على مدى عصور وسنوات بعدت تارة وقربت تارة أخرى كانت العلاقات المصرية الإفريقية، هى عنوان متانة وقوة وثبات الدولة المصرية فى أزمنة عده ، فقد قام المصريون القدماء برحلات كشفية فى القارة الإفريقية منذ ما يقرب من ألفى عام قبل الميلاد، أى أن المستكشفين المصريين قد سبقوا أقرانهم الأوروبيين بما يقرب من أربعة آلاف سنة فى محاولة التقدم لكشف القارة الأفريقية.
بل إن كشوف المصريين الأولى توغلت داخل القارة بحثاً عن منابع النيل فى وسعيا ً لإقامة العلاقات مع الشعوب التى تعيش على ضفتى النهر الذى يهب لمصر الحياة، أما كشوف الأوروبيين فى أواخر القرن الخامس عشر الميلادى فقد اقتصرت على استكشاف السواحل الأفريقية فقط دون التوغل إلى داخل القارة .
لقد استمرت جهود المصريين القدماء فى كشف أغوار القارة الأفريقية ولعل أشهر رحلاتهم هى تلك التى نظمت فى عصر الملكة العظيمة حتشبسوت ، والتى توجهت فيها السفن المصرية إلى بلاد بونت، وقد سجلت تفاصيل تلك الرحلة على جدران معبد حتشبسوت الشامخ إلى الآن بالبر الغربى بالأقصر والذى يعرف باسم معبد الدير البحرى.
وربما كانت الرحلة البحرية المصرية الفينيقية المشتركة التى دارت حول القارة الأفريقية فى عصر الملك نخاو الثانى فى أوائل القرن السادس قبل الميلاد هى أهم الإنجازات فى مجال الكشوف الجغرافية المصرية، حيث انطلقت السفن التى أرسلها نخاو من شواطئ مصر على البحر الأحمر .
وسارت بمحاذاة شاطئ القارة الأفريقية حتى أقصى جنوبها ثم صعدت السفن شمالا بمحاذاة الشاطئ الغربى للقارة لتعود إلى الشواطئ المصرية على البحر المتوسط ومنها إلى النيل. فكانت تلك الرحلة الأسطورية التى تناقلت أخبارها المصادر القديمة أول محاولة بشرية معروفة للالتفاف حول القارة الأفريقية قبل نجاح فاسكو دا جاما فى القيام بهذا العمل بألفى عام.
وفى العصر الحديث ومع اهتمام محمد على ببناء الدوله المصريه الحديثه فى القرن الثامن عشر كان الاهتمام بالقارة من جديد حيث تمكن محمد علي بقواته من أن يقتطع لنفسه أقاليم واسعة في هذه القارة تمتد بامتداد كل الوادي الأوسط لنهر النيل . وتمكنت قواته من عبور الصحاري وأقاليم السافانا ووصلت إلى مشارف الغابات الاستوائية وقبل ساسة أوروبا ووزرائها وحكوماتها وبمدة ستين عاما تمكن محمد على ومن القاهرة العاصمة الإفريقية من أن يسبق الجميع فيما يتعلق بفهم القارة الإفريقية وأهميتها الاقتصادية والبشرية وضرورة إيجاد تكامل بين هذه الأقاليم وبين مصر.
وبعد ثورة 1952 ومع اهتمام الرئيس عبد الناصر بالعلاقات المصريه الافريقيه ومساندة حركات التحرر فى افريقيا واقامة علاقات وتعاون اقتصادى بين مصر والدوله الافريقية فى مختلف الانشطه الاقتصادية مما كان له عظيم الاثر فى نفوس العديد من الزعماء والشعوب الافريقية .
ولعل الكثيرين يعرفون قصة زواج الرئيس الغانى كوامى نكروما من سيده مصرية هى فتحيه رزق فكانت تعميقا ً وتأصيلا ً للعلاقات المصريه الافريقيه بوجه عام والمصريه الغانيه بوجه خاص.
وحديثا وربما بعد الحادثة الشهيرة لمحاوله اغتيال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك فى اديس ابابا عام 1996 شهدت العلاقات المصرية الافريقية فتورا شديدا على مستوى القارة السمراء فى الوقت الذى كان فيه البعض من دول آسيا واوربا وغيرهم يحاول تعميق وزيادة علاقتهم بالقارة السمراء ودولها البكر فى الثروات والخامات .
ورويدا رويدا كانت العلاقات المصرية الأفريقية تتميز بالطابع الشكلى دون وجود استثمار وتجاره قويه لمصر مع افريقيا .
ومع توليه قيادة الدوله المصريه ولانه بالمقام الاول رجل معلومات ادرك الرئيس عبد الفتاح السيسى ان تأصيل وبناء دوله مصريه قويه يبدأ من العمق الافريقى لمصر داخل القاره السمراء ، فبعد ايام قليله جدا ً من رئاسته فى يونيه 2014بدأت الجولات الافريقيه لمؤسسة الرئاسه المصريه وتجاوزت الى الان العشرة للعديد من دول القاره السمراء .فبخلاف دول منابع النيل وتوطيد وتأمين العلاقات بها كان امام سيادته افريقيا بوجه عام شعوبا وقاده بكل ما تحمله تلك الشعوب من تقدير لمصر وكذلك باحتضان مصر للعديد من تلك الدول، ولتأخذ تلك العلاقات منحنى بيانى جديد فى اشكالها الاقتصاديه والدبلوماسيه بوجه عام.
وبيقين وقناعة القائمين على الدوله المصريه وكل اجهزتها ومؤسستها السياديه أن أمن مصر بكل جوانبه يبدأ من ربوع وادغال القارة السمراء.
ولعلنا نرى قريبا نتائج قوية جدا ً ملموسه على ارض الواقع تشعر بها الشعوب قبل القاده فى عودة مصر لاحضان اشقائها الافارقه وبقوه، وليدرك المصريين جميعا ً ان بناء دوله مصريه قويه حديثه يبداء دائما من افريقيا السمراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة