صراع السلطات يطفو على السطح.. خامنئى يعنِّف حسن روحانى للمرة الأولى فى ولايته الرئاسية الثانية ويتهمه بـ"تقسيم الشعب".. المرشد يرد على هجوم أول رئيس للجمهورية أبو الحسن بنى صدر.. والقائد يهدد بعزل الرئيس

الجمعة، 16 يونيو 2017 03:00 ص
صراع السلطات يطفو على السطح.. خامنئى يعنِّف حسن روحانى للمرة الأولى فى ولايته الرئاسية الثانية ويتهمه بـ"تقسيم الشعب".. المرشد يرد على هجوم أول رئيس للجمهورية أبو الحسن بنى صدر.. والقائد يهدد بعزل الرئيس صراع السلطات يطفو على السطح
محمد محسن أبو النور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طفا صراع الأجنحة والسلطات على سطح السياسة فى إيران، بشكل سافر أكثر من أى وقت مضى، وظهر ذلك من خلال التعنيف الحاد الذى وجهه المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى إلى الرئيس الإيرانى حسن روحانى، متهما إيها بـ"محاولة تقسيم الشعب"، وربط بين ممارسات حسن روحانى وسلوك أول رئيس للجمهورية الإيرانية بعد الثورة الخمينية أبو الحسن بنى صدر، ذلك الرجل الذى تم عزله.

 

لماذا عنف خامنئى روحانى؟

فى أول رسالة سياسية يوجهها على خامنئى إلى الرئيس حسن روحانى بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية، سدد المرشد الإيرانى عددا من الاتهامات إلى الرئيس حسن روحانى بالرغم من أن الأخير لم يهاجم خامنئى حتى الآن، لكنه يكتفى بالهجوم على الأجهزة التى يسيطر عليها خامنئى وعلى رأسها مؤسستى الحرس الثورى والباسيج (قوات التعبئة الشعبية العامة).

خامنئي يتحدث وقادة إيران يستمعون
خامنئى يتحدث وقادة إيران يستمعون

 

فمن جانبه اتهم على خامنئى الرئيس الإيرانى بأنه يعلب على وتر تقسم الشعب إلى معارضة وموالاة، محذرا إياه ضمنيا من مغبة ما سماها "القطبية" وتقسيم المجتمع الإيرانى، فى إشارة إلى الإصلاحيين والمعتدلين الملتفين حول روحانى، والذين يرون فيه بادرة أمل لإصلاح النظام السياسى المترع بالمشاكل الهيكلية والمفصلية والذين يواجهون التيارات المتشددة الموالية لخط المرشد، فى إشارة إلى عدد من رجال الدين وقادة الحرس الثورى والباسيج وقيادات وكالتى فارس وتسنيم للأنباء.

 

خامنئى اعتبر أن حسن روحانى لم يستفد من ما وصفه بـ"التأثير الحاسم للتلاحم والوحدة الوطنية" الذى تم فى العقود الأربعة الماضية للبلاد، مشددا فى الوقت ذاته على أنه ينبغى الاستفادة من هذه التجربة الناجحة فى إدارة البلاد، وبطبيعة الحال فان الوحدة لا تتنافى مع إعلان المخالفة لسياسات الأجهزة ولكن لا ينبغى حدوث التجاذبات والمناكفات حول قضايا البلاد العامة، فى إشارة منه إلى الانتقادات الحادة التى وجهها حسن روحانى إلى قيادات الحرس الثورى والباسيج متهما إياهم بالتدخل فى الحياة السياسية الإيرانية ومخالفة تعاليم مؤسس الجمهورية آية الله روح الله الموسوى الخمينى.

 

وفى انتقاده وتعنيفه الحاد لسياسات الرئيس حسن روحانى فى أول حديث يوجهه له بعد ولايته الرئاسية الثانية، قال خامنئى ـ بشكل ضمنى ـ إن السياسات الراهنة تؤدى إلى "إيجاد القطبية الثنائية" و"تقسيم المجتمع إلى شقين"، واصفا ذلك بأنه "تجربة خطيرة مضرة بمصالح البلاد"، وفقا لما أورده الموقع الرسمى لمكتب خامنئى والذى يصدر بعشر لغات.

صورة نادرة تجمع الخمينى وأبو الحسن بنى صدر
صورة نادرة تجمع الخمينى وأبو الحسن بنى صدر

 

ووجه خامنئى حديثه إلى حسن روحانى، فى عبارات بالغة الدلالة لا تحتمل التأويل معتبرا أن سلوكه سيؤدى إلى تكرار التجربة المريرة لأحداث عام 2009 وقال: "فى تلك الأحداث أطلق البعض صراحة شعارات ضد أسس الثورة والمعتقدات الدينية وبما أنه لم ترسم حدود واضحة معهم فقد استمرت الأحداث وعلى المسؤولين رسم حدود جدية مع العدو الخارجى وأذنابه فى الداخل"، وفق النص الحرفى لكلمته.

 

سجال بين خامنئى وبنى صدر

السجال بين على خامنئى وأول رئيس منتخب فى تاريخ الجمهورية الإسلامية، أبو الحسن بنى صدر (4 فبراير 1980 ـ 21 يونيو 1981) والصدام بينهما ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى نحو 37 عاما حين تم انتخاب بنى صدر أول رئيس للجمهورية.

 

وبالرغم من أن مؤسس الجمهورية وقتها، روح الله الخمينى، حاول استرضاء على خامنئى بأن ولاه قيادة مؤسسة الحرس الثورى "سپاه پاسداران انقلاب إسلامی" فور تأسيس الحرس الثورى بالعام 1979 إلا أن خامنئى كان يتطلع إلى منصب رئيس الجمهورية، ومن وقتها وجد الحقد بذرته فى قلب الرجل الذى لا يترك فرصة إلا ويسدد فيها إلى غريمه الضربة تلو الأخرى.

لقطة لبنى صدر فى إيران بعد الثورة
لقطة نادرة لبنى صدر فى إيران بعد الثورة

 

الدليل على رغبة على خامنئى فى منصب رئيس الجمهورية وتطلعه إليه منذ اللحظة الأولى لنجاح الثورة، أنه ترشح للمنصب مرتين وفاز بدورتين رئاسيتين متتاليتين (1981 ـ 1989) بدعم من جبهة الخمينى بعد عزل أبو الحسن بنى صدر وفراره إلى أوروبا فى أعقاب أزمة سياسية شهيرة اتهم فيها آية الله الخمينى بضعف الأداء والقيادة وطالب بإنهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، ثم اغتيال الرئيس الذى تلاه، محمد على رجائى الذى لم يستمر فى المنصب سوى أقل من شهر (2ـ30 أغسطس 1981).

 

فى الشهور الأخيرة تحدث بنى صدر من منفاه فى باريس عن احتمال قرب نهاية على خامنئى وقال إنه تلقى معلومات حول رسالة سرية أرسلت من طهران إلى الرئيس الأميركى دونالد ترامب، تتعلق بمرشد الثورة الإيرانية على خامنئى، وتتناول معلومات تتعلق بتدهور صحة المرشد الإيرانى.

بنى صدر يؤدى اليمني الدستورية رئيسا فى مجلس الشورى الإيرانى وخلفه رئيس البرلمان الراحل هاشمى رفسنجانى
بنى صدر يؤدى اليمنى الدستورية رئيسا فى مجلس الشورى الإيرانى وخلفه رئيس
البرلمان الراحل هاشمى رفسنجانى

 

وقال فى مقابلة مع مواقع "إيران واير": "أُبلغت من داخل إيران بأن الرسالة السرّية تطلب من ترامب أن لا يزيد من الضغوط على طهران، من خلال فرض العقوبات الاقتصادية، لأن المرشد خامنئى مريض ويحتضر، وعلى ترامب أن يخفف من وطأة العقوبات؛ ليتم اختيار حاكم معتدل خليفة لخامنئى، ووعدته بأن يقوم خليفة خامنئى بلعب الدور ذاته الذى لعبه السيستانى فى العراق".

 

بنى صدر رجح صحة الرسالة قائلا: "أعتقد أن هذه المعلومات صحيحة، لأن الكونجرس أجل بالفعل التصويت على العقوبات التى ستفرض على إيران إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية فى إيران".

أبو الحسن بنى صدر فى لقاء تلفزيونى مؤخرا
أبو الحسن بنى صدر فى لقاء تليفزيونى مؤخرا

 

ولأنه كان أحد رموز الدولة الإيرانية فى مرحلة ما بعد نجاح الثورة فأكد أن رسالة مشابهة بُعثت أيضا فى عهد الخمينى إلى رئيس الولايات المتحدة السابق رونالد ريجان، مفادها أنه فى حال دعم ريجان (20 يناير 1981 – 20 يناير 1989) لإيران، فإن المعتدلين سيكونون على رأس السلطة فى طهران، وفقا لقوله.

 

إلى هنا انتهى حديث أبو الحسن بنى صدر، لكن خامنئى انتهز أول فرصة للحديث على الملأ فى وسيلة إعلام واتهم أبو الحسن بنى صدر بأنه حاول تقسيم المجتمع الإيرانى عندما كان على رأس السلطة التنفيذية بالعام 1980.

 

وقال خامنئى بعد مأدبة إفطار أقامها لرموز الدولة بحضور حسن روحانى يوم الاثنين 12 يونيو، إنه "فى عام 1980 قسّم رئيس الجمهورية آنذاك المجتمع إلى قطبين والشعب إلى قسمين موالى ومعارض ولا ينبغى تكرار هذه التجربة".

 

العزل.. العلاقة بين بنى صدر وروحانى

فى كلمته حاول خامنئى الربط بين سلوك الرئيس المعزول أبو الحسن بنى صدر، ونهج الرئيس الحالى حسن روحانى، وتحدث بعبارات لا تحتمل التشكيك عن أن حسن روحانى يعمل على "تقسيم الشعب" كما هو الحال مع الخبرة الإيرانية فى حالة أبو الحسن بنى صدر.

كلمة لبنى صدر فى انتخابات العام 1980
كلمة لبنى صدر فى انتخابات العام 1980

 

ووفقا لهذا الربط بين الاسمين، ولاعتبار أن المرشد الإيرانى وفقا للدستور يملك عزل الرئيس، ونظرا لأن رئيس السلطة القضائية (آية الله صادق لاريجانى) ورئيس السلطة التشريعية، مجلس الشورى الإسلامى (على لاريجانى) من المتشددين الذين يوالون المرشد؛ فبإمكان على خامنئى تكرار ما فعله الخمينى مع أبو الحسن بنى صدر، عن طريق توجيه اتهامات من القضاء والبرلمان إلى روحانى بالعمل على زعزعة الأمن والاستقرار كما فعل رفسنجانى (فى العام 1980 كان رفسنجانى رئيس البرلمان) مع بنى صدر.

 

وعليه فإن كلمات المرشد تحمل تهديدا لا تخطئه عين إلى حسن روحانى بالعزل من المنصب، وفى تصريحاته تهديد له بالكف عن انتقاده مؤسسة الحرس الثورى، لأنها بمثابة "خط أحمر"، وهو التعبير الذى اختاره لاريجانى فى كلمته يوم الجمعة الماضى، 9 يونيو حين شارك فى تشييع ضحايا تفجيرات الأربعاء الدامى فى طهران.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة