د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: المصداقية الحرة

الخميس، 13 يوليو 2017 10:00 ص
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: المصداقية الحرة داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرون يتساءلون، لماذا يجد الناس أنفسهم فى أى عمل فنى أو درامي، فى حين أنهم يهربون من دروس الوعظ والإرشاد، رغم أن هذه المواعظ لو عُرِضَتْ فى شكل عمل فني، تجتذبهم بشدة، ويبدأون فى العمل بها عن وعى وإدراك وقناعة .

فكم من شخص غير نهج وطريقة حياته بسبب تأثره بشخصية درامية، فى حين أن الكتب الدراسية برغم ما تحويه من إرشادات، وكتب القانون، برغم ما تتضمنه من نصوص وقواعد، علاوة على النصائح الأبوية التى يسترسل فيها الأبوان يوميًا، فكل هذا لا يجد الصـدى المطلوب لدى الإنسان؛ والسبب باختصار، هو المصداقية الحرة، فالإنسان بطبيعته يميل إلى الشيء عندما يخترق قلبه بدون ميعاد، وبدون قيود، وهو يعشق الحرية بطبيعته، وعندما يستشعر أن النصح والإرشاد مصدرهما قواعد مقننة، مفروضة عليه، يجد نفسه لاإراديًا يحاول التنصل منها، ولذا فإنه يجد نفسه أكثر عندما تتجسد هذه الإرشادات فى صورة عمل فنى حر، لا يفرض عليه شيئًا سوى المشاهدة أو الاستمتاع الممتع، ومن هذه المتعة تبدأ المتابعة بشوق، ويبدأ فى رؤية نفسه تتجسد أمامه من خلال شخصيات درامية وأحداث لا تخرج كثيرًا عن سيناريوهات الحياة، وهنا يبدأ التفكير العميق والرغبة فى التغيير للأفضل؛ حتى لا تنتهى مسيرة حياته ذات نهاية البطل أو البطلة.

وهذا يُذكرننى بحوار دار بين أحد رجال الدين وأحد الممثلين المشهورين، حيث سأل رجل الدين الممثل: "لماذا تجتذب أنت هذا الجمهور العريض من الناس، بينما أنا أكاد لا أجد من أُلْقِى عليهم خطبى وإرشاداتى الدينية"، ثم تابع رجل الدين قائلاً: "كلامك مجرد خيال لا حقيقة، فى حين أن كلامى حق ثابت لا يتغير"، فرد عليه الممثل بمنتهى البساطة قائلاً: "أنا أقدم الخيال، كما لو كان حقيقة، وأنت تقدم الحق كما لو كان خيالاً" .

وهذا يدل على أن المصداقية هى الأساس فى بناء قناعات الإنسان، وللأسف، هذه المصداقية لن تجد صداها إلا إذا خُلِقَتْ فى مناخ لا يُفرض على الآخرين، وفى عالمنا هذا، فإن المصداقية أصبحنا لا نجدها إلا من خلال الحبكة الدرامية، وكأن الصدق غاب من حياتنا، فبتنا نبحث عنه فى الروايات الخيالية علَّنا نجد أنفسنا فيها .







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة