د.فاطمة الصعيدى تكتب: تحيا مصر

الأحد، 06 أغسطس 2017 06:00 م
د.فاطمة الصعيدى تكتب: تحيا مصر مكتبة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 "تحيا جمهورية مصر العربية"، هذه كلمات تحية العلم الذى كنا نعظم له سلامًا بأن يرفع الأولاد الذكور أيديهم تحيةً، والبنات يضعن أيديهن فوق الصدور تحيةً، تعلو الحناجر، تشق الأصوات الفضاء المحيط بفناء المدرسة.

يتبادر إلى ذهنى مجموعة من الأسئلة: لماذا تحيا مصر؟ متى تحيا مصر؟ كيف تحيا مصر؟ وتكون الإجابة:

تحيا مصر لأنها الوطن الذى إليه ننتمي، هو محل سعادتنا. ألمح بعض النظرات مستاءة لما أقول! أين تلك السعادة؟

تحيا مصر عندما يبدأ كل منا بأداء دوره فى هذه الحياة دون تأجيل ودون انتظار المقابل لهذا الأداء.

تحيا مصر بالبناء والعمران والتمدن والحضارة، ولكى يكون هذه الوطن محل سعادتنا علينا أن نبنيه بالحرية والفكر والمصنع.

لماذا البناء؟ لأنه أصل الحضارة.. فبناء المدن يجعل مصر عامرة زاهرة، لكن بناء الإنسان لابد أن يأتى أولًا كى يحافظ على هذه الحضارة الراسخة.

عندما كنا ننتمى كانت حناجرنا تشق السحاب بتحيا مصر، فعندما يمتلئ الفكر والوجدان يكون اليقين بضرورة أن تحيا مصر. عندما نرى أن لا أرض غيرها تسعنا لابد أن تحيا مصر.. تحيا لأنها جديرة أن تحيا، فحضارتها راسخة وإنسانها هذب النيل ووضع مقاييسه.. تحيا لأنها تجمع فى نسيجها البدوى والحضرى والريفى والمدني، فهى تضع قدمًا فى الماء وأخرى فى الصحراء، وثالثة فى سهل طيب هو وادى النيل، تنتمى إلى افريقيا وتتصل بآسيا، هى عربية، افريقية، متوسطية، متدينة، إلى أرضها سعى الأنبياء.

الثقافة هى مفتاح الحياة المتحققة، إذا أردت أن تنشر سعادة فى أى مجتمع عليك أن تيسر له تعليمًا جيدًا حقيقيًا، وتحقق له المستوى الصحي، إذ هناك بوابتان لجودة الحياة لأى مجتمع، هما: الصحة والتعليم. لن أتفلسف كثيرًا ولن أقوم بالتنظير، فهذا لن يجدي.

الثقافة أولًا، إذا أردت أن تنشر قيمًا أو تدعو لدنيا جديدة فالثقافة والمعرفة هى البوابة التى تزيل اللثام عن العقول. أن نقرأ وبالتالى تتحقق لنا حيوات كثيرة، فإذا انتشرت ثقافة النظافة مرتبطة بالتطبيق فثق أن المجتمع سيصبح نظيفًا. كنا نردد مقولات تحث على النظام والنظافة والعمل والاتحاد، ولكنا أبعد عن ذلك. لماذا؟ لأن الكلمات تبقى معلقةً بالشفاة دون أدنى تأثير.. لأننا نروجها دون يقين فى جدواها.

لماذا اختفى مهرجان القراءة للجميع؟ لماذا تقلص دور قصور الثقافة؟ لماذا لا يحضر الندوات أو حفلات التوقيع سوى المدعوين – أقارب المحتفى به -؟ لماذا اختفت حصة المكتبة من المدارس والقراءة الحرة أيضًا؟ لماذا نجد اليوم مكتبات متخصصة فى عمل الأبحاث للطلاب؟ أين حصة الموسيقى؟

الإنسان المثقف يحمل فى ذهنه آفاقًا واسعة تتقبل ثقافة الاختلاف، يرى الإنسان خلالها الحياة بوجهها الكثيرة دون إنكار لوجه وإثبات لآخر. كنت أعيشُ فى قرية صغيرة فى وسط الدلتا لكننى أبدًا لم أشعر بأننى ينقصنى شىء، ففى مدرستى الابتدائية المكتبة، وغرفة الموسيقى التى لا تصمت نغماتها، وكانت هناك حصص التربية الزراعية والأنشطة والأشغال اليدوية، وكان فى كل فصل مكتبة صغيرة نستعير منها ما نريد. ولذلك عندما كانت تُعزف تحية العلم كانت قلوبنا قبل ألسنتنا تنطلق: تحيا مصر.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة