أكرم القصاص - علا الشافعي

محمود سعد الدين يكتب:حكايات برلمانية من مطبخ صناعة القرار بمجلس النواب..الخطايا السياسية والتشريعية لتكتل 25ـ 30 تحت القبة..سر غياب خالد يوسف عن جلسة القيمة المضافة..لماذا لا يقدم النواب بدائل حقيقية للمشروعات؟

الخميس، 13 يوليو 2017 11:00 ص
محمود سعد الدين يكتب:حكايات برلمانية من مطبخ صناعة القرار بمجلس النواب..الخطايا السياسية والتشريعية لتكتل 25ـ 30 تحت القبة..سر غياب خالد يوسف عن جلسة القيمة المضافة..لماذا لا يقدم النواب بدائل حقيقية للمشروعات؟ الخطايا السياسية والتشريعية لتكتل 25ـ 30 تحت القبة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد 6 أشهر من بداية انطلاق البرلمان فى يناير 2016، اتصل بى أحد الأصدقاء يشغل منصب رئيس غرفة الأخبار بقناة تليفزيونية شهيرة، يطلب منى المساعدة فى إعداد حلقة تليفزيونية عن البرلمان المصرى، رشحت له بعض أسماء النواب، شكرنى وانتهى الأمر.. دقائق وعاود الاتصال، وبدأ المكاملة بعبارة واحدة: «عايز نائب سخن يا حودة».. فعقبت: «يعنى إيه نائب سخن»، فأجاب: «يعنى أى نائب من نواب المعارضة يسخن الحلقة ويعمل شو على الهواء»، لدرجة الصداقة القوية بيننا، رشحت لهم أكثر من اسم ودعمته بأرقام الهواتف المحمولة.
 
بعد المكالمة، فكرت قليلا فى العبارة التى وصف بها صديقى رئيس غرفة الأخبار بالقناة التليفزيونية الشهيرة نائب المعارضة بـ«نائب سخن بيعمل شو»، وهنا بدأت فى طرح مزيد من الأسئلة المبنية على استنتاجات، لماذا يقيم المعد التليفزيونى نائب المعارضة بأنه نائب شو وليس نائبا يطرح قضية موضوعية؟ ومتى تكونت وجهة النظر لدى المعد التليفزيونى بأن نائب المعارضة تحت القبة نائب شو؟ ومتى وصل إلى هذه القناعة؟ وإذا كان المعد التليفزيونى هو مواطن بالأساس متعلم ولديه قدر من الثقافة يصف نواب المعارضة بأنهم نواب بيعملوا شو، فماذا عن المواطن المصرى البسيط فى الدلتا والصعيد وبحرى؟
 
فى الحلقة الثالثة من حكايات برلمانية، سأسعى جاهدا أن أبحث عن إجابات لهذة الأسئلة عن كتلة المعارضة تحت قبة البرلمان من واقع مشاهداتى اليومية، إجابات تحمل كشف للحقائق الغائبة ومواجهة مع نواب المعارضة ممن ارتبط مع عدد كبير منهم بعلاقات صداقة نشأت مع انطلاق البرلمان، إجابات من واقع الكواليس اليومية للجلسات العامة واللجان النوعية.. وإذا كانت كتلة المعارضة دائما تنتقد، فهنا ستكون هى محل انتقاد وتقييم كامل لكل مواقفها ومساراتها، والانتقاد من باب النقد البناء بدون تجريح فى الحياة الشخصية أو الخاصة، إنما انتقاد يتضمن تحليل موضوعى للمسارات السياسية لكتلة المعارضة من واقع المراقب، المحلل، المشاهد، للأعمال البرلمانية من واقع السلطة الرابعة.
 

هل الإعلام ينظر إلى نواب المعارضة أنهم «نواب شو» حتى الآن؟.. الإجابة برنامج رشا نبيل نموذجا؟

 
تقدم الإعلامية رشا نبيل برنامجا تليفزيونيا فى نهاية الأسبوع، وخصصت فقرة الأسبوع الماضى بعنوان المعارضة والأغلبية تحت قبة البرلمان، واتفقت مع النائبين محمد أبو حامد وصلاح حسب الله من ائتلاف دعم مصر ومن المعارضة محمد عبدالغنى وأحمد الطنطاوى من ائتلاف 25/30.
 
التكوين يعكس تفكير فريق الإعداد المبنى على استضافة أقطاب البرلمان من الطرفين المشهور عنهم المشادات الشهيرة تحت قبة البرلمان، كثيرا ما وقعت مناقشات ساخنة بين صلاح حسب الله والطنطاوى وعشرات المرات وقعت مشادات بين أبوحامد وكتلة 25/30.. الأهم أن اللقاء لم يخرج للنور تأخرت المذيعة فى تقديم الفقرة، فقرر الضيوف مغادرة البرنامج، واللافت هنا أن 3 من الضيوف المختلفين تماما بواقع 360 درجة، جلسوا معا على أحد القهاوى فى منطقة شبرا، وتحديدا أحمد الطنطاوى وصلاح حسب الله ومحمد عبدالغنى.
 
جلسة القهوة.. بالتأكيد لهم كل الحق الكامل فيها، ولكن المغزى هنا أنه يتصدر للإعلام دائما من نواب المعارضة أنهم على خلاف مع الأغلبية ويرفضون أدائهم وسياستهم، فعندما يرى المواطن العادى النائبين طنطاوى وعبدالغنى يجلسان على القهوة مع صلاح حسب الله وهو خصمهم الأكبر تحت قبة البرلمان ومختلف تماما فكريا وسياسيا عنهم، فلابد أن يسأل الاسئلة التقليدية «إزاى.. تتخانقوا تحت القبة وتقعدوا مع بعض على القهوة».
 
هذه الأسئلة تحتاج لمبررات دائمة وتفسيرات واضحة من كتلة المعارضة بالبرلمان للمواطن العادى، لأن كثرة النقد والرفض والوقوف ضد وتكرار كلمة «لأ»، وضعت كتلة المعارضة فى مساحة جغرافية مختلفة يدفعون فاتورتها باستمرار.
 
كصحفى لا أحتاج مبررا، اطلع يوميا على مزيد من اللقاءات والثنائيات والحوارات الجانبية بين أطراف المعادلة السياسية واعتبره أمرا عاديا لى، بينما يمثل لغزا للمواطن، كيف يتشاجرون فى التليفزيون ويجلسون على القهوة معا بعد اللقاء بدقائق، مع الأخذ فى الاعتبار أن التفسيرات الدائمة أمر ضرورى لأن صوت المعارضة تحت القبة أصبح صوتا مغايرا ومختلفة ومؤثرا، ولكن هل هذا الصوت سليم فى مساره أم يحتاج ترشيد؟
 

الصوت العالى للمعارضة تحت القبة دليل قوة أم ضعف؟

 
من بين الملاحظات الجوهرية على أداء نواب المعارضة تحت قبة البرلمان هو الصوت العالى، من الطبيعى أن يكون النائب صوته العالى فى موقف أو موقفين، ولكن اللافت تكرار الصوت العالى، وهو أمر تكرر من بعض نواب المعارضة، وجرى ذلك فى واقعتين، كنت شاهد عيان عليهما وتحديدا بالجلسة التشريعية المخصصة لمناقشة اتفاقية تعيين الحدود البحرية، حيث وقعت مشاجرة كلامية بين النائب خالد عبدالعزيز شعبان وهو نائب من المعارضة مع النائبة مى محمود من ائتلاف دعم مصر، لكن واستمرارا لمسلسل إشاعة الفوضى من جانب نواب تكتل 25/ 30 تدخل هيثم الحريرى، وقام بخلع "الجاكيت" وحاول التعدى على النائبة مى محمود، لكن تدخل عدد من أعضاء المجلس المشاركين فى اجتماع اللجنة لاحتواء الموقف، خاصة بعد وصول الأمر لحد الاشتباك والتراشق بالألفاظ، الأمر الذى استدعى تدخلا من عدد كبير من النواب الذين كانوا يحيطون بالنائبين خلال الجلسة لتهدئة الأوضاع والسيطرة على الموقف.
 
الثابت هنا أن جلسة اللجنة التشريعية كانت تسير فى إطار المناقشات الموضوعية لاتفاقية تعيين الحدود، ولكن محاولة هيثم بالتعدى على النائبة ترتب عليها مزيدا من الارتباك فى الجلسة والتعطيل وتحولها إلى مناقشات وجدال ومشادات بعيدا تماما عن صلب القضية، وهذا ما جرى بالفعل يومها، وما جرى فى أيام سابقة بوقائع مماثلة تحت قبة البرلمان.
 
هنا منطق النقد مبنى على أن الصوت العالى وعصبية بعض نواب 25/30 يترتب عليه إبعاد المناقشات الموضوعية فى القضايا الجادة والدخول لمنطقة غير لائقة تحت قبة المجلس، مع الأخذ فى الاعتبار أن السياسة عمل لا يعترف بالقواعد الشريفة، ومن الطبيعى أن تجد من يجرك لمعركة أو لمشادة أو لجدال، لكى يبعدك أو يلهيك عن القضية الأصلية، وللأمانة هيثم الحريرى دائم المشاكل والخلافات داخل البرلمان، فهو يتعامل بمنطق القوة وفرد العضلات.
 
 

لماذا لا يطرح ائتلاف 25/30 بديلا عندما يعارض تحت القبة؟

 
السؤال الدائم تكراره لكتلة المعارضة تحت قبة البرلمان، هو مع كل هذا النقد اليومى للحكومة والرفض الدائم لقراراتها والتكرار الدائم لعبارة «لأ» تحت قبة البرلمان، لماذا لا تقدموا بديلا للأمانة دارت بينى وبين أعضاء 25/30 نقاشات موسعة فى مواقف مختلفة عن غياب البديل لديهم، وكانت إجاباتهم أنه يقدموا والمجلس يعطل أو لا يهتم، فتشت فى الأرشيف القانونى فوجدت أنهم تقدموا بعدد قليل من  مشاريع قوانين، مشروع نقابة المهندسين قدمه محمد عبدالغنى وتغليظ عقوبات الختان وتقدمت به نادية هنرى وتعديل قانون المحاماة، واللافت هنا أن مشروعات القوانين الثلاثة لا توازى النقد اليومى، وأعتقد أن هذه المشروعات لا تندرج تحت مفهوم البديل بقدر ما هى مشاركات تشريعية تحت قبة البرلمان، البديل من وجهة نظرى، هو مشروع اقتصادى محترم يتضمن خطوط واضحة للمسارات الاقتصادية يوازى أو ينافس مشروع الحكومة، البديل هو طرح معلوماتى واف لأصول البلاد والية استغلالها وليست كلمات إنشائية عن أن البلاد تمتلك موارد كثير، البديل معناه نقد موضوعى لأداء كل وزير بناء على مجمل أعمال وليس على مواقف فردية.
 
الثابت أنه لابد على كتلة المعارضة أن تعيد صياغة مفهوم المعارضة لديها وتحدد من هى وماذا تريد وتجيب عن السؤال الصعب الذى يكرره الدكتور ضياء رشوان دائما «أنت in ولا out»، بما يعنى أنت جزء من النظام السياسى الحالى وتريد البناء والإصلاح من الداخل بمبادرات واقتراحات تصيب وتخيب أم أنك ترفض الوضع، أنت ستدخل فى المعادلة السياسية وتقبل بكل قواعدها، تتلقى ضربة اليوم وتوجه ضربة غدا أم ترفض اللعبة بالأساس. قناعتى أن بداية التغير الحقيقة لكتلة المعارضة فى دور الانعقاد المقبل، يتجسد فى أن أول أسبوع انعقاد تقدم للرأى العام اوراق عمل باقتراحات لمشروعات اقتصادية واجتماعية واضحة تصلح للتنفيذ، قبلها البرلمان أو لم يقبل، استجابت لها الحكومة أم لم تستقبل، الأصل فى خطوة المبادرة.
 

المواقف المتناقضة تضرب الائتلاف.. غياب خالد يوسف عن جلسة القيمة المضافة؟

 
من بين أبرز وأهم الجلسات فى البرلمان، جلسة القيمة المضافة، كان لائتلاف 25/30 فيها جولات وصولات، مزيدا من اللقاءات مع قيادات وزارة المالية ومع المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء نفسه، كان يحضر كل اللقاءات النائب خالد يوسف وموقفه معلن وواضح يرفض قانون القيمة المضافة، وهذا حقه، ولكن فجأة وفى جلسة التصويت على القانون، يبحث الأعضاء عن خالد، فلا يجدوا خالد، أين خالد، لماذا لم يحضر؟.. انتهى اليوم وسجل اسم خالد ضمن الغائبين عن جلسة التصويت فى القيمة المضافة، المعلومات وقتها سارت نحو تنسيق ما جرى بين خالد وقيادات فى الحكومة أنه سيغيب عن تلك الجلسة، وهو ما اثر سلبيا عليه وعلى الائتلاف، بينما خالد نفسه برر الأمر بأن ذلك اليوم تزامن مع افتتاح لأحد المشروعات بدائرته كفر شكر، بين وجهتى النظر، بقى ثابتا فى سجلات المجلس ومضابط البرلمان أن خالد يوسف لم يحضر جلسة برلمان فى قضية خطيرة كان يرفضها.
 

إذا كان 25/30 يمثل المعارضة.. لماذا لم يرفض إسقاط العضوية عن السادات

 
جلسة إسقاط العضوية عن محمد أنور السادات تاريخية بامتياز.. قبل الجلسة، الرجل شره التدخيبن للسجائر، يتجول فى البهو الفرعونى لإقناع النواب للتصويت ضد إسقاط العضوية.. دخل القاعة وبدأت الجلسة، سريعا ودقت ساعة التصويت، فجأة اختفى نواب 25/30 من قاعة البرلمان، السؤال من سيصوت ضد إسقاط عضوية السادات.. التقييمات الأولية تشير إلى وقوف 25/30 لصالح السادات.. ماذا جرى؟.. نواب 25/30 جلسوا فى قاعة 25 يناير.. تحفظوا عن الإدلاء بأية تصريحات، وانتهى اليوم برفض 8 فقط إسقاط العضوية وموافقة 468.. اللافت أن الـ8 الرافضين، ليس من بينهم أى نائب من 25/30، وهو ما يطرح التساؤل الهام.. إذا كان السادات يقدم نفسه كمعارضة، وأنت تقدم نفسك كمعارضة، لماذا لم تصوت ضد إسقاط عضويته وإن كنت مقتنعا بخطأ السادات لماذا انسحبت من القاعة ولم تصوت يومها.. لماذا لم تواجه الرأى العام وتعلن الحقيقة بخطأ السادات.
 

المعارضة السهلة والمعارضة الصعبة.. محمد بدراوى محمد فؤاد نموذجا؟

 
من واقع المشاهدات اليومية أقف دائما أمام نائبين يمثلا خط المعارضة تحت قبة البرلمان هما محمد بدراوى ممثل حزب الحركة الوطنية، ومحمد فؤاد ممثل حزب الوفد، كلا النائبين وجه حقيقى للمعارضة تحت القبة، يمكن أن نطلق عليها المعارضة الصعبة، القاسم المشترك بينهما كلمة «لأ»، ولكن دائما مقترن بها حل ومقترح ووجهة نظر مغايرة وسيناريو ثالث يفتح طاقة نور.. للأمانة نجح النائبان فى ذلك بدون صوت عالٍ.
 
فى المقابل أجد من بين كتلة 25/30 وجه من أوجه المعارضة بعضهم يمتلك حُجة وهو يتحدث تحت القبة، ولكن للأسف فى أوقات كثيرة البعض الآخر يلجأ للمعارضة السهلة، معارضة الرفض لمجرد الرفض بدون بديل على أرض الواقع، بدون مذاكرة جيدة أو دراسة سابقة.
تعمدت طوال الحلقة الثالثة من حكايات برلمانية أن أكون قاسيا فى النقد لكتلة 25/30 بما لدى من وقائع ومشاهدات، انطلاقا من أن المعارضة تحت القبة لابد منها وضرورية لتصحيح مسار البرلمان نفسه والحكومة أيضا، ولكن قناعتى أن تكتل 25/30 يحتاج أيضا لتصحيح المسار وشكل المعارضة على أرضية وطنية فى ضوء التطورات اليومية.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة