شروق ناجى رمضان تكتب : القوة الزائفة

المعنى الحقيقى للـ "strong independent woman" .. امرأة قوية، معتمدة على نفسها، ذلك الوصف الذميم الأكثر انتشاراً بين أوساط الفتيات والفتيان على حدٍ سواء!

من هى تلك القوية المقتصرة الاعتماد على نفسها؟!

هى فتاه بالتأكيد ابنه لأم، ألم تمثل تلك الأم فى حياة ابنتها أى دور؟

ألم تكن هى مصدر التعلم والتربية والأخلاق ومعظم إن لم يكن كل المشاعر الأخرى على مدار أكثر من نصف عمرها على الأقل قبل أن تصبح معتمدة على نفسها إلى الحد الذى يجعلها متنكرة من كل دعائمها السابقة!

هى بالمثل ابنة لأب، كان هو حصنها الحصين وفارسها المغوار النبيل، منبع الدفئ والحنان والاحتواء والصرامة أيضاً حينما كان الأمر يستدعى لذلك، ألم يكن هو أول الأعمدة التى ارتكزت عليها قبل الانطلاق إلى عالمها الخارجى الذى أصبحت فيه "بقدرة قادر" قوية كفاية للاعتماد على نفسها ونفسها فقط.. !

هذه هى تراهات العولمة المزعومة!

بعيداً عن كونها فتاة أم فتى.. من منا يستطيع أن يعيش وحيداً؟ وحيداً إلا من نفسه.. من منا يمكنه أن يستغنى عمن يقاسمه ليس فقط لحظات قوته أو ضعفه،  بل أيضاً يتقاسم معه حياته بأكملها بكل ما تنطوى عليه من فرح وحزن، من صعاب ونجاحات.

إن نبى الله (موسى) حينما أُمر بدعوة فرعون لم يطلب من الله أن يلهمه القوة، بالمثل لم يطلب أن يلهمه الثبات والثقة، طلب من الله عز وجل أن يرسل معه هارون أخوه، وأن يشدد به أزره، فهو منبع قوته ودعمه... هذه هى الحياة.

إذا خصصنا الحديث عن المرأة بوصفها زوجة أولاً وأماً ثانياً فالقوة المعنية هنا هى قوة الصمود أمام متطلبات الحياة ،قوة التحمل والقدرة على إعمال العقل من أجل إنجاح تلك النبتة الصغيرة (الأسرة)، القوة الأكبر هنا هى معرفة الواجبات بقدر معرفة الحقوق لكلا الطرفين ،القوة هنا تعنى نجاح الأسرة ونجاح الأبناء .

عندما تحدث القرآن الكريم عن الزواج لم يذكر عنه إلا أن "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون"

إذا هى ليست بحرب... فقط لو قام كل ذى دور بدوره ،لو رحم كل مننا الأخر لو قدر كل مننا المجهود المبذول من الأخر...لن تكون هناك أى حاجة لأن تكون هناك "strong independent woman" لإنه ليس هناك لا strong independent woman ولا حتى strong independent man نحن لا نعيش فى عوالم منفصله قُدر لنا أن نحيا معاً، فلنكن لما قدر إلينا.

ما يدفع المرأة أى امرأة لخلق مثل تلك الأوصاف هو (الخوف) ليس إلا !

الخوف من سلطة رجل تُطيح بحقوقها، لا تُقدرها ولا تُقدر مجهوداتها وتستهين بكل ماتفعل، فلا تجد المرأة حينها إلا سبيل الهرب خلف تلك المسميات التى باتت مزعجة وكأنها بذلك تحمى نفسها من ذلك الغول الكاسح !!

والأمر أبسط من ذلك، لو جنبنا سوء الظن جانبا، وبدأنا نتناقش فى الواجبات الملزمة لكل منا وتحديدها والاتفاق على الإلتزام بها، لقطعنا على أنفسنا شوطاً كاملاً من النزاعات والمشاحنات والتراكمات التى لن تفضى إلا لمزيد من الغضب والبعد والكره وانعدام التفاهم .. لكن من يدرك ؟!

تتسرع المرأة فى الدفاع عن نفسها وحماية نفسها ،بمثل مايتسرع الرجل فى رمى كل المسؤوليات فى وجة المرأة خوفاً من المساس برجولته، والنتيجة ...فشل الطرفين .