ترامب بطل أزمات واشنطن وروسيا × 365 يوما.. توتر علاقات البلدين منذ يومه الأول بالبيت الأبيض.. اتهام موسكو بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية أشعل سباق غلق السفارات.. وصفعات متبادلة بفرض العقوبات وطرد الدبلوماسيين

الجمعة، 19 يناير 2018 07:00 م
ترامب بطل أزمات واشنطن وروسيا × 365 يوما.. توتر علاقات البلدين منذ يومه الأول بالبيت الأبيض.. اتهام موسكو بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية أشعل سباق غلق السفارات.. وصفعات متبادلة بفرض العقوبات وطرد الدبلوماسيين
كتب محمد رضا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"رئيس الأزمات"، لقب جدير برئيس الولايات المتحدة الـ45، فما أن وطأت قدما الرئيس دونالد ترامب، البيت الأبيض، فى 20 يناير الماضى، حتى تلاحقت الأزمات والاضطرابات على السياسة الأمريكية، داخليًا، وخارجيًا، وفى الوقت الذى كان يأمل فيه توطيد العلاقات مع نظيره الروسى، فلاديمير بوتين، جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وتوترت علاقات البلدين بشكل متزايد.

وتعيش واشنطن وموسكو، أكثر فترات توتر علاقات البلدين – منذ الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية - فى ظل حكم الرئيس الأمريكى ترامب، الذى لم يمر على عهده سوى 365 يومًا فقط، وجاء هذا الاضطراب على خلفية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التى وجهت بصددها واشنطن، الاتهامات إلى روسيا، بالتدخل فى اجراءاتها بما أثر على النتيجة لصالح الرئيس الحالى ترامب.

وخلقت تلك الأزمة بلبلة فى الأوساط السياسية الدولية، لما تم تداوله حولها من أنباء ومعلومات متضاربة، ما بين اتهامات لموسكو بالتورط والتواطؤ فى التأثير على نتيجة الانتخابات الأمريكية، وشهادات أخرى تبرئ ساحتها، الأمر الذى أدى إلى أزمة دبلوماسية نتج عنها طرد لدبلوماسيى البلدين، وإغلاق سفارتيهما والقنصليات فى أراضى كل منهما.

اتهامات أمريكية لروسيا بالتدخل فى انتخاباتها الرئاسية
 

وشهدت الأزمة الأمريكية الروسية، فصولًا عديدة، بدأت بتشكيل لجنة تحقيق خاصة فى واشنطن، برئاسة روبرت موللر، التى ساقت العديد من التقارير المؤيدة لتورط العديد من مستشارين للرئيس ترامب، فى اتصالات مع روسيا، سواء من كانوا ضمن فريقه الانتخابى، أو هؤلاء الذين جاءوا ضمن فريق مستشاريه داخل البيت الأبيض، ومن بينهم مايكل فلين، مستشار ترامب السابق للأمن القومى، وجورج بابادوبولوس، مستشار السياسة الخارجية فى الفريق الانتخابى، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه، وكذلك طالت الاتهامات بالتواصل مع الكرملين، الابن الأكبر لـ"ترامب"، جونيور، ومدير الحملة الانتخابية، بول منافورت.

وكان هناك أدلة اتهام أخرى موجهة إلى روسيا من قبل منصات التواصل الاجتماعى المختلفة، حيث كشفت شركة موقع "تويتر"، عن وجود 36 ألف حساب روسى بها، يحمل محتوى ذات صلة بانتخابات الرئاسة الأمريكية، التى اُجريت فى عام 2016، وأفادت شهادة القائم بأعمال المستشار القانونى العام لـ"تويتر" شون إدجيت، بأن الحسابات المذكورة تمثل 0.012% فقط من مجمل الحسابات، الموجودة على موقع تواصل اجتماعى "تويتر" فى فترة الانتخابات، ورغم ذلك إلا أن السفارة الروسية فى الولايات المتحدة، أعلنت أن شهادات ممثلى الشبكات الاجتماعية "تويتر" و"فيس بوك" و"جوجل" فى الكونجرس الأمريكى، أكدت عدم وجود أدلة على تدخل الدولة الروسية فى الانتخابات فى الولايات المتحدة.

شهادات أمريكية تبرئ روسيا من التدخل فى انتخابات الرئاسة
 

ورغم أن كل الأدلة التى ساقتها جهات التحقيق الأمريكية، تدين مستشارى ترامب، وروسيا، معًا فى التلاعب بالانتخابات الرئاسية، إلا أنه كان هناك شهادات أخرى أمريكية أيضًا تدحض تلك الإدانات، حيث كشف الملحن والمغنى الأمريكى، ريتشارد ملفيل هول، تفاصيل جديدة، أكد خلالها أن بعض ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، طلبوا منه نشر إشاعات حول وجود علاقات غير مقبولة بين الرئيس دونالد ترامب، وروسيا.

ونشر تلك المعلومات موقع "Pitchfork" الموسيقى الأمريكى، والذى ذكر أن هذا المغنى الذى يحمل الاسم المستعار "موبى"، كان قد نشر فى مواقع التواصل الاجتماعى بالإنترنت، فى فبراير 2017، تسجيلات زعم فيها بأن الملف الموجود عن ترامب، موثّق.

ويقول الموقع، إن موبى، أدلى بهذه التصريحات فى مقابلة مع محطة الإذاعة الموسيقية WFPK (تتخذ من كنتاكى مقرا لها)، ويؤكد موبى، أنه قبل عام تقريبا، التقى بأصدقاء يعملون فى أجهزة المخابرات الأمريكية، وكانوا خلال ذلك فى غاية القلق بسبب نشر ما يسمى بـ"ملف ترامب"، الذى يزعم بأن موسكو تملك مآخذ ملموسة ضد ترامب، وشدد هؤلاء على أن معلومات الملف، موثوقة.

ويقول موبى، إنه كان واثقا من صحة كل ذلك، مضيفًا "قدموا لى بعض المعلومات، وقالوا، لديك عدد كبير من المشتركين على الشبكات الاجتماعية، هل يمكنك نشر هذه المعلومات؟"، وبالفعل نشر موبى، فى فبراير 2017، سلسلة التسجيلات فى الشبكات الاجتماعية، نقلا عن أصدقاء فى واشنطن، وشدد على أنها موثوقة دون أن يقدم أى دليل على صحة ذلك.

حرب تقليص البعثات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو
 

وفى فصل أخر من فصول الأزمة، قررت الإدارة الأمريكية، فرض عقوبات جديدة على روسيا، بشأن مزاعم تدخلها فى الانتخابات الأمريكية، وفى المقابل قررت موسكو الرد بتخفيض التمثيل الدبلوماسى الأمريكى داخل أراضيها، حيث أمر الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بمغادرة 755 دبلوماسيًا أمريكيًا، الأراضى الروسية، ليصبح عدد البعثة الدبلوماسية الأمريكية فى روسيا 455 دبلوماسيًا فقط، ليس هذا فقط، بل وقررت السلطات الروسية أيضًا، مصادرة الأملاك الدبلوماسية الأمريكية.

وعقب الرد الروسى على واشنطن، فى شهر يوليو الماضى، قررت الإدارة الأمريكية، خلال الشهر الذى يليه – أغسطس 2017 - طلبت الولايات المتحدة من روسيا إغلاق قنصليتها فى سان فرانسيسكو وملحقيتين آخريين، وهو الأمر الذى طبق بشكل فعلى فى شهر سبتمبر 2017.

بوتين يصف اتهامات التدخل فى انتخابات أمريكا بـ"الأوهام"
 

وعلى ذات النغمة المؤدية إلى نفى الاتهامات الأمريكية لروسيا، كان هناك العديد من التصريحات للرئيس الروسى بوتين، حول الأزمة، وأخرها ما قاله خلال شهر نوفمبر الماضى، بأن اتهام بلاده بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية عبر التواصل مع فريق حملة دونالد ترامب، هى مجرد "أوهام" تحركها اعتبارات السياسة الداخلية الأمريكية.

وصرّح بوتين، بأن كل ما يتعلق بما يسمى الملف الروسى فى الولايات المتحدة هو انعكاس للنزاعات السياسية الداخلية المستمرة"، مضيفا أن المزاعم بأن ابنة اخته التقت مستشار ترامب السابق جورج بابادوبولوس هى "ضرب من الأوهام"، مضيفًا "لا أعرف شيئا عن ذلك، بالتأكيد لا شى".

ورغم حالة اللغط المحيطة بالأزمة الأمريكية الروسية، إا أن الكرملين يتعرض منذ أكثر من عام لاتهامات شتى تدلّ على الخوف الذى تثيره الأسلحة الجديدة بيد موسكو من قراصنة و"متصيدين" أو الرقابة على وسائل الإعلام، الأمر الذى جعل الاتهامات تتوالى على الدولة القيصرية.

روسيا تستخدم وسائل الإعلام الرسمية لنشر دعاية فى الخارج
 

 وبعد أن كانت المخاوف تتركز حول "القراصنة الروس"، الذين يعملون على ما يبدو لصالح الاستخبارات فى إطار حرب معلوماتية، باتت تدور حول التقارير المتلفزة والمقالات على الإنترنت والإعلانات السريعة الانتشار على شبكات التواصل الاجتماعى، التى تهدف إلى توضيح مواقف روسيا، وأيضًا إلى استغلال الثغرات والانقسامات فى الديمقراطيات الغربية.

والفصل الأخير من هذا المسلسل الذى يلقى بثقله على رئاسة ترامب، كان عندما اضطرت شبكة "روسيا اليوم" التلفزيونية الرسمية، والمتهمة بنشر دعاية الكرملين فى الخارج، إلى الرضوخ لمطالب واشنطن، وأن تتسجل على أنها "عميل أجنبى" فى الولايات المتحدة.

وقبل ذلك ببضعة أسابيع، قرر موقع "تويتر"، منع "روسيا اليوم"، ووكالة "سبوتنيك" الروسيتان، من بث مضامين ترعاها جهات أخرى، بينما تعهد كل من "جوجل" و"فيس بوك"، بالتصدى بشكل أكبر لما أسموه "الإعلام المضللّ" لموسكو.

خبير: موسكو تنفق أموالًا كثيرة على حرب المعلومات
 

 وفى المقابل، يندد الكرملين، بشدة بتلك الاتهامات، حيث يعتبرها اتهامات هستيرية وسخيفة ولا أساس لها، مؤكدًا أن هذه الاتهامات تستفيد من جو "معاد لروسيا" سائد حاليًا، كما أن موسكو تعتبر أنه لم يتم تقديم أى أدلة ملموسة على ذلك حتى الآن.

وفى هذا الصدد، يقول رئيس تحرير موقع "اجينتورا.رو" المتخصص فى شئون الاستخبارات، اندرى سولداتوف، لوكالة "فرانس برس"، إن روسيا تنفق أموالًا كثيرة على حرب المعلومات وتضيف إليها باستمرار عناصر فاعلين جدد، مؤكدًا أنها متقدمة على سواها من الدول.

ظهور مصنع "المتصيدين" فى سان بطرسبرج عام 2014
 

 وللتأصيل للتطور الروسى فى حرب المعلومات، نعود إلى العام 2014، حيث ظهرت أداة تأثير جديدة أكثر سرية على العيان فى وسائل الإعلام الروسية وهى "مصنع المتصيدين" فى سان بطرسبرج، وهذه الشركة اسمها الرسمى "شركة الأبحاث على الإنترنت"، وترتبط - بحسب الصحف - بالاستخبارات الروسية، وهى تغذى الآلاف من الحسابات الكاذبة على شبكات التواصل الاجتماعى على أمل التأثير على الرأى العام.

وتقول مصادر صحيفة "ار بى كاى" الاقتصادية، أن "المتصيدين"، كانوا يعملون فى البدء لغايات السياسة الداخلية، لكنهم انتقلوا اعتبارًا من العام 2015 إلى بث الخلافات فى الولايات المتحدة من خلال التنكر بأنهم من معسكر، ثم من المعسكر المضاد، وتنظيم تظاهرات أو بث معلومات كاذبة على الإنترنت.

خبير أمنى: "القراصنة" هم الأداة الأكثر سرية لدى الكرملين
 

 وفى السياق ذاته، كتب خبير الأمن والباحث فى معهد العلاقات الدولية فى براج، مارك جاليوتى، فى مقال، إن عمليات الكرملين خلال حملة الانتخابات الأمريكية لم تكن تهدف إلى تحديد من سيصل إلى البيت الأبيض، بل تسديد ضربة إلى شرعية الحكومة الأمريكية وإلى قدرتها على التدخل وإلى وحدتها.

ورغم الجهود التى تبذلها موسكو فى إطار حرب المعلومات، إلا أن قدرتها على التأثير والتحرك لا تزال محدودة، فقد شدد مسئولون أمريكيون، على أن المحتويات التى يتم بثها انطلاقا من روسيا والمبالغ التى انفقت خلال الحملة الانتخابية لا تشكل سوى جزء ضئيل من سيل المعلومات وإجمالى الميزانية، فعلى فيسبوك، انفقت روسيا أقل من 50 ألف دولار قبل الانتخابات، فى مقابل 81 مليونا لـ"هيلارى كلينتون" و"دونالد ترامب".

أما بالنسبة إلى القراصنة، وهم الأداة الأكثر سرية لدى الكرملين، فقد اتُهموا باستهداف الحزب الديمقراطى الأمريكى، وحركة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى فرنسا، ووكالة الأمن القومى الأمريكية، وحتى الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، إلا أن "سولداتوف"، يقول إن "قدرات الأمريكيين على صعيد الأمن المعلوماتى أكبر بكثير"، موضحًا أن روسيا تفضل الوسائل التى تتطلب موارد محدودة مثل سرقة كلمات السر.

كما يقلل الخبير فى شئون الاستخبارات، من أهمية النجاح الذى حققه الكرملين فى حرب المعلومات، إذ يقول أن الكرملين لم يستفد الكثير من هذه العمليات التى أحدثت ضجة أكبر من الفوائد لموسكو، مضيفًا أنه "يرى أن دولًا أخرى ربما ترغب فى المستقبل فى تطوير تقنيات مماثلة".









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة