حمدى رزق

استقيموا سياحياً يرحمكم الله!

الجمعة، 26 أكتوبر 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدول الفقيرة التى تستدين لتوفر سبل الحياة الكريمة لفقراء شعبها، تقتصد، ترشد، تسد أبواب نزف العملة حتى تستقيم أمورها، مصر بلد فقير كما قال الرئيس، ولكنها تنفق أنفاق دولة نفطية، تخيل وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط توافق لشركات السياحة الدينية على 500 ألف تأشيرة عمرة لهذا العام، منها 100 ألف فى رمضان!
 
أحسبها بالورقة والقلم 500 ألف X خمسين ألف = 25000000000 ما يساوى 25 مليار جنيه هذا العام فقط، مع حساب فارق العملة الذى هو أصلاً ليس فى صالح الجنيه المصرى.
 
بعيدا جداً عن فريضة الحج المشروطة بالاستطاعة، هل هذا تصرف دولة تترجى الله فى قرض الصندوق بـ12 مليار دولار، هل هذا سياق دولة تتحنن على البنك الدولى فى برنامج مساعدات بـ3 مليارات دولار، وهل هذه حكومة رشيدة تبحث عن فوائض لبناء مستشفيات ومدارس؟
 
هل هذا قرار صائب من وزيرة تبحث عن سائح تائه فى الأسواق السياحية العالمية ليحط الرحال إلى مصر، وهل يقرها المهندس مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، على هذا القرار الذى ضغط لصدوره شركات السياحة ووكلائها المعتمدين ليحققوا ما عجزوا عن تحقيقه سياحيا، فبدلا من جلب السياحة إلى مصر، يشهلون المصريين على السعودية، ليس هناك أسهل من أن تخاطب العاطفة الدينية عند المصريين، وتلعب على أشواقهم لزيارة الحرمين الشريفيين، وتشغل لهم شريط الكحلاوى، «أنا جيت أزورك يا نبى وأقول مدد». 
 
 الحج وحكمه «مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، والحكومات السابقة قررت بين الحجة والحجة خمس سنوات، لأسباب لا علاقة لها بالإنفاق، ولكن باستطاعة المملكة استيعاب الأعداد الرهيبة المتشوقة للحج مصريا، لو فتحت باب الحج سنويا فى مصر لن تحتاج المملكة أن تستقبل حجيجا آخرين إلى البقاع المقدسة، الحجيج المصريون بالملايين وعلى أهبة الاستعداد لشد الرحال، ولكن الحكومات جميعا خشت تنظيم العمرة، الاستطاعة باجتهاد بسيط تنسحب من الحج إلى العمرة، ومن الاستطاعة الشخصية إلى الاستطاعة المجتمعية، ولكنهم لا يجتهدون.
 
الوزيرة التى ترضخ لضغوط وكلاء السياحة وتفتح باب العمرة مبكرا وطوال العام، وتنسى مسؤولياتها فى قلب حكومة تجتهد فى توفير رغيف العيش وحفنة الأنسولين، عليها أن تعتبر وتكف عن موالاة السياحة الدينية المصدرة، وأن تنظر مليا إلى جلب السياحة الأجنبية، هذه مهمتها الأولى ومسئوليتها الوزارية، الرئيس يحفى من أجل عودة السياحة الروسية والوزيرة بجرة قلم تصدر السياحة الدينية بأرقام لا تنطلى على حديث التقشف الاقتصادى.
 
اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع، طبعا سينفر وكلاء السياحة الدينية والعاملون عليها إلى فقهائهم المعتمدين سياحياً لتكفير من يتنادون إلى توقيف العمرة لأعوام تقدر بقدر الأزمة الاقتصادية، ويستحلون فى سبيل ذلك الآيات والأحاديث، لا نختلف عليها، ولكن نتفق على شرط الاستطاعة فلنحتكم لهذا الشرط الربانى أولا، هل نستطيع إنفاق 25 مليار جنيه سنويا على العمرة، إذا كنا فى استطاعة إن شاء الله يسافر إلى بلاد الحرمين بدلا من النصف مليون خمسة ملايين، ولكن فى وقت الشدة الاقتصادية ونقص الثمرات، ألا يستوجب اجتهادا دينيا يلجم هذا الإنفاق الرهيب.
 
وبمنطق برجماتى بحت، وطالما الوزيرة قررت، أفهم أن الشركة التى تضغط لنيل حصة من السياحة الدينية تقدم كشف حساب على جهودها الجبارة فى جلب السياحة الأجنبية، يستوجب ربط تأشيرات العمرة والحج بعوائد السياحة الأجنبية من يجلب أكثر يستحق أكثر، ولكن أن تتفرغ شركات السياحة لحصد التأشيرات اعتمادا على إلحاح المصريين على أداء المناسك فهذا لايستقيم، استقيموا سياحياً يرحمكم الله.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة