ناهد زيان تكتب: الطريق إلى المتاهة

الأربعاء، 02 أغسطس 2017 02:00 م
ناهد زيان تكتب: الطريق إلى المتاهة مواقع التواصل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى عصرنا الحديث تعد مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة أمرا واقعا لا فرار منها ولا سبيل للتقليل من أهميتها لكثيرين ممن يحتاجونها فى مجالات عملهم التى تتطلب تواصلا سريعا وتفاعلا مع الآخرين. وإن كانت تلك المواقع تعد بالنسبة للبعض سبيلا للتسلية وقضاء وقت الفراغ أو حتى تضييع الوقت الذى يفترض أنه من أثمن الأشياء التى ينبغى على المرء أن يحافظ عليها ومن ثم يعمل على حسن استغلاله والإفادة منه فإن ذلك لا يقلل بأى حال من أهمية السوشيال ميديا فى عصرنا هذا الذى غدت السرعة أهم سماته وأبرزها.

 

وعلى صفحات كل منا للتواصل الاجتماعى لاسيما "فيس بوك" أصدقاء كثر ومتابعين يربط بينه وبينهم علاقات متنوعة ومتشعبة بدءا من علاقات القرابة والمصاهرة والصداقة ومرورا بعلاقات العمل والدراسة والبحث وانتهاء بعلاقات فقط نشأت من خلال ذلك العالم الافتراضى العجيب لتبادل الآراء والخبرات فى أمور عدة من خلال منشورات كل واحد منا على صفحته التى تعكس توجهاته وأيدلوجيته وتعبر عن آرائه وثقافته، هذا إذا نحينا جانبا مسألة أننا غاليا نتجمل فيما نكتب وننشر ونظهر من جوانب شخصياتنا على صفحاتنا الخاصة، فكلنا كاذبون على تلك الصفحات بدرجات مختلفة على حد علمى وتجربتى.

 

كل ذلك يمكن فهمه واستيعابه وتقبله ذلك ما قد يجمع الناس ويربطهم، لكن أن يحاول البعض اقتحام خصوصية الآخرين والدخول معهم فى علاقات غير سوية فهو أمر بالغ الغباء بالغ القذارة.

 

أضرب على ذلك مثالا لما يحدث معى على صفحتى أحيانا فبطبيعة الحال يرسل لى البعض طلبات إضافة رغبة فى التفاعل معى على صفحتى ومشاركتى بعض اهتماماتى وآرائى كل ذلك مفهوم ومعروف وليس بجديد، والحقيقة أن من يرسلون طلب إضافة لى غالبيتهم فى مجال دراستى وتخصصى ويجمع بيننا أصدقاء مشتركون فى نفس المجال، غالبية أصدقائى -وليس جميعهم- على صفحتى عدا أصدقائى الحقيقيين فى الحياة العادية وأهلى وأقاربى هم من نفس المجال وتربطنى بكثير منهم علاقات حقيقية على أرض الواقع الثابتة. وبطبيعة الحال حين يأتينى طلب إضافة أبحث لدى صاحبه عن المشترك بيننا من اهتمامات وأصدقاء ومعارف فإذا وجدت صفحة ذلك الصديق ليس بها ما يريبنى أو يقلقنى قبلت الطلب وكلى اطمئنان وامتنان لصاحبه أن أحاطنى بثقته فى طلب صداقتى والتواجد معى فى رحاب ذلك العالم الافتراضى.

 

يحدث أحيانا أن قليلين ممن أقبل صداقتهم على صفحتى يدخل على الخاص فور قبوله ويبدأ فى الحديث معى حديث من يعرفنى منذ سنوات وكأن بيننا تاريخ من الود والوصال والألفة والأهم تاريخ من الثقة فيطلب سماع صوتى أو رؤية صورتى ومعرفة سنى وتاريخ ميلادى!. حدث معى ذلك مؤخرا حين قبلت إضافة أحد يجمع بيننا أصدقاء مشتركين فما كان منه إلا وقد دخل الخاص على الفور مبديا رغبته فى التواصل معى وسماع صوتى حدثنى برسالة صوتية سائلا عن حالى ومتمنيا تواصلى معه وأن أحدثه صوتيا! هكذا دون مقدمات أو مبررات أو داع ضرورى لتواصل كهذا الذى يطلبه! فما كان منى إلا أن ألغيت صداقته وقمت بحظر فرصة تواصله معى مجددا أو الدخول على صفحتى.

 

الحقيقة أن أمثال هذا الشخص يتصورون أن وسائل التواصل الاجتماعى فرصة لاقتحام حياة النساء والعبث معهن وكأنهن فرائس سهلة متاحة على اعتقاد منهم أن أى أنثى عرضة للتغرير بها والتلاعب بعقلها ومشاعرها بمجرد سماعها كلاما معسولا والتقرب أليها بطريقة ناعمة، نعم يحدث أن تنخدع بعضهن وتقع فى براثن هؤلاء العابثين فيبدأ الأمر بان يتحادثا فيقول لها: "صوتك به شجن وألم رغم ما به من حنان ورقة مشاعر" !!! وربما زاد "أراك تفتقدين من يقدرك ويفهم رقى إحساسك ونعومتك واحتياجاتك"....وهكذا متاهة تقع فيها بعض بنات حواء سواء فى ذلك البنات والسيدات متاهة قد تؤدى إلى خراب للبيوت وتشتيت لشمل الأسر الآمنة المستقرة الهانئة المطمئنة.

 

يحدث ونعرف جيدا من خلال العديد من الحوادث المعروفة أن تتعرف إحداهن على شخص ما من خلال وسائل التواصل الاجتماعى وتأخذها محادثاتها معه لأمور خاصة وشيئا فشىء تتوطد علاقاتهما فترسل له صورها وتتحدث معه صوتيا وربما بمكالمات الفيديو ظنا منها أنها قد وجدت من يفهمها بعيدا عن زوجها الذى غدت علاقتها به باردة جافة ونمطية، فإذا بهذا الآخر يسجل لها كل ذلك وسرعان ما يبدأ فى ابتزازها ماديا فيستنزفها دون شبع أو اكتفاء، وربما جنسيا لتقع فى مستنقع الرزيلة العفن، والأمر فى مجملة بدأ بطلب صداقة من شخص مريض أعقبه برسالة ناعمة خبيثة قد تصدقها بعض الواهمات وتنخدع بها وقد تتجاوزها الكثيرات ممن يعرفن حدود التعامل مع السوشيال ميديا ويضعن لأنفسهن قواعد وضوابط أدبية وخلقية فى الحياة عموما بما فيها التعامل على صفحات هذا العالم الافتراضى.

 

أقول أخيرا للعابثين بعقول النساء إننا فى عصر تعلمت فيه الأنثى جيدا ونالت حظا واسعا من الثقافة والوعى والثقة بنفسها غير أنه هناك على الجانب الآخر من أتعبتها الظروف أو أوجعتها تجربة ما أو إخفاقا فى جانب من حياتها فلا تزيدوا من وجعهن وتظنوها فرصة وغنيمة فالأيام دول ودوائر تدور فاتقوا الله فى إمائه. ولبنات حواء تشبثن بقدر طاقتكن بخلق ودين ووعى يحول بينكن وبين متاهة كتلك لئلا تنجرفن فيها فتضيعكن ضياعا ربما لا رجعة منه ولا نجاة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة