كم تأسرنى أعمال الكاتب "محمد الحناوي"، فهو لديه قدرة بالغة على وصف المشاعر الإنسانية بطريقة خلابة، فهو لا يقف عند حدود الدراما الواقعية أو الرومانسية، ولكنه يحاول الخروج من دائرة الواقع بجموده، والدخول فى الروحانيات، التى لا تخلو منها حياة أى إنسان، مهما كانت درجة نقائه، أو مهما بلغت قسوته، فهو يجعل من الشخصيات الدرامية صورًا حية للمشاعر والصفات البشرية، محاولاً تجسيد لحظات ضعفها وقوتها، وينقلها عبر الأحداث بشكل تلقائى دون أن يفلت منه الخيط الدرامى، الذى يربط الشخصيات ببعضها، ودون أن يهرب منه محور الأحداث، فهو يجعلها كاللحن الذى ينتقل أوتوماتيكيًا عبر النغمات، وهذا ما استشعرته منذ بداية كتاباته الدرامية "خاتم سليمان"، مرورًا بـ "تفاحـة آدم"، ثم "هى ودافنشي" وأخيرًا مسلسل "قصر العشاق" الذى عُرِضَ مؤخرًا فى رمضان.
فهو دائمًا يبحث عن نقطة نور تضيء فى خُلْد الإنسان، ويُحاول التوفيق بينها وبين القدر المحتوم، الذى يتماشى مع محور الشخصية، ومنعطفات حياتها، حتى مفاجآته، رغم أنها قد تصيب المُشاهد بالدهشة المُفجعـة، إلا أنها لها مبرراتها المنطقية، فهو لا يقفز فوق الأحداث، ولكن قفزاته تتسم بالروحانية المتلائمة، ليس فقط مع الواقع المحيط بالشخصيات، ولكنها متلائمة أيضًا مع ما يدور بوجدان الشخصيات، فهو يهتم بما تُحَدِّث به النفس نفسها، وما يخشاه الإنسان، وما يتمناه ويسعى له .
فأنا عندما أتابع أيًا من أعماله الدرامية، تستهوينى بشدة فكرة الروح المُعلقة بين نقاء الملائكية، وبين دناسة الأبالسة، فهو يخرج بالشخصيات عن الإطار البشرى، ليدخل بها عالمًا آخر، تملؤه الأفكار والأحلام والرؤى؛ ليعود بها إلى طبيعتها الفطرية، فتشعر وأنت تستمع للحوار، وكأنك تسرح فى جو من التراتيل الدينية، حتى ولو كان حوارًا رومانسيًا، فهو لديه القدرة أن يصل إلى أعلى درجات الروحانية فى الرومانسية.
فحقًا، لو كنت أنا من أمنح الألقاب، للقبته بـ "الكاتب الروحاني" .