"حلفاء أوباما" يشعلون صراع المؤسسات فى إدارة ترامب ويراوغون القاهرة بـ"ورقة المعونة".. رشاوى الدوحة وعضوية تيلرسون السابقة بمجلس الأعمال القطرى تفضح أسباب خفض المساعدات.. وتقارير:سيغادر الخارجية قبل نهاية العام

الأربعاء، 23 أغسطس 2017 03:17 م
"حلفاء أوباما" يشعلون صراع المؤسسات فى إدارة ترامب ويراوغون القاهرة بـ"ورقة المعونة".. رشاوى الدوحة وعضوية تيلرسون السابقة بمجلس الأعمال القطرى تفضح أسباب خفض المساعدات.. وتقارير:سيغادر الخارجية قبل نهاية العام
كتب محمود جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليس سهلاً أن يسكن البيت الأبيض رئيساً من خارج المؤسسات السياسية التى سيطرت على مدار عقود على مفاصل صنع القرار عبر جماعات الضغط وعبر وسائل الإعلام الكبرى التى تجيد اللعب على وتر التجاذبات بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى.. ضرب زلزال فوز دونالد ترامب ميادين عدة داخل وخارج الولايات المتحدة، وأربكت الخسارة المدوية للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون حسابات دولاً من بينها قطر وتركيا اللتان كانتا تعولان كثيراً على استمرار النهج الأمريكى المشبوه الذى تبناه الرئيس السابق باراك أوباما على مدار ولايتين رئاسيتين تبدلت خلالهما دواوين حكم واقتلعت خلالهما رياح الربيع العربى عروش وأربكت جيوش.

 

طوى الأمريكيون فى أيام 2016 الأخيرة صفحة الانتخابات بأعين سكنتها الدهشة، وبشروخ تسللت إلى جسور الثقة التى كانت ممتدة بين المواطنين وما اعتادوا عليه من صحف وقنوات ومراكز أبحاث كانت ترجح جميعها فوزاً سهلاً للمرشحة الديمقراطية، ليستقبلوا جميعهم بعد بضعة أسابيع رئيساً من خارج دوائر السياسة، لا يجيد إلا عقد صفقات البزنس، ولا يعرف إلا حسابات الربح والخسارة.

 

كانت التقديرات حينها تتسق مع ما سبقها من توقعات.. رفضت مؤسسات واشنطن القديمة والدولة العميقة وجماعات الضغط الاستسلام لحكم الصناديق وإرادة الناخبين. وكان من بين مؤسسات واشنطن الرسمية وشبه الرسمية من يرفض أن يتبع البيت الأبيض نهجاً حاسماً فى الحرب على الإرهاب، أو يواجه الدول الداعمة والأطراف الممولة للتطرف الذى نثرت إدارات أمريكية سابقه بذوره على امتداد خرائط الشرق الأوسط الملتهبة.

 

احتفل ترامب بفوزه المفاجئ، فيما كانت شوارع نيويورك تمتلئ بمحتجين يرفضون الاعتراف بالنتائج، وسماؤها تستقبل طائرة خاصة مدون عليها عبارة "قاوم" لتكشف أمام الجميع أن الولايات المتحدة على موعد مع صراع مؤسسات ربما يكون الأشرس فى تاريخ الدولة الكبرى منذ نشأتها، لتشهد مختلف المقاطعات منذ فوز ترامب وصولاً إلى مراسم التنصيب سلسلة من الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة لم يعهدها الجميع.

 

بأجواء مشحونة وأطراف متربصة تسلم ترامب مهامه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ليفتح فور دخول البيت الأبيض قنوات اتصال مع أطراف من بينها القاهرة بخلاف رغبة الكثير من جماعات الضغط.. توالت الاتصالات المعلنة ـ وغير المعلنة ـ بين مسئولى البلدين عبر مستويات عدة، وفتح الجميع صفحة جديدة من العلاقات عنوانها التفاهم البناء فى شتى الملفات، وهو ما ظهر واضحاً فى اللقاء الأول الذى جمع الرئيسين عبدالفتاح السيسى ودونالد ترامب فى البيت الأبيض، واللقاء الثانى الذى استضافته المملكة العربية السعودية على هامش أعمال القمة الإسلامية ـ الأمريكية، والتى كانت نواه لاصطفاف عربى ـ أمريكى فى مواجهة قطر والدول الداعمة للإرهاب، وهو ما تحاول حتى كتابة هذه السطور أطرافاً أمريكية عرقلته.

 

توالت بين القاهرة وواشنطن الاتصالات لتعزز التفاهمات، إلا أن مواقف عدة كشفت أن من بين المؤسسات القديمة داخل واشنطن، والدول المنتفعة من سياسات الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما وفى مقدمتها قطر وتركيا، من يعارض التقارب بين الجانبين، وهو ما بدا واضحاً فى حملات إعلامية مشبوهة وغير مبررة شنتها صحف ووسائل إعلام أمريكية من أن إلى آخر ضد مصر على مدار الأشهر السبع الماضية فى ولاية ترامب. وهو ما ظهر أيضاً فى مماطلة وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون فى اختيار سفيراً جديداً للولايات المتحدة فى القاهرة خلفاً للمنتهية ولايته ستيفن بيكروفت والذى يمارس فى الوقت الحالى مهامه قائماً بالأعمال.. وهو ما ظهر أخيراً فى المكالمة الهاتفية التى أجراها تيلرسون بوزير الخارجية سامح شكرى ليخطره بشكل مفاجئ ودون مقدمات باعتزام واشنطن تخفيض المساعدات المخصصة للدولة المصرية.

 

ريكس تيلرسون الذى نال التأييد على ترشحه لمنصب وزير الخارجية من مجلس الشيوخ الأمريكى بعدما راوغ بعدة تصريحات أكد خلالها اعتزامه التصدى بشكل مباشر لدور جماعة الإخوان والكيانات الإرهابية المتطرفة، بادر فور تسلم مهام منصبه بالتأكيد على أن الجماعة لديها ممثلين ووزراء فى جهات حكومية داخل العديد من الدول الصديقة للولايات المتحدة، مستشهداً بتركيا، ليعرقل بحسب معلقون أمريكيون وخبراء عدة مساعى ترامب والكونجرس الأمريكى لإدراج الجماعة على قائمة الكيانات الإرهابية.

 

ولم تقتصر تحركات تيلرسون المشبوهة، والذى وصفته منظمة كلاريون الأمريكية للدراسات فى تقرير لها بالعنصر الأكثر تقويضاً لسياسات ترامب، على المماطلة فى إدراج الاخوان على قوائم الإرهاب، أو وقوفه المثير للشكوك وراء قرار تخفيض المساعدات المخصصة لمصر بزعم ارتباطها بعلاقات مع كوريا الشمالية، بل امتدت تلك التحركات لتشمل عرقلة مساعى الإدارة الأمريكية فى التصدى لإمارة قطر، الراعى الأول للكيانات والتنظيمات الإرهابية فى الشرق الأوسط، بعدما حملها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب صراحة مسئولية انتشار الإرهاب مؤكداً استعداد بلاده نقل قاعدة العديد العسكرية من قطر إلى أى بلد آخر.

 

قرارات وتحركات الوزير الأمريكى الذى ترأس قبل عقود شركة "إيكسون موبيل" النفطية، وشغل من خلالها مقعداً رسمياً ضمن مجلس الأعمال الأمريكى ـ القطرى، وآخر فى مجلس الأعمال الأمريكى ـ التركى، دفعت العديد من الصحف الأمريكية ومراكز الأبحاث الخارجة عن وصاية المؤسسات الموالية للحزب الديمقراطى للتحذير من الدور الذى يلعبه لخدمة الأجندة القطرية داخل الولايات المتحدة، والتأكيد فى الوقت نفسه على وقوفه وراء تراجع النفوذ الأمريكى فى منطقة الخليج والشرق الأوسط.

 

تيلرسون الذى يتأهب لخروج مبكر من الإدارة الأمريكية قبل نهاية العام الجارى بموجب استقالة سببها ما هو قائم من خلافات بينه وبين الرئيس ترامب، بحسب تقرير انفردت بتفاصيله شبكة سى أن إن، لم يفوت الفرصة لنسف جسور الثقة التى امتدت بين القاهرة وواشنطن منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض، ليبادر بإخطار الخارجية المصرية بقرار تخفيض المساعدات العسكرية، دون نقاش فى دوائر واشنطن التشريعية الممثلة فى الكونجرس، ودون سابق إنذار، على الرغم من تأكيدات البنتاجون قبل أيام على عودة مناورات النجم الساطع المشتركة بين القوات المسلحة المصرية والجيش الأمريكى فى سبتمبر المقبل بعد قرار تعليقها قبل أكثر من 4 سنوات كاملة.

 

وأمام القرار الأمريكى المفاجئ، والذى تناولته وسائل الإعلام الأمريكية الموالية للحزب الديمقراطى بكثير من التشفى، وقابلته تلك التى لم تطالها رشاوى قطر وتمتلك قدر من الحياد، بالكثير من الدهشة، كان رد القاهرة الرسمى، والذى جاء على لسان وزارة الخارجية أكثر اتزناً من موقف تيلرسون الذى لقبته بعض الصحف الأمريكية بـ"المرشد الأمريكانى"، والناطق باسم الدوحة داخل البيت الأبيض، لتؤكد مصر ـ بحكمة لا يقودها اندفاع، ودبلوماسية لا تحركها الأهواء ـ حرصها على العلاقات الاستراتيجية التى تربطها مع الولايات المتحدة، داعية الإدارة الأمريكية إلى اعادة النظر فيما تواجه مصر من تحديات اقتصادية وأمنية، وإلى التوقف عن سياسات خلط الأوراق لحماية المصالح المصرية ـ الأمريكية المشتركة.

 

رد القاهرة المتزن على قرار وزير الخارجية الأمريكى، عكس ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ وقوف الدولة المصرية على أرض صلبة دعائمها علاقات متزنة مع كافة الدول والأطراف الخارجية، وعمادها الثقة فى أن دولة 30 يونيو التى عاشت دون معونة أمريكية فى سنوات أوباما الأخيرة داخل البيت الأبيض، لن يثنيها عن مسيرتها على صعيد السياسة الخارجية، إعلام ممول أو أقلام مأجورة، ولن يربكها فى تحركاتها وزيراً عابراً فى الإدارة الأمريكية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة