يوسف التلاوى يكتب: عن الحب اتحدث

الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 10:00 ص
يوسف التلاوى يكتب: عن الحب اتحدث جنازة شهداء الكنيسة المرقسية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أتذكر هذا اليوم جيدا، كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء فى أحد الأماكن وكنا نتحدث كعادة الأصدقاء فى مواضيع كثيرة تافهة لا تمت لبعضها أو إلى الواقع بصلة، إلى أن قرر احد الأصدقاء أن يطرح سؤالا على الجميع، طلب من كل واحد أن يصف الحب من وجهة نظره .

الكل تبارى أن يصف الحب من وجهة نظره الفلسفية إلى أن جاء دورى، لم أتكلم وكأنى فقدت النطق، أعتقدت حينها انى لا أعرف الإجابة لأنى لم أعرف الحب، كنت محدود الرؤية لا أرى سوى الحب بين الرجل والمرأة، ولكنى وبعد فترة من التفكير قررت أن أتكلم و أخبرت أصدقائى أن الحب من وجهة نظرى "ضعف" .

اندهش الجميع وسألنى أحدهم عن سبب وصفى هذا، أخبرتهم أن الحب يجعل منك إنسانا ضعيفا أمام من تحب، يجعلك تخاف من أن يصدمك، ويجعلك تخاف عليه من أن يُصدم منك، الحب هو من يعلمنا الخوف، والخوف هو أساس كل ضعف.

تناقشنا كثيرا فى هذا اليوم، و لم نصل إلى توصيف مناسب وواضح لمعنى "الحب"، إلى أن جاء اليوم الذى غير من وجهة نظرى تماما !!

إنه العاشر من أبريل من عامنا هذا، فى اليوم السابق إلى هذا اليوم كانت قد حدثت حادثتى تفجير كنيسة مارجرجس فى طنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية وراح على إثرهما عدد كبير من الشهداء .

وفى صباح يومنا المنشود، وهو اليوم التالى للتفجيرات، كانت جنازة شهداء الكنيسة المرقسية بدير الشهيد مارمينا العجائبى بصحراء مريوط، كنت فى أحد الأماكن وكانت الجنازة تُبث على الهواء مباشرة، كان مشهدا مهيبا لحظة دخول النعوش واحدا تلو الآخر ومع كل نعش تنطلق الزغاريد وتتعالى أصوات التصفيق هنا وهناك، إلى أن جاءت الكاميرا على أم تتشح بالسواد وهى تطلق الزغاريد فور دخول أحد النعوش، زغاريد ممتزجة بالدموع جعلتنى اشعر بما لم أشعر به فى حياتى كلها .

إنه الحب القوى يا سادة، الحب الصادق الخالى من رواسب عالمنا الأرضى من حب امتلاك وأنانية وغيرة وخوف، إنه الحب الذى يجعل منك أقوى من كل شر، الحب الذى يجعلك أقوى من الموت نفسه، الحب الذى يجعلك تفرح من أجل من تحب دون النظر إلى ألم فقدانك له والذى سيصاحبك فى كل لحظة ومع كل عيد.


فى تلك اللحظة أدركت انى كنت على خطأ، وأدركت أيضا لماذا لا يٌشترى الحب، الحب الحقيقى أغلى وأقوى من أن يٌباع أو يٌشترى . وأن سر قوة الحب فى ضعفه، الحب هو القوة المولودة من رحم الضعف .







مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ايهاب

الحب الحقيقي

شكرا د يوسف مقال رائع ونرجو منك المزيد دائما

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة