عمرو ابو العطا يكتب: رحلة سفر

الجمعة، 15 سبتمبر 2017 12:00 ص
عمرو ابو العطا يكتب: رحلة سفر سفر بالقطار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الأوراق وأغراض أخرى منتشرة على الأرض فى فوضى عارمة وكأن قنبلة أُلقيتْ فى الغرفة.. وقفتُ وأنا أحك فروة رأسى ناظرا حولى مفكرا فى الطريقة المثلى لتنظيف الغرفة بأقل جهد، بدأت أجمع الأوراق من على الأرض، فوقعت عينى على تذكرة سفر من بين الأوراق، شعرتُ بالبرودة وهى تتسلل إلى جميع أطرافى، وبخفقات قلبى تتزايد عندما قرأت التاريخ المدون على التذكرة، أنه تاريخ سفرى ورحيلى إلى الغربة، جلستُ على طرف السرير وأنا أمسح العرق الذى تندى على جبينى، أغمضت عينى وسحبت الهواء إلى رئتى فى نفس عميق، فصدرى مزدحم بكثير من المشاعر ما بين اشتياق، وفقد، ووجع، وحزن، وحيرة وأسئلة لا تغادر رأسى.

وتذكرت : كانت الساعة تشير إلى الخامسة عصرا.. فقد حان الموعد للذهاب إلى المطار.. كنت طوال اليوم تزعجنى بعض الأفكار التى أتخيلها عن السفر والغربة.. أفكر فى أمنياتى التى ما تحققت أبدا.. وكثرة الازدحام فى رأسى.. ولكن أعلم جيدا أن أحلامى من حقى ويوما ستحقق.. انتهت الأيام الدافئة فى أحضان العائلة والوطن.. لملمت أغراضى داخل حقيبة.. وأصبحت جاهزا للسفر.. ابتسم أبى ولكن ابتسامته كانت خافتة، وعيناه حزينتين، وظهر على أمى الانفعال والضيق، كانت الشمس قد قاربت على الرحيل ناثرة وراءها لون الشفق المحمر، وبعض السحب المعلقة بالسماء، والجو هادئٌ وجميلٌ نسمة هواء خفيفة تنتقل عبر نافذة السيارة

سلكت طريقى إلى ساحة الوداع واللقاء.. أرض الدموع باختلافها.. إلى المطار.. المكان الذى يتشابه فيه الناس.. تلتقى فيه العيون.. تبرق فيه دمعة أمل بلقاء أخر.. وبين فراق الأحبة.. وأحتضان دقات قلبى.. والصراع بداخلى بين الأمل واليأس.. الخوف والتحدى.. يدوى فى المكان صدى صوت النداء الأخير للمسافر على متن الطائرة.

رفعتُ رأسى قليلً وقد تذكرتُ شيئًا، نظرتُ إلى الدولاب الخشبى الموجود فى أحد أركان الغرفة وأخرجت منه دفترا، دونتُ تاريخ اليوم والساعة، ثم قفلته ووضعته بمكانه... اشتريت ذلك الدفتر منذ زمن؛ لأدون به خواطرى ومشاعرى، سأكتب كل شيء به، سأجعله توثيقًا لفترة غربتى فبداخلى الكثير من المشاعر، ودونتُ ملحوظة صغيرة مفادها.. أنا مؤمن أن الفصول الأربعة، ستظل دومًا أربعة، وبأن شمسًا واحدة، وبأن قمرا واحدًا، لكننى حين اغتربت عن وطنى أكتشفت، أن كل الأمور تغيرت، فأضفت قمرا غريب، وأضفت شمسًا ثانية، وأضفت فصلاً خامسًا، وهو فصل للغربة. ما أصعبه.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة