دفعت غطاء البئر المصنوع من الحجر الصوّان ما وسعتنى طاقتى، حتى غمرنى العرق ونال منى الإجهاد والتعب، وأخيرا بعد فترة من الضغط بدأ الغطاء يستجيب ويتحرك من مكانه ببطء حتى بانت فتحة البئر الغويط المظلم.
ألقيت حبلا غليظا لقاع البئر وربطته بإحكام بطرف الغطاء ثم نزلت ببطء فى رحلة أقوم بها كل فترة كلما افتقدت أشياء أخفيها عن العيون وعن نفسى التى بين جنبى، فلا أمان لها إلاّ ببئرى العميق .
وأخيرا، وصلت للقاع لتغمرنى المياه حتى رقبتى باردة تخدّرت منها أطرافى، فأخذت نفسا عميقا ثم عُصت لقاع البئر لأصل لصندوق خشبى مطّعم بحواف فضية ومربوط بسلسلة حديدية غليظة تمنع طفوه على وجه المياه .
جلست بقاع البئر كاتما أنفاسى و فتحت الغطاء ثم تحسست ذكرياتى وحياتى السابقة، ولمست بيديى مرارات الفقد وأحصيت أمنياتى الضائعة، لتنحدر دمعة ساخنة من عينى تحيل برودة المياه لدفء انتشر فى أوصالى .
أعدت الصندوق لمكمنه وتسلّقت الحبل لأخرج من البئر ثم حرّكت الغطاء الحجرى لموضعه ثم مضيت إلى لا مكان .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة