كلما يمر الزمان وتتعاقب السنوات تتغير أمور الحياة وتتبدل الظروف والأحوال، وتأتى أجيالا وتذهب أجيالا وكلما تقدم العمر تبقى لنا ذكريات خالدة فى أذهاننا على مر الزمان فمن منا لا يتذكر منزله القديم، الذى عاش فيه طفولته وأصحابه الصغار الذى كان يلعب ويلهو معهم يوميا بجوار هذا المنزل، من منا لا يتذكر أول يوم ذهب فيه إلى المدرسة وأول طالب جلس بجواره داخل الفصل الدراسى أعتقد أن هذا الشخص سيظل عالقا فى الأذهان على مر السنوات، ومن منا لا يتذكر أجواء شهر رمضان الكريم فى المنطقة التى كان يسكن فيها وذكريات زينة رمضان التى كان يشترك فى تجهيزها جميع أفراد الشارع، وتجد أن الشارع كان يتزين فى صورة رائعة تعبر عن مدى التلاحم والتعاون وروح الود والمحبة التى كانت تسود بين الناس فى ذلك التوقيت، من منا لا يتذكر ذكريات أول عيد مر عليه وملابس العيد التى كان يتم تجهيزها قبل أول يوم وأول عيدية تحصل عليها من والده، هناك ذكريات عديدة مرت علينا يطول سردها.
لكن لماذا تغيرت وتبدلت الأمور عن ما كانت عليه فى الماضى؟
فى حقيقة الأمر على الصعيد العلمى نجد أن هذا التغير تغيرا طبيعيا نظرا للتطور التكنولجى الهائل الذى حدث من حولنا فى جميع أنحاء العالم، وأيضا على الصعيد الطبى مقبول جدا هذا التغير والتطور بشكل كبير لأنه فى صالح البشرية ويعمل على معالجة كثير من الأمراض المستعصية التى تسببت فى وفاة أعداد كبيرة من المواطنين فى الماضى، لكن غير المفهوم بالمرة هو التغير التربوى والسلوكى العام الذى طرأ على أفراد الشعب المصرى بجميع طوائفه وهذا ما يحتاج إلى بحث ودراسة عميقة والعمل على معالجة هذا الخلل الذى طرأ على حياتنا فى السنوات الماضية، فعلى سبيل المثال المدرسة لم تعد كما كانت فى الماضى فالعلاقة بين الطالب والمدرس تحولت من علاقة بين مدرس وطالبه داخل المدرسة تقوم على الاحترام الشديد للمدرس إلى علاقة صداقة وتقرب بين المدرس والطالب داخل المدرسة وخارجها بطريقة سمحت للطالب بأن يكون أكثر جرأة مع المدرس لأن كل الحواجز تم إزالتها ومعلوم لدينا جميعا أسباب ما يفعله بعض المعلمين بتقربهم من الطالب بغرض الدروس الخصوصية والتى تعد أحد أهم أسباب فشل المنظومة التعليمية هذا بعكس ما كان موجود فى الماضى فالمدرس كان له وضع وهيبة كبيرة ليس داخل المدرسة فقط، لكن خارجها أيضا وكان الطالب يهابه خارج المدرسة عندما يقابله فى الشارع أكثر من داخل المدرسة الآن نسمع ونقرأ كثيرا عن اعتداء بعض الطلاب على المدرس ومحاولة البطش به خارج جدران المدرسة وأحيانا داخلها ونجد أولياء الأمور يشجعون أولادهم بطريقة أو بأخرى على انتهاج هذا السلوك المشين، هذا مثال فقط لما كان يحدث فى الماضى وما يحدث الآن فى المجتمع المصرى والكثير من السلوكيات الخاطئة التى طرأت على الشعب المصرى والتى يطول سردها ولا أعرف سبب ذلك هل لظروف الحياة الصعبة التى طرأت علينا ولكنى أرى أننا لابد أن نتمسك بمبادئنا وألا نتخلى عنها مهما واجهنا من صعوبات فعلينا أن نعود إلى ماضينا ونتمسك بمبادئ الود والاحترام الذى كانت تسود بيننا وأن نبتعد عن هذه السلوكيات الغير أخلاقية التى طرأت علينا وتغلغلت داخل المجتمع المصرى.