د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: سرقة الوجدان

الخميس، 10 أغسطس 2017 06:00 م
د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: سرقة الوجدان داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

السرقة أنواع، وكلها مُعاقب عليها، وجميعها مُحرمة، ولكن أكثرها تأثيرًا في النفس، هي سرقة الأفكار والإبداع والإحساس، فهذا النوع من السرقة يتسم بأشد أنواع الموت الأخلاقي، فمن يسرق إبداع غيره، كأنه يسلبه روحه وأعز ما لديه .

فالإنسان عندما يُفرغ شحنة أفكاره في عمل إبداعي، يشعر وكأنه يُخرج جزءً مدفونًا بقلبه وعقله إلى النور وإلى الآخرين، فلو اكتشف أن هناك من يسلبه هذا الحق، أو يحاول نسبته لنفسه بأي طريقة كانت، يشعر وكأن روحه قد خرجت منه .

ولكن من يسمح لنفسه أن يأتي بهذه التصرفات، فهو مما لاشك فيه يكون قد خرج عن الطبيعة البشرية والإنسانية، إذ كيف يستحل لنفسه جهد غيره، فمن يسرق الأموال لا عذر له، ولكنه قد يحتج بالحاجة والعوز، أما من يسرق إبداع الآخرين، فما هي حجته ؟! .

فقد حكى "برنارد شو" قصة غريبة حدثت له، حيث جاءه يومًا كاتب ناشئ يحمل أصول كتاب أعدَّه للنشر، وطلب من "برنارد شو" أن يكتب بقلمه مقدمةً لهذا الكتاب، الذي هو باكورة إنتاجه الأدبي، فأمسك "برنارد شو" بالصفحات، وراح يُقلبها بين يديه، محاولاً أن يعرف مضمون الكتاب، ويستوعب محتوياته في أقصر وقت ممكن، قبل أن يكتب مقدمته، وما كاد يفعل ذلك، حتى فُوجئ بكلماته تتراقص أمام عينيه من بين السطور، فلقد نقل ذلك الكاتب الناشئ عن "برنارد شو" نقلاً حرفيًا، واستشهد بجانب كبير من أقواله في كل ما أراد أن يقدمه لقراء كتابه الجديد، دون أن ينسب منها شيئًا لقائلها .

فلم يلبث "برنارد شو" أن طوى صفحات الكتاب، وأعادها إلى صاحبها، ثم أمسك بقلمه ليكتب المقدمة التي أراده المؤلف الشاب، وكتب : "محاولة طيبة، ولكنني أعيب على المؤلف أنه نقل أقوالاً سخيفة لكُتَّاب مجهولين، أرجو أن يُحالفه الحظ في محاولته القادمة، فينقل آراءً وأفكارًا لكُتَّابٍ كبار وأن ينسبها لأصحابها" .

وبالقطع، هذه العبارة الساخرة التي دونها الكاتب العالمي، إنما تدل على حجم المرارة التي استشعرها عند تيقنه من سرقة أفكاره وأقواله وكلماته، فما أصعب سرقة الوجدان .

 







مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

على حسن

ما اكثر هؤلاء فى بلدنا هذا

كثيرا ما يحدث ان يبدع الانسان فى فكرة ثم يعرضها على الاخرين و لا تفوت الا ايام قليلة حتى يدعى احدهم انها فكرته بل و يشتد الغيظ عندما يصرح بذلك امام صاحب الفكرة الاصلى . امراض مجتمعنا كثيرة جدا جدا اما ان نحاول نتعامل معها بحكمة و نتجنبها و ان لم نستطع فلابد من الرحيل الى بلد اخرى تحترم الحقوق الفكرية و تشجعها ولا عجب ان الكثير من علمائنا و مفكرينا نجحوا نجاح باهر فى الغرب لان الغرب يعرف كيف يحمى و يشجع و يدعم اصحاب الافكار و المهارات و العلماء

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة