حمدى شعبان يكتب : سكرة الحب

الخميس، 28 سبتمبر 2017 08:00 م
حمدى شعبان يكتب : سكرة الحب الحب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طقس الحب نصف غائم، هذه المقولة السحرية التى آمنا بها، لا أذكر متى سمعتها أول مرة ولا كيف آمنت بها أو قل كيف آمنّا بها أنا وهي، فى حالة الحب يحدث تواطؤ غريب بين المحبين تتلاقى أفكارهما.

كنتُ أصدق كل أكاذيبك، الجزء الغائم من طقس الحب، هناك جزء غائم أعنى ذلك الذى تغيب فيه الشمس التى ترى على ضوئها الأشياء كما يجب أن تكون، ترانى أجمل الرجال وأنا لستُ كذلك، هذا تأثير سكرة الحب التى تعتريك.

الظلُّ المسكر، خذينى مثلاً ما أن أراكِ حتى تأخذنى حالة السكر هذه، أبدو طيبا إلى حد البلاهة، تصورى لم أفكر يوماً أن أقول لكِ لا، مهما قلتِ لي، أنتِ كذلك أراكِ تترنحى عندما ترينى مجرد دخولك مجالي.

أنظرى إلى هذين اللذين يسيران معاً، هو فى كامل صحوه، لكن أنظر إليها إنها فى حالة انجذاب كامل يعيشان طقسين مختلفين تماماً.

 تقترب منى أكثر ونحن فى ذلك الظل الرفيع ننتظر الحافلة التى أصبحت تأتى فى أوقات متباعدة.

أحب هذا الانتظار معكِ . أنظر إليه كم يبدو سعيدا، لا يعنيه الحر ولا طول الانتظار بينما هى ضجرة متأففة.

الحياة أصبحت أكثر عنتاً، الفقر الذى يلون الوجوه، المعاناة التى وأدت البريق فى العيون، الرهق من مطاردة الأحلام الصغيرة بعد تنحّى الأحلام الكبيرة نهائياً، كنا قادرين رغم ذلك على العيش فى حالة فرح دائم.

تتصاعد رائحة البن، تأخذنى بعيداً، تجتمع حياتنا السابقة فى لحظة ذكرى مضغوطة، تنشّرها رائحة البن، دون أن ترفع رأسها:

 

هى سكرة الحب، الجزء الخمرى من الحياة، لن تجيبى على سؤالى أعرف ذلك، لن تقولى لى ما الذى جذبكِ إلى، سأتجاوزه إلى سؤال آخر : ما الذى جذبنى إليكِ، لماذا تنظرى إلى هكذا ؟ ألم تسألى نفسكِ هذا السؤال من قبل ؟ سأقول لكِ .

 توقّفت الحافلةُ انقضّ أكثر من مئة عليها، ابتسمت وأنا أراها جالسة فى مكانها، كيف تمكنت من ذلك، حجزت لى مكاناً بجانبها .

لا فرق بين البنت والولد إلا بهذا التصنع، والرقة الزائفة وأنا لا أحتاجها فقد دخلتَى طقسى ولن أفْلتك، تنظرى من شباك الحافلة:

أنظر إليها تقف متصنعةً الرقة، تريد أن تظهر أنها الأكثر رقة من بين بنات حواء، لو تأكدَتْ من حبى لها لما احتاجت لكل هذا العناء.

 يعجبنى فيها تجاوزها كثيراً من التفاصيل، لا تقف إلا عند العناوين الرئيسة فى الحياة ما يجعل فهما سهلاً جداً.

أذكر يوم رأيتها أول مرة وأنا أقدّم لها أوراقى طالباً وظيفة فى الجريدة التى تعمل بها:

يمكنك المرور بعد أسبوع.

رفضوا طلبك لن يوظفوك لستَ ممن يبحثون عنهم، الأمر يا عزيزى لا يتعلق بالمؤهلات وغيرها، يمكنك أن تأتى مرة ثانية، كما قلت لك لن يوظفوك، لكن يسعدنى أن أراك ثانية.

لم تثر دعوتها هذى اهتمامي، أخذت أوراقي، لا أدرى ماذا حدث لكننى وجدت نفسى بعد فترة فى مكتبها، ابتسمَتْ ابتسامةً فسيحة، بعد نصف ساعة كنا نجلس متقابلين فى ذلك المطعم الصغير من تلك التى انتشرت مؤخراً فى العاصمة لا يميز الواحد منها شيئاً عن غيره، الديكورات، نوع الوجبات المقدمة.

 • كنت متأكدة من أنك ستأتي، لن أقول لك لماذا الآن لكن سأقول لك لاحقاً.

تنقّر على المائدة دون توتر من ذلك الذى يعترى الفتيات فى اللقاء الأول عادة، تبدو كأنها خارجة من أحد أفلام الأبيض والأسود، ألوان ملابسها هادئة جداً، لا تضع طلاء ولا أصباغ، تحس أن صوتها يسبق حركة شفتيها.

قالت بثبات صدمني:

أحببت أن أراك ثانية، ربما أحببتك من أول نظرة كما يقولون.

نساؤنا يوارين مشاعرهن خلف صمت شاهق، تحدثت معى بمنتهى الطلاقة، لم تهتم كثيراً بتحفظي، قالت ما لديها، ودَعتنى بثقة إلى لقاء آخر بعد غد فى نفس المكان والموعد قالت لي:

لا تنسَ الموعد.

إلى لقاءٍ آخر مع موعدٍ ثاني







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة