جميل أن يكتشف الإنسان مدى قدرته على التأثير على الآخرين، لا سيما لو كان هذا التأثير بشكل إيجابي، أى أنه يؤثر فى الآخرين بعلمه أو ثقافته، أو إحساسه، أو صدقه، أو بأى وسيلة إيجابية، فهنا يشعر وكأنه استطاع أن ينقش مكانته فى قلوب وعقول الآخرين .
ولكن الصعوبة فى هذا الأمر، تظهر حينما يكتشف أن هذا التأثير يُمكنه أن يتلاشى، إذا وُجِدَ له بديل تافه القيمة، فللأسف، كثير من الأشخاص يتنازلون عن أشياء قيِّمة من أجل المادة، أو من أجل لحظات وقتية لن تدوم، فكم من أشخاص باعوا أشياءهم النفيسة والتى كانت قيمتها فى ذكرياتها الجميلة التى لن تعود؛ من أجل الحصول على المادة، وكم من أشخاص قتلوا حبهم ومشاعرهم وأنبل أحاسيس عاشوها؛ من أجل قناعات لن تدوم، فللأسف، إذا أردت أن تعرف حقيقة تأثيرك على الآخرين، ومدى صدق مشاعرهم تجاهك، فضعهم فى الاختبار الصعب، وهو تمييزهم بين إحساسهم وإيمانهم بك، وبين ثمن بُعدهم عنك، فهنا، ستظهر الحقيقة، وتتجلى فى أصدق صورها، وقد تكون الصدمة عنيفة، ولكن يكفى أنها كانت عنوانًا للحقيقة.
وهذا ما حدث لرئيس وزراء بريطانيا السابق "ونستون تشرشل"، حيث ركب سيارة أجرة يومًا ما متجهًا إلى مكتب (BBC) لإجراء مقابلة، وعندما وصل، طلب من السائق أن ينتظره أربعين دقيقة حتى يعود، فاعتذر السائق، وقال: "لا أستطيع، علىّ الذهاب للبيت لكى أسمع (تشرشل)"، وبدا أن السائق لم يلاحظ أن "تشرشل" هو الزبون الذى قام بتوصيله، ففرح "تشرشل" من شوق هذا الرجل للاستماع له، وأخرج مبلغ عشرة دولارات وأعطاها للسائق بكل سرور، وعندما رأى السائق المبلغ غّيَّـرَ رأيه، وقال: "لعن الله تشرشل وأقواله، سأنتظرك ساعات حتى تعود" .
وللأسف، هنا ظهر أن تأثير المادة أقوى من تأثير الكلمات، وهكذا فعلى الإنسان ألا يفرح بمشاعر الآخرين نحوه، بل عليه أن ينتظر حتى يرى مدى تمسكهم به لو ظهر البديل أو ظهرت ظروف لم تكن طافية على السطح وقت التعبير عن المشاعر، فهذا هو الاختبار الصعب الذى يُظْهِرُ حقيقة مشاعر البشر .
عدد الردود 0
بواسطة:
مش مهم.
المهم في النهاية و بعد الإطلاع علي قائمة مليارديرات العالم ..
حكمت المحكمة حضورياً و بالإجماع إنه محدش بياكل أكتر من معدته.