أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إسماعيل المحروقى يكتب: الضرائب والوظائف والاستثمار

الجمعة، 19 أكتوبر 2018 02:00 م
أحمد إسماعيل المحروقى يكتب: الضرائب والوظائف والاستثمار مشروعات ـ أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تسببت ثورة 25 يناير فى إحداث حراك سياسى وشعبى كبير لم نشهده فى العصر الحديث، ويمكننا أن نقول إنه لا يوجد مواطن على أرض مصر عاصر فترة زمنية بها أحداث مثل ما نعيشه منذ ما يقارب من 8 سنوات.
 
ومن أكثر الموضوعات التى تشغل المواطن ولا يتوقف عن الحديث عنها هى (الضرائب التى تفرضها الدولة) – (كثرة البطالة وقلة الأعمال والوظائف) – (ماذا تفعل الدولة لجذب الاستثمار ).
 
هناك علاقة تربط الضرائب المفروضة على المواطن وكم الوظائف المتاحة وجذب المستثمر لضخ أمواله داخل البلاد وإقامة المشروعات الصغيرة من قبل المواطن.
 
فإذا تحدثنا عن الثلاثة أمور بقليل من الشرح فيمكن أن تتبين لنا الرؤية وربما تتضح لنا بعض الأمور.
 
أولاً: الضرائب
 
تعد الضرائب من أهم مصادر تمويل نفقات الحكومات على الخدمات العامة، والتى من المفترض أن يتمتع بها المواطن داخل دولته، مثل التعليم والصحة والطرق ودعم الطاقة والأمن وغيرها من الخدمات التى تقوم بها الحكومات لإشباع حاجات المواطن.
 
وبدون فرض وتحصيل الضرائب من المواطن لن تستطيع الدول الإقدام على أى عمل خدمى للمواطن، وبالطبع جودة وحجم الخدمات العامة التى تقدمها الحكومات لمواطنيها تختلف من دولة لأخرى، وذلك له أسبابة وهى، اختلاف عدد سكان كل دولة وحجم القوة الاقتصادية لها وأيضاً نسبة الفقر الموجودة بين كل شعب.
 
ففى الدول النامية كلما زاد عدد السكان زادت نسبة الفقر بين المواطنين بسبب محدودية الموارد الخاصة بالدولة، ومع الزيادة فى عدد السكان يقل نصيب الفرد فى كل شىء، وهنا تزيد نسبة الفقر بين المواطنين، وبالتالى يصبح حجم الأموال المحصلة من الضرائب أقل لقلة عدد المستحق عليهم ضرائب وزيادة عدد مستحقى الدعم لأنه من المفترض أن الفقير لا يحصل منه ضرائب لأنه لا يملك ما يدر علية الأموال، وأيضاً تهرب البعض ممن يستحق عليهم الضرائب ولجوء البعض للضغط على الدولة من أجل تخفيض الضرائب المستحقة عليهم، وهنا تزيد الأعباء على الدولة، حيث تصبح مضطرة للإنفاق على الخدمات العامة باستقطاع الأموال من بنود خدمية أخرى لها ميزانية محددة فى الموازنة العامة للدولة، ما ينعكس بالسلب على الخدمات الأخرى التى قلت نسبة الإنفاق عليها فتكون جودة الخدمة أقل ومع مرور الوقت تنهار الخدمة تماماً. 
وبالتالى يحدث عجز فى الموازنة العامة وهنا تضطر الدولة إلى اللجوء للقروض، سواء من البنوك أو عن طريق السندات والأذون الحكومية لسد العجز وبالتالى تزيد ديون الدولة بسبب التزامها بدفع أصل الدين، بالإضافة لفوائد تلك الديون فيزيد العجز فى الموازنة العامة للدولة.
 
وكل ما سبق يكون سببا فى تقديم خدمات أقل وبجودة أقل طبقاً لحجم الأموال الميسرة والتى تنفق منها الدولة على الخدمات العامة، وبالتالى يكون هناك اقتصاد أقل واستثمار أقل لعدم وجود خدمات عامة تقدمها الدولة لتوفير بيئة استثمارية نظيفة لجذب رؤوس الأموال.
 
 وبالتالى لن يدخل السوق أى مستثمر، حيث إن المستثمر لن يضع أمواله فى دولة فقيرة، ويترتب على ما سبق ضعف فى القوة الشرائية للعملة المحلية بسبب عدم وجود إنتاج.
 
ويدور فى ذهن الكثير منا سؤال، هو لماذا لا تقوم الدولة بطباعة الأموال وطرحها فى السوق عن طريق زيادة مرتبات الموظفين أو إنفاقها فى تمويل الخدمات العامة المقدمة للمواطن وأيضاً سد عجز الموازنة العامة للدولة بدلاً من فرض الضرائب على الشعب وزيادة الأعباء المعيشية عليه.
 
طباعة النقود فى علم الاقتصاد لها قواعد حاكمة وحدود ونسبة معينة يحددها البنك المركزى، وهى مرتبطة بحجم الإنتاج المحلى، ولا تستطيع الدولة أن تقوم بهذا الأمر كلما احتاجت لأموال، لأن طباعة النقود يترتب عليه عدة أمور أهمها زيادة نسبة السيولة النقدية فى السوق وفى يد الأفراد، وبالتالى سيزيد الطلب على السلع لتوافر النقود وبالتالى سترتفع معها الأسعار، وهنا تقل قيمة الورقة (العملة) ما يترتب عليه زيادة فى نسبة التضخم وينتج عن هذا خروج أصحاب المشروعات الصغيرة من المنافسة فى السوق لعدم قدرتهم على تحمل الخسائر التى ستلحق بهم وهروب رؤوس الأموال خارج البلاد ما يترتب عنه انهيار اقتصادى.. ذلك باختصار شديد.
 
ثانياً: الوظائف والاستثمار
 
هناك حلم يسيطر على عقول الكبير والصغير فى هذا البلد وهو (الوظيفة العامة)، فكل شاب يحلم بالتعيين فى إحدى الجهات الإدارية لما لها من مزايا وما تتمتع به من استقرار، ونجد فئات كثيرة تطالب الدولة بتوفير فرص عمل لها وأحياناً تتظاهر وتتجمهر وفى بعض الأحيان تختار هى الجهات التى ترغب التعيين فيها مثل قطاع البترول مثلاً أو القطاعات المصرفية.
 
فى الأصل أن الدولة غير ملزمة بتوفير فرص عمل لكل من يعيش على إقليمها ولكنها ملزمة بتوفير المناخ المناسب لزيادة فرص العمل، عن طريق جذب رؤوس الأموال وتيسير كل الأمور للمستثمر الأجنبى كى يضخ أمواله فى القطاعات المختلفة ويقوم بإقامة المشروعات التى توفر فرص العمل التى يحتاجها أبناء الوطن.
 
الدولة ملزمة أيضاً بتوفير المناخ المناسب للقطاع الخاص الوطنى كى يعمل بكل أمان ويسر، ما يترتب عليه توفير فرص عمل أكثر للشباب وزيادة الإنتاج وتخفيف عبء توفير السلع والخدمات للمواطن من على كاهل الدولة.
 
كما أن الدولة ملزمة بتوفير كل ما يلزم من تيسيرات وخدمات تساعد على خلق بيئة نظيفة لإقامة المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التى يقوم بها صغار المستثمرين.
 
فتوفير الدولة كل ما يلزم لإنجاح ما سبق ذكره يساهم بشكل كبير فى توفير الكثير من فرص العمل وبالتالى تقل نسبة البطالة ويترتب على ذلك زيادة فى الإنتاج المحلى وبالتالى يزيد الطلب على المنتج المحلى ما يساعد على زيادة القيمة الشرائية للعملة المحلية بسبب زيادة الإقبال عليها.
 
ونجاح الدولة فى توفير البيئة النظيفة للمستثمر الأجنبى يتطلب أمورا كثيرة من أهمها توفير الأمن، فبدون الأمن لن يدخل أى مستثمر للبلاد وهو ما تقوم عليه الدولة المصرية بشكل كبير، وأيضاً القضاء على (البيروقراطية الحكومية) التى كانت سبباً فى هلاك الدولة والمواطن لعقود طويلة . مع توفير كل ما يلزم المستثمر لإقامة مشروعاته، مثل الأرض والمرافق والإعفاء الضريبى لمدة معينة ما يسمح للمستثمر بتذوق ثمار مشروعة ويشجعه فى البقاء وزيادة أعماله، ويترتب على ذلك زيادة فى فرص العمل فى كافة الاتجاهات والتخصصات ويكون بدوره سبباً فى تقليل نسبة البطالة.
 
والدولة ملزمة أيضاً بتوفير ما يلزم لخلق المشروعات الصغيرة والتى يقوم بها المواطن وتساعده الدولة على الإبداع فى مشروعة ما ينتج عنه المساهمة فى زيادة الإنتاج المحلى وتقليل نسبة البطالة.
 
وينتج عن كل ما سبق زيادة فى نسبة الضرائب الموردة للدولة، سواء كانت من أصحاب رؤوس الأموال المستثمرين داخل القطر المصرى أو المواطنين أصحاب المشروعات الصغيرة، ما يكون سبباً فى زيادة الإنفاق الحكومى على الخدمات العامة السابق ذكرها وبالتالى يكون هناك خدمات عامة أفضل وينعكس بالإيجاب على المواطن بصفة عامة، سواء كان من دافعى الضرائب أو من مستحقى الدعم الحكومى.
 
وفى المقابل إذا رضخت الدولة للمطالب التى تتظاهر من أجل توفير فرص العمل الحكومى لكل خريج أو مواطن سيتسبب ذلك فى زيادة إنفاق الدولة على هؤلاء الموظفين أثناء ساعات العمل الرسمية، مع تحمل الدولة عبء دفع رواتبهم الشهرية دون أن يكون هناك أى إنتاج، حيث إن كل أعمال الدولة هى فى الأصل خدمية فقط وليست أعمالا تجارية تدر أرباحا، أما الأعمال التى تحصل الدولة من ورائها أموالا ففى الأصل هذه النقود ليست مقابل تقديم الخدمة وإنما هى (رسم للخدمة) و(رسم الخدمة) يختلف عن (مقابل الخدمة) فدور (الرسم) هو المساعدة فى الإنفاق على تلك الخدمة للحفاظ عليها واستمرار العمل فى المرفق الذى يقدم الخدمة العامة للمواطن وليس تحقيق الربح، ومن أمثلة ذلك مرفق مترو الأنفاق والسكة الحديد والمواصلات العامة وخلافه.
 
إذاً فإن فرض وتحصيل الضرائب وتوفير الوظائف والأعمال وخلق البيئة النظيفة المساعدة لنمو اقتصاد قوى هى ثلاثة أمور متصلة كلها ببعضها، ويجب على الدولة السعى لعمل توازن بين كافة الأمور مع توعية المواطن بطرق التعامل معها، فذلك التوازن أمر مهم وثقيل ولكنه ليس مستحيلا فهناك دول كثيرة بدأت ونجحت وعلينا الاستمرار فى العمل حتى نصل لما وصلوا إليه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة