عادة لا يعرف الإنسان قيمة الشىء إلا حينما يفقده، فهنا فقط يبتكر لكى يستعيده ثانية، وتظهر علامات الإبداع فى أفقه المترامى، والغريب أن كل هذه الظواهر البراقة، لا يكون لها وجود أثناء امتلاكنا للشىء أو الشخص الذى يسعى بكل الطرق لاجتذابه ثانية بعد فقدانه .
نستطيع أن نقول إنها حالة نفسية لصيقة بالبشر، فهم يحتاجون دائمًا إلى حالة من توليد الطاقة الإبداعية بداخلهم، وهذه الطاقة لا تلوح فى الأفق إلا بالخوف من الخسارة أو من الوصول إليها بالفعل.
وجميعنا يعلم أن "إسحاق نيوتن" هو مُكتشف نظرية الجاذبية الأرضية، فقد جلس ذات يوم بجوار إحدى السيدات فى مأدبة عشاء أُقيمت تكريمًا له، وفجأة سألته السيدة: "قل لى يا مستر نيوتن، كيف استطعت أن تصل إلى اكتشافك هذا؟" فقال العالم الكبير فى هدوء: "المسألة فى غاية البساطة، لقد كنت أقضى جانبًا من وقتى كل يوم أفكر فى هذه الظاهرة الغريبة التى تدفع الأشياء إلى السقوط على الأرض، إن التفكير وحده يا سيدتى هو الذى هدانى فى النهاية إلى هذا الاكتشاف".
قالت السيدة: "ولكننى أقضى ساعات طويلة من يومى أفكر وأفكر، وبالرغم من ذلك لم أكتشف شيئًا"، فسألها نيوتن: "وفيم كنتِ تفكرين يا سيدتى؟ " قالت: " فى زوجى الذى هجرنى وانفصل عنى بالطلاق"، فسألها نيوتن: "وهل كنتِ تفكرين فى زوجك بعد الطلاق أم قبله؟"، قالت: "بعد طلاقنا طبعًا"، وهنا نظر إليها العالم الكبير وقال لها: "لو أن تفكيرك فى زوجك يا سيدتى كان قبل الطلاق، لاستطعتِ أن تكتشفى أنتِ قانونًا للجاذبية من نوع آخر" .
وهكذا، يكمن الفارق بين من يفكر فى الشىء منذ البداية، فيصل إلى ما يبتغيه، لأنه يعطيه حقه من التفكير والدراسة، وهنا يظهر الإبداع، وبين من يُفكر فى الشىء بعد أن يفقده، فهنا يقع أسيرًا لإخفاقه وتقاعسه، فالقضية فى النهاية قضية وقت، فعلينا أن نستغل وقتنا لتحقيق مآربنا قبل أن تضيع الفرصة، وتكون محاولاتنا مجرد اجتهادات بعد فوات الأوان .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة