أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات

استفتاء كردستان تهديد لمن يعنيه الأمر

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل ساعات من بدء عملية الاستفتاء فى كردستان العراق على الانفصال، تحدث رئيس الإقليم مسعود برزانى مدافعا عن دعوته، ومما يثير الانتباه فى كلامه قوله: «المجتمع الدولى سيتقبل الأمر الواقع بعد صدور نتائج الاستفتاء، كما قبل سابقا بانتخابات عام 1992، وبتحول الإقليم إلى الفيدرالية».
 
ويفتح هذا المنطق الذى يراهن عليه «البرزانى» الباب أمامنا لتصورات كثيرة أبرزها، أن عدم انصياع الرئيس الكردى للضغوط الدولية والإقليمية لعدم إجراء الاستفتاء يعنى أنه حصل على تطمينات سرية مؤثرة، خاصة من أمريكا، ويبدو أن ترحيب إسرائيل وحدها من بين دول العالم بالاستفتاء، وتأييدها علانية لقيام دولة كردستان هو دليل حى على تلك التطمينات الأمريكية السرية، صحيح أن الإدارة الأمريكية طالبت بتأجيل الاستفتاء، لكن بكل يقين فإن البرزانى لو شعر بجدية هذا المطلب لعمل له ألف حساب، خاصة أنه كان سيجر معه مواقف إقليمية تؤيده.
 
الموقف الأمريكى الذى لم يغلق الباب أمام الاستفتاء، يمكن قراءته على أكثر من جانب له علاقة بإيران وتركيا وسوريا والترتيبات الإقليمية للمنطقة لمرحلة ما بعد داعش، فأمريكا ومعها إسرائيل استخدما أوراقا كثيرة فى السنوات الماضية ضد إيران، غير أن جميع هذه الأوراق لم تؤدِ إلى تحقيق طموحهما الكامل، بل إن النفوذ الإيرانى تمدد فى المنطقة أمام ضعف عربى يتزايد يوما بعد يوم، كما أنه يقترب من تحقيق نصر فى سوريا بالهزائم المتتالية لداعش وجماعات الإرهاب الأخرى.
 
فى هذا السياق، فإن أمريكا تلعب لعبتها بإحياء الورقة الكردية فى وجه المشروع الإيرانى، حيث يوجد حوالى سبعة ونصف مليون كردى إيرانى، وهناك محاولات سابقة لهم للانفصال أشهرها قيام «جمهورية «مهاباد» عام 1946 التى لم تستمر أكثر من سنة واحدة وتم سحقها بالكامل، وبطبيعة الحال فإن انفصال كردستان العراق سينتقل بالعدوى إلى كردستان إيران، مما يعزز لدى أمريكا وإسرائيل اللعب بهذه الورقة بعد فشل الأوراق السابقة فى تحقيق ما يطمحان إليه كاملا.
 
الورقة الكردية واستخدامها من إسرائيل وأمريكا كورقة ضغط على إيران، هى أيضا نفس الورقة التى تهدد تركيا، وهو الأمر الذى دفع قيادة البلدين إلى التوحد فى الرأى القاطع برفض الاستفتاء، ولا يعنى ذلك أن نظرة الغرب واحدة إلى إيران وتركيا، فأنقرة عضو فى حلف الأطلنطى، وعلاقتها مميزة مع إسرائيل.
 
اللافت فى هذا المشهد هو الموقف العربى من الاستفتاء وما يترتب عليه، فهو يتراوح بين رفض البعض، وصمت البعض، وسبب الصمت هو تصورات تم طرحها علانية فى الأيام الماضية، وتذهب إلى أن الورقة الكردية طالما ستؤدى إلى التأثير سلبا على إيران بدرجة تهدد أمنها، فليمضِ الشوط إلى آخره حتى تقع الهزيمة الكاملة بالمشروع الإيرانى وأذرعه الخارجية.
 
هذا التصور يعبر عن عجز عربى، فهو يرتمى فى أحضان الذين يرسمون مستقبل هذه المنطقة وفقا لتصوراتهم المضادة تماما لمصالحنا، وفى هذا يتم المقامرة بالحدود العربية التى استقرت فى أعقاب الحرب العالمية الأولى.
 
ويبقى القول بأن جدية تعامل إيران وتركيا والعراق مع مرحلة ما بعد الاستفتاء، واستخدامهم لكل أوراق الضغط التى بحوزتهم، هو الذى سيحدد رهان «البرزانى»، على أن المجتمع الدولى سيسلم بالأمر الواقع أم لا؟ خاصة أن المجتمع الدولى بأقطابه المؤثرين لا ينظر إلى الأمر على قاعدة حقوق الإنسان، أو قاعدة حق تقرير المصير، وإنما على قاعدة المصالح.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة