قبل أن يرحل المستعمر اللئيم ويوهمنا أنه جمع ثعابينه، آثر أن يرسم حدوداً ملتهبة تحوى الكثير من بذور الشقاق وخلايا عضوية للفرقة وعدم الاتفاق، لم يترك دولة عربية إلا وقد بذر فيها مسامير جحا التى غالباً ما تثير النعرات الإثنية والقومية والطائفية وتكون بيئة مواتية لنمو موجات قلاقل وعدم استقرار.
ومن ضمن هذه البؤر وخمائر الفتن ومواقد لهيب حرق مستقبل المنطقة إخوتنا الكرد الذين مزقهم سكين المستعمر المحترف بين العراق وسوريا وإيران وتركيا ، بطريقة تعسفية خرائطية تعمل على تأجيج نزاعات الجيو إستراتيجية الأوسطية بكل إريحية خاصة فى أوقات الضعف والهزائم وتراجع قوة وهوية الدولة الوطنية المركزية فى النفوس، بحيث تجد أن سلامة الأراضى Territorial integrity لم تعد أمراً ذَا قداسة كما كان فى أزمنة قريبة وكذلك مفهوم Nation state الدولة القومية بات باهتاً محاطاً بالضبابية والغموض.
وجد مسعود بارازانى رئيس إقليم كردستان ضالته المنشودة ليحقق الحلم الكردى من خلال إستغلال الفوضى الشاملة التى تجتاح جغرافيتنا ناسياً أو متناسيا أنه يعيش فى جزيرة منعزلة ليس لها منفذ على البحر ولا منافذ برية إلا مع دول لن تسمح له بإقامة مايتطلع إليه لأنه يهددها ويزعزع إستقرارها ويفتح الشهية الكردية لإبتلاع مزيد من الأراضى فى تركيا وسوريا وإيران حيث تفرق الجغرافيا بحدودها المصطنعة خمسة وثلاثين مليوناً يطلبون دولةً تجمعهم وتحفظ قوميتهم.
بيد أن السؤال الآنى هو :كيف للحلم أن يتحقق وشرايين حياتهم وأوردة معيشتهم خارج حدود جسدهم الحبيس وفوق طاقتهم وقدراتهم فضلاً عن مواجهتم رفضاً إقليمياً ودولياً كبيرين.
أم أن المسألة لا تعدو أن تكون مراوغةً بارازانيةً لتقوية الموقف التفاوضى لقضم ثروات نفطية جديدة ، ومكاسب عديدة ليس منها ترسيم الحدود وضم المناطق المتنازع عليها فى ديالى ونينوى وصلاح الدين وإنما خلق شرعية جديدة للبقاء فى مقعد الحكم الوثير مستغلين كل المسامير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة