الاختفاء القسرى»، مصطلح دولى ورد فى الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى الذى اعتمدته الأمم المتحدة فى قرارها 133/47 المؤرخ 18 ديسمبر 1992، ومن ثم صدور الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى التى صدرت فى ديسمبر 2006. وصحيح أن مصر ليست عضواً فى الاتفاقية، إلا أن الدستور المصري، ومن بعده القانون المصرى، تعرض لتلك الجريمة بطريقة غير مباشرة، وذكرت ما يلى:
 
> أولاً: فى الدستور المصرى:
- المادة «51» من الدستور تنص على أن «الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، ونلتزم الدولة باحترامها وحمايتها».
 
- المادة «54» تنص على أن «الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مُسبب يستلزمه التحقيق، ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تُقيد حريته، ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لك يكن له محام، نُدب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقررة فى القانون. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً. وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطى، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه، وفى جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مُنتدب».
 
- ولما كانت جريمة الاختفاء القسرى تقترن غالباً بجرائم أخرى، كجريمة التعذيب وإهانة كرامة ضحاياه والتنكيل بهم، فقد نصت المادة «55» من الدستور على أن «كل من يُقبض عليه، أو يُحبس، أو تُقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته ولا يحوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مُخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوى الإعاقة، ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون، وللمتهم حق الصمت، وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شىء مما تقدم، أو التهديد بشىء منه، يُهدر ولا يُعول عليه».
 
- المادة «59» تنص على أن «الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مُقيم على أراضيها».
ثانياً: فى قانون الإجراءات الجنائية:
 
- المادة «40» تنص على أن «لا يجوز القبض على أى إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً».
 
- المادة «42» تنص على أن «لا يجوز حبس إنسان إلا فى السجون المخصصة لذلك ولا يجوز لمأمورر أى سجن قبول أى إنسان فيه إلا بمقتضى أمر موقع عليه من السلطة المختصة، وألا يُبقيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر».
 
- أيضاً المادة «42» تنص على أن «لكل من أعضاء النيابة العامة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية والاستئنافية زيارة السجون العامة والمركزية الموجودة فى دائرة اختصاصهم، والتأكد من عدم وجود محبوسين بصفة غير قانونية، ولهم أن يطلعوا على دفاتر السجن وعلى أوامر القبض والحبس وأن يأخذوا صورة منها.....».
 
- المادة «43» تنص على أن «...... ولكل من علم بوجود محبوس بصفة غير قانونية، أو فى محل غير مخصص للحبس، أن يخطر أحد أعضاء النيابة العامة وعليه بمجرد علمه أن ينتقل فوراً إلى المحل الموجود به المحبوس بصفة غير قانونية، وأن يحرر محضراً بذلك».
 
ثالثاً: فى قانون العقوبات:
- المادة «280» تنص على أن «كل من قبض على أى شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التى تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتين جنيه».
 
وعلى هذا النحو يتبين أن روح اتفاقية «الاختفاء القسرى» حاضرة وبقوة فى الدستور والقوانين المصرى. غير أننا، ونحن نؤسس لدولة مدنية حديثة، لا أرى غضاضة فى أن تسن مصر تشريعاً خاصاً بالاختفاء القسرى، فمصر أقوى كثيراً من أن تخشى صغاراً يسعون إلى «مشاكستها» سياسياً بأمور أسستها مصر، كأول دولة مركزية فى التاريخ.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة