قامت قطر بدفع حوالى مليار دولار فدية لتحرير ستة وعشرين مخطوفا على الحدود السعودية العراقية (عشرة من المخطوفين ينتمون لعائلة آلِ ثان) وترددت الأنباء وطارت الأخبار حول مبالغ الفدية المهولة التى قيل إنها تراوحت بين سبعمائة وخمسين مليون، والمليار دولار عدا ونقدا! فى الواقع، لا نعرف على وجه الدقة دور الحكومة العراقية التى وقع الخطف فى أراضيها، وإن كان لها دور فاعل جدى أم لا، غير أنه الثابت أن الحكومات الخليجية قامت بتوجيه الشكر لحكومة حيدر العبادى وأثنت على جهودها لتحرير المخطوفين ووصولهم آمنين سالمين غانمين حياتهم دافعين مليارهم من خزانة قطر السخية التى لا تنفذ.
القصة لمن لا يعرف، حتى لا يهرف، تبدأ بمجموعة من الصيادين بدأوا رحلتهم لصيد ما تطاله حظوظهم فى شهر ديسمبر عام 2015 م، وهم ينتمون لعائلات المرى وآل ثان وغيرها من قبائل عريقة، تنتمى لجذور سعودية وقطرية وكويتية فى آن، فإذا بالصياد يتم اصطياده وقنصه، و يضحى فريسة وصيدا ثمينا لا يقوى أحد على دفع ثمنه ولا تحريره إلا العائلات الملكية التى تمتلك الخزائن ولها أذرعها المخابراتية وصلاتها الدولية وشبكاتها العنقودية، نعم، وقع الصيادون فى شباك الخاطفين، وأضحوا مخطوفين، وبطل الحكاية هنا هو المخطوف وليس الخاطف، لأن الأخير متعدد الهوية ومتباين التوجه، ولسنا على يقين جازم بتفصيلات الصفقة، لكن القدر المتيقن هو أن من استفاد وقبض المبالغ المالية المهولة والفدية التاريخية الفادحة هم أطراف عديدة ومتشابكة منها، حركة نجباء الإيرانية، وحزب الله اللبنانى المدافع عن القدس عن طريق الأراضى السورية، وأحرار الشام، وغيرها من جماعات مسلحة تُمارس دورها فى الشام، هذا الدور قد يكون (مقاوما) إذا ارتديت النظارة القطرية السعودية التركية، ويضحى (إرهابيا) إذا استبدلتها بالنظارة الإيرانية الروسية الأسدية !
اللافت للنظر والمستحوذ على الانتباه هو استفادة الأطراف المتناحرة على الأراضى السورية بحقائب الأموال القطرية التى أفادت الخاطف، وحررت المخطوف، وأبقت على وشائج المعروف، وخرج الكل راضٍ محققا هدفه، وهذا كاشف هيمنة قطر وتأثيرها غير المحدود ونفوذها متعدى الحدود على الفصائل المسلحة المعارضة للنظام وحتى تلك التى تدعمه، بدليل تحرير المدنيين وتبادل الأسرى فى المدن الأربع ( الزبدانى ومضايا وكفريا والفوعة) مؤخرا، لتخفيف الضغط وإزالة المعاناة عن السوريين المحاصرين، لاحظ أن ما قيل عن تغيير ديموجرافى لطبيعة سكان المدن الأربع، راح أدراج الرياح، فى سبيل الجهود المبذولة لنجدة من لا ذنب له ولا جريرة وهو ما تبنته قطر العظمى صاحبة الذراع الطولى مالكة العطايا والمنح، وأموال الفدية الأخيرة نموذج ومثال وغيض من فيض، ودليل دامغ على عدم استحواذ الفصائل المقاتلة لنظام الأسد على الأموال، بل أن الجود والسخاء امتد إلى الكل، (حزب الله وحركة نجباء ).
وإذا استمر الجود وتدفقت الأموال، استمر القتال، وسالت أنهار دم كل المتناحرين لتروى بساتين الشام التى يتربص بها الذئب الإسرائيلى ساكنا هادئا مستمتعا بقطعان الغنم العربى وهم يذبحون بعضهم البعض، مستخدمين كل ما لديهم من أسلحة فتاكة للقضاء على أنفسهم بأنفسهم بعد تقطيع أناملهم وأذرعهم وأرجلهم وقد جزوا من قبل نياط أعناقهم وقد امتلأت الأوطان بالثكالى واليتامى والأرامل والعجائز، ولم يبق إلا النواح والخراب، بعد أن ندر وعز الرجال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة