د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب: المكاسب الزائلة

الخميس، 14 سبتمبر 2017 04:00 م
د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب: المكاسب الزائلة داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أحيانُا يتباهى الإنسان بأشياء تبدو فى عينيه ثمينة القيمة، فى حين أنها قد تكون سبب هلاكه، وقد يحتقر أشياء يظنها بلا قيمة، فى حين أنها قد يكون فيها نجاته، وإنقاذ حياته.

فهل ننكر أن هناك أشخاصا قد ينبهرون بإعجاب بعض النساء أو الفتيات بهم، ويتفاخرون بذلك، فى حين أنهم يعلمون كل العلم أن هذا الإعجاب مجرد وهم بداخلهم فقط، أو أنه إعجاب له دوافع لا تمت للعاطفة بشيء، رغم أن هذا الرجل يستهين فى ذات الوقت بحب وإعجاب أقرب إنسانة إليه، ويمعن فى الاستهتار بها، بالرغم من أنها تفوق من يتباهى بإعجابهن جمالاً ونجاحًا، فيتسبب بتصرفاته هذه فى خسارتها، ثم يكتشف أن من كان يظن أنه محط إعجابهن، لا يفكرون فيه من الأساس، فهو يشترى الوهم بالحقيقة، والغث بالسمين، وكذلك من يستمتع بجلسات السمر مع المنافقين والمتملقين، ويؤثرها على التواجد مع من يمنحونه قمة الصدق والإخلاص، فيخسر المخلصين والمحبين، وبالتدريج يخسر كذلك المنافقين، عندما تنتهى المصالح.

فللأسف، أحيانًا ينظر الإنسان للأمور نظرة قاصرة، تؤكد أن العمر والخبرة والتجارب لم تُثقله، فيظل يبحث عن الشكليات الزائلة، ويترك أجمل النعم الموهوبة له، ولا يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان.

وهذا يذكرنى بقصة لحيوان يُدعى" الأيل "، وهو يشبه إلى حد بعيد الغزال، فقد شعر فى ذات يوم بالحر الشديد، فنزل إلى جدول ماء ليشرب، فرأى ظله منعكسًا فى الماء، فأعجبه شكل قرونه، لكن حزن عندما رأى قدميه النحيفتين، وبينما كان يتأمل فى جسمه، إذ بأسد يحاول الانقضاض عليه، ففر "الأيل" بسرعة واختفى، فابتسم قائلا : "لولا قدماى النحيفتان والرشيقتان، لما نجوت من مخالب الأسد"، ثم تابع سيره ودخل إلى غابة كثيفة ليأمن من الوحوش، فعلقت قرونه الكبيرة والمشبكة بين أغصان الأشجار، فحاول الخلاص، فلم يستطع، فإذا بالأسد ينقض عليه ويبدأ بافتراسه.

عندها همس "الأيل" بيأس شديد وهو بين براثن الأسد، وقال: "الويل لى، كيف خدعت نفسى، احتقرت القدمين، فأنقذتانى، وافتخرت بالقرون، فأهلكتني".

وللأسف، هذا ما يفعله الإنسان، يسترخص أجمل وأغلى ما فيه ولديه، ويتفاخر بأشياء لا قيمة لها، أو قيمتها مرتبطة بفترة أو لحظة معينة، وإذا بالأسد أو بمعنى أدق بالزمن يُكشر عن أنيابه ويأتى ليفترسه، ويفترس عمره، فيكتشف أنه خسر النعم التى كانت ستمنحه الحياة وقت الألم والخطر، وأن ما كان يتباهى به أصبح كالسراب، لا وجود له وقت الاحتياج الحقيقى.

ولن أقول لمن يتفاخر بلا شيء، ويستهتر بأغلى شيء، سوى: "مبروك على المكاسب الزائلة".

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة