سعيد الشحات

وكان «غلاماً» فى نظر السفير

السبت، 29 يوليو 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أختتم ما بدأته قبل أيام حول الأكاذيب التى يرددها البعض بجهل عن ثورة 23 يوليو 1952، وأتوقف اليوم عند وهم أن الاقتصاد المصرى قبل الثورة كان قويًا، وأهم علامات قوته أن بريطانيا كان عليها ديون لمصر بلغت 3 ملايين جنيه إسترلينى، وأن قرار مصر السياسى كان مستقلًا.
 
ولأن بريطانيا كانت تحتل مصر منذ عام 1882، فمن العبث والخطل أن يعتقد البعض أن دولة محتلة يكون لها اقتصاد قوى مستقل، وقرار سياسى لا يمليه الاحتلال، وهل يمكن إغفال حادث 4 فبراير 1942 الذى حاصرت فيه الدبابات قصر عابدين فى نفس الوقت الذى كان فيه السفير البريطانى داخل القصر مع الملك فاروق، حاملًا معه إنذارًا يخيره فيه بين استدعاء مصطفى النحاس، زعيم حزب الوفد لتشكيل الحكومة، أو التوقيع على وثيقة تنازله عن الحكم، ولم يستغرق الأمر أكثر من عشر دقائق، خضع فيها فاروق لإرادة السفير، واستدعى النحاس لتشكيل الحكومة، وخرج السفير من القصر مزهوًا بانتصاره الذى لم يكلفه شيئًا، لكنه أدى إلى تعمق جرح الكرامة الوطنية المفقودة لدى المصريين.
 
وإذا أردت عزيزى القارئ أن تعرف دراما هذا الحدث فعد إلى مذكرات بطله، السفير البريطانى اللورد كيلرن، الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، وفيها ستعرف حالة التلذذ التى كان عليها ويعترف بها وهو يدير هذا الحدث، وستعرف كيف كان يدير كل شىء فى مصر، وحالة الاستعلاء والاحتقار التى كان يعامل المسؤولين بها، بدءًا من نظرته إلى فاروق الذى يصفه بـ«الغلام».
 
أما الكذبة الخاصة بأن بريطانيا كان عليها ديون لمصر بلغت 3 ملايين جنيه إسترلينى، فتكشف ضحالة من يروجونها.. صحيح أنه كانت هناك ديون، لكنها كانت مقابل استخدام بريطانيا كدولة احتلال للمرافق المصرية خلال الحرب العالمية الثانية، من طرق وماء وكهرباء وخلافه، ولم تكن قروضًا من مصر لبريطانيا، أو ثمنًا لسلع صدرناها إليها، وإنما خدمات قدمناها رغم أنفنا للأسف الشديد، لأن بلدنا كان وقتها محتلًا ومنتهكًا، بتعبير الكاتب والباحث الدكتور محمد فراج أبوالنور. ويوضح الدكتور طه عبدالعليم هذه المسألة بصورة أكثر قائلا: «كان البنك الأهلى المصرى الذى يقوم بمهام البنك المركزى، ومنها إصدار النقد، بنكًا إنجليزيًا، ملكية وإدارة، وبأوامر من سلطة الاحتلال الإنجليزى كان يطلب من بنك إنجلترا إصدار ما يلزم قواتها وقوات الحلفاء لشراء السلع والخدمات من السوق المصرية، وتم هذا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، وسجل هذا البنكنوت المصرى باعتباره دينًا على بريطانيا، وبلغ نحو 500 مليون جنيه مصرى، تعادل ذات القيمة بالإسترلينى، ولم تسدد بريطانيا هذا الدين لبلد كان غالبية شعبه من الحفاة، واستردت مصر الجزء الأكبر منه فى مقاصة تأميم قناة السويس والشركات البريطانية بعد العدوان الثلاثى عام 1956».
 
تكتمل الصورة حين نعرف من دراسة «الحركة الوطنية فى مصر 1918-1952» للدكتور رؤوف عباس، أن نسبة المعدمين من سكان الريف كانت تبلغ %76 عام 1937، وبلغت نسبتهم %80 من جملة السكان عام 1952، ومعدلات الأمراض حققت أرقامًا قياسية، حتى أن %45 من المصريين كانوا مصابين بالبلهارسيا وأمراض أخرى نتيجة سوء التغذية، وحين بدأ طرح قانون التعليم الإلزامى للمناقشة فى البرلمان «1937-1938»، تجدد الحديث حول الخشية من إفساد التعليم للفلاح، وعدم جدوى تعليم أبناء الفلاح الجغرافيا والتاريخ، بل يجب أن يتعلموا شيئًا عن أدوات الزراعة ودودة القطن وكيفية مقاومتها، وأبدى نائب مخاوفه من أن يجد الفلاحين وقد ارتدوا «جلابية مكوية أوطواقى بالأجور وأحذية ملونة».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة