فى أمسية جميلة جمعتنى بأصدقائى من أهل العقل والفكر تطرق الحوار عن الحدث الأهم على الساحة المصرية، وهو انتخابات رئاسة الجمهورية والمفاضلة بين المرشحين المحتملين، فكان حديثاً من القلب، فمجموع الحضور ينتمون بفكرهم لاتجاه واحد هو البحث عن الصالح العام للوطن تاركين الهوى النفسى خلف ظهورهم، فلا يبحثون عن مناصب إذا هم تملقوا ، ولا يحلمون بعطايا وهدايا إن هم نافقوا ، فكان حواراً بناءً لا تنقصه الصراحة والموضوعية ، ولكن صديقى أصر أن يبدأ بى على أساس أننى ( صاحب البيت ) وشيخ العرب كما يحب أن يناديني.
وهنا أجبرت على الحديث عن انتخابات الرئاسة التى تشهدها مصر حاليا وهذا الزخم السياسى وتلك الهوجة التى يتبناها علماء السياسة ( على الفيس بوك طبعاً ) وكأن سياسات الدول أصبحت تدار من أسفل ( البطاطين ) بسبب الشتاء القارس البرودة، فهذا يؤيد وذاك يعارض وهؤلاء يحقدون و أولائك يطبلون ويهللون ، فكيف لى أن أخوض فى هذا الخضم الذى تشوبه الأهواء لا العقلانية ، وكيف أدلو بدلوى مع من يرى فى نفسه أنه عالم بكل العلوم فهو السياسى والمهندس والطبيب والثورى . و..
قلت لصديقى لنكن صرحاء فلست من أهل التطبيل كما تعلم كما أننى بفضل الله عف اللسان فلست أيضاً من أهل السب والشتم ، فمصر لها طبيعة خاصة ويجب أن يكون من يحكمها ذو شخصية فريدة أيضاً، فعندما تسألنى عن الشخصيات المرشحة لهذا المنصب فليس لى تعقيب على شخصياتهم لسبب بسيط أننى لا اعرفهم عن قرب ولم أتعامل معهم حتى احكم على الجانب الشخصى ولكن ما يهمنى هو بعض الأمور التى تهم المواطن البسيط ومنظوره لرئيسه.
وسألت صديقى هل المرحلة تحتاج تغيير جذرى ( على أساس أن مصر رضينا أم أبينا يحكمها النظام الرئاسى ) حتى لو كان الدستور يقول بغير ذلك ؟ فالجميع يعلم أن المرحلة خطيرة ومصر مازالت تعانى عواقب الثورات المتلاحقة أى أنها مازالت فى ( الميوعة ) الثورية التى تستمر لسنوات، وخاصة أن المنطقة تموج بالفتن والحروب الأهلية ومصر ليست بمنأى عن الأحداث ، وتغيير رأس النظام فى هذه الفترة قد يكون فى غير الصالح العام للدولة المصرية.
وسألت صديقى هل لو أتى رئيس خلاف الرئيس ( عبد الفتاح السيسى ) سوف يكمل هذا الجديد ما بدأه الرئيس ؟ بالتأكيد ( لا ) فقد تعلمنا فى كتب التاريخ القديم والقريب والمعاصر أننا لم نجد مسئول وليس ( رئيس دولة ) قام بإتمام ما بدأه سابقه، ففى هذه الحالة تضيع على مصر كم المليارات التى تم ضخها فى هذا العمران الهائل الذى طال كل محافظات مصر تقريباً وخاصة فى البنية التحتية، ولا ينكر هذا الجهد إلا جاحداً أو حاقداً ، فقد تعودنا من المسئول أن يقوم بالهدم ثم البناء من جديد حتى لا ينسب لسابقه الفضل ويبقى فى ذاكرة التاريخ ومن ثم يؤثر فى شعبيته ( وهذا مرض متوارث منذ أيام الفراعنة ).
أما يا صديقى ما يخص تبادل الاتهامات فهذا أمر وارد فى معظم الديمقراطيات المتقدمة عنا ففيها ( وصلات الردح ) ، ولكن الفرق بيننا وبينهم أنهم ينتقدون سياسات وفشلها ونجاحها أما نحن وللأسف ( إلا من رحم ربى ) نقوم على تحويل الأمر إلى صراع شخصى ونخوض فى الأمور الشخصية، فلا تمييز بين الجانب الشخصى والجانب السياسى وهذا ما يؤكد قولى بأنه لا يكمل من يأتى بناء من سبقه لأنه لا يهتم بالجانب السياسى ومصلحة الدولة بقدر اهتمامه بالجانب الشخصى .
يا صديقى يجب أن نُعمل العقل قبل الاختيار فالأمور فى هذه الحالة لا تقاس بالأهواء الشخصية بل تقاس بالمصلحة العليا للوطن والسؤال الذى يجب أن يسأله كل شخص فينا لنفسه، هل هذا هو التوقيت المناسب لانتخاب رئيس جديد ليبدأ من جديد ؟ أم نترك الفرصة للرئيس الحالى ليكمل ما بدأه وخاصة أن الرجل فى صراع مع الزمن لبناء مصر من جديد فى شتى المجالات بداية من الإعمار والاهتمام بالبنية التحتية وصولاً لمكافحة الفساد والمفسدين حتى طال الوزراء والمحافظين فى سابقة لم تحدث من قبل.