"زى الدهب والماس".. زهرة تحدث انهيارا ماليا فى أوروبا.. تعرف عليها

الثلاثاء، 02 أكتوبر 2018 11:17 م
"زى الدهب والماس".. زهرة تحدث انهيارا ماليا فى أوروبا.. تعرف عليها زهرة التوليب
كتب محمد رضا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا تنعم اقتصاديات الدول باستقرار لفترات طويلة، بل تشهد تغيرات كثيرة تأثرًا بحركة التجارة وسوق المال ونمو أو تراجع الاستثمارات وغيرها من العوامل، وكل الأمثلة السابقة هى أسباب منطقية للتأثير سلبًا أو إيجابًا فى حال اقتصادات الدول، ولكن الأمر يبدو غريبًا عندما يكون سبب كساد وتدهور اقتصادات وتكبد مستثمرين خسائر كبيرة هو "وردة" صغيرة يمكن شراؤها بسعر بخس – وإن كانت من أغلى أنواع الأزهار - مقارنة بما يتم تداوله من أموال فى الاستثمار.

جنون التوليب، أو كما يعرف أيضًا بـ"الهوس الخزامى"، هو اسم يشير إلى فقاعة اقتصادية كبيرة أتت تسميتها عندما تزايد الطلب على بَصَل زهرة التوليب، ما أدى إلى ارتفاع ثمنها إلى حد غير مسبوق، ثم انهار سعرها فجأة فى العصر الذهبى الهولندى، وتسبب ذلك فى أزمة اقتصادية فى القرن السابع عشر، وتحديدًا فى الفترة ما بين 1635 وعام 1637.

زهرة التوليب
زهرة التوليب

 

تاريخ الأزمة الاقتصادية بسبب زهرة التوليب

تاريخ الأزمة الاقتصادية لزهرة التوليب، يرجع إلى تعاظم شعبية تلك الزهرة فى هولندا، بعد أن تعرفت عليها أوروبا عن طريق الدولة العثمانية فى منتصف القرن 16، فكانت تلك الزهرة التى لم يعرف زراعتها سوى عدد محدود من الدول، نكبة على القارة العجوز وليست هدية تجلب الحظ والفأل الحسن، ومع انتشار التوليب زاد التنافس على امتلاك أكثر الأبصال ندرة، وتعاظمت المنافسة حتى وصلت الأسعار حدًا جنونية.

وتحولت زهرة التوليب فى تلك الفترة إلى موضوع تفاخر ورمز للرفعة والطبقات الأرستقراطية، حيث أن أصنافًا محددة من تلك الزهرة حملت أسماءً خاصة مميزة اشتق بعضها من أدميرالات البحرية الهولندية، ومع هذا الازدهار الذى شهده سوق "التوليب"، أصبح الحصول على بصلة واحدة فقط منها، يحتاج إلى 1000 فلورينة - وهى العملة المستخدمة آنذاك فى المنطقة – وما يؤكد أن ذلك الثمن باهظ للغاية أن متوسط الدخل السنوى للفرد - آنذاك - كان يعادل 150 فلورينة فقط، ولم يقتصر شراء التوليب بالعملات النقدية فحسب، بل تمت مقايضتها بالأراضى والمواشى والبيوت، حيث يزعم أن المتداول الجيد كان يحقق أرباحًا تصل إلى 60 ألف فلورينة فى الشهر الواحد.

 

التوليب تتسبب فى أزمة اقتصادية
التوليب تتسبب فى أزمة اقتصادية

 

جنون أسعار زهرة التوليب فى هولندا

وسجلت فى العام 1635 صفقة تم من خلالها تداول 40 بصلة مقابل 100.000 فلورينة، وبإجراء مقارنة بسيطة بين أسعار "التوليب" فى ذلك الزمان، وأسعار تداول السلع، نجد أن طناً من الزبدة كان لا يكلف سوى 100 فلورينة، أما 240 فلورينة فيمكنها شراء 8 خنازير سمينة، بينما سجل رقم قياسى ببيع بصلة شهيرة باسم "سمبر أوغسطين" مقابل 6.000 فلورينة.

والمبالغ التى كانت تدفع لشراء بصلة توليب واحدة كانت تعتبر كافية لإطعام وكساء وإسكان أسرة هولندية على مدار عقود، كما كان كافيا لشراء قصر عتيق يطل على بحيرة فى العاصمة "أمستردام"، وكانت المنازل وقتها أغلى من نظيرتها فى غالبية مدن العالم، ففى عام 1633، كانت تباع البصلة الواحدة من "التوليب" مقابل 5500 جيلدر، وفى الشهر الأول من عام 1637، قفز سعر الواحدة إلى 10 آلاف جيلدر.

 

فقاعة التوليب فى هولندا
فقاعة التوليب فى هولندا

 

المضاربة فى السوق المالى على أبصال التوليب

وحلول الكارثة الحقيقية لم يكن مع بداية تداول التوليب، ولكن مع حلول عام 1636 حينما دخلت "الأبصال" السوق المالى فى كثير من بلدات هولندا ليتم تداولها هناك، مما شجع كافة فئات المجتمع على الدخول بأموالهم أو بممتلكاتهم للمضاربة عليها، حيث أصبح يتاجر فى تلك الزهرة نجارين وحدادين ومزارعين وتجار وغيرهم.

وحقق بعض المضاربين أرباحًا ضخمة، وآخرون خسروا كل أو ما يزيد على ما كانوا يملكونه، حيث باع البعض أبصال التوليب التى زرعوها فور بدء الزراعة، وباع آخرون أبصال التوليب التى ينوون زراعتها، وكان ذلك فيما يشبه تداول العقود الآجلة، وقد وصفت هذه الظاهرة بأنها (قبض ريح) أو "تداول الهواء".

 

أزمة التوليب فى أوروبا
أزمة التوليب فى أوروبا

 

انفجار فقاعة "التوليب" فى هولندا

وفى فبراير من عام 1637، لم يعد متداولو البصل يحصلون على عروض شراء أعلى مقابل البصل، وهنا انفجرت "الفقاعة" الزائفة، وأخذ الشك يراود الناس بأن الطلب على بصل التوليب سيختفى، وهذا ولد ذعرًا، مما جعل أصحاب العقود الآجلة يحملون عقودًا لا يساوى سعرها عُشر ما نصت عليه العقود، وآخرون أصبحوا يمتلكون أبصالًا لا تساوى قيمتها التى دفعوها للحصول عليها، وهذا ما تسبب فى انهيار مالى لآلاف الهولنديين، بمن فيهم رجال الأعمال وأصحاب المناصب.

ورغم المحاولات التى بذلت فى ذلك الحين لتصحيح الوضع بما فيه مصلحة كل الأطراف، إلا أنها باءت بالفشل، ونتيجة لهذا الانهيار المالى أصيب بعض المواطنين فى هولندا بأمراض نفسية كالاكتئاب، لذا ظهرت مصطلحات مثل "جنون التوليب" و"حمى التوليب"، حتى تلاشت رغبة الهولنديين نحو الزهور بوجه عام حتى الأعمال الفنية التى تصورها.

ولم تكن هولندا الضحية الوحيدة لتلك الزهرة تركية الأصل، لكن فيروس "جنون التوليب"، أصاب دول أخرى فى أوروبا، ففى إنجلترا عام 1800 كان من الشائع أن تباع بصلة توليب واحدة بمبلغ يكفى حاجة عامل وعائلته من الطعام والشراب والملبس طوال 6 أشهر.

زهرة التوليب
زهرة التوليب

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة