الكاتب حسين عثمان يكتب لـ"اليوم السابع":: "أوجاع الصحة المصرية"

الخميس، 06 أبريل 2017 08:00 ص
الكاتب حسين عثمان يكتب لـ"اليوم السابع":: "أوجاع الصحة المصرية" الكاتب حسين عثمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أحالت الحكومة هذا الأسبوع مشروع قانون التأمين الصحى الشامل إلى مجلس الدولة، للمراجعة وإحكام الصياغة القانونية، قبل إحالته إلى مجلس الشعب، ويخطئ من يظن أن هذا القانون قادم لإصلاح أحوال منظومة الصحة المصرية، واللوم هنا على من يصدر هذه الفكرة إلى الناس، فالقانون الجديد وإن كان يمد مظلة التأمين الصحى الشامل، لتضم قطاعاً عريضاً من المواطنين غير القادرين، تصل نسبتهم إلى 40% من الشعب المصري، وبحيث تتحمل الدولة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى تكلفة علاج هؤلاء المواطنين، إلا أنه لا يضمن علاج أوجاع الصحة المصرية، خاصة وأنه أبقى فى نصوصه على أنشطة تقديم الخدمة، والجزء الأكبر من تمويلها، والرقابة عليها، كما هى فى قبضة وزارة الصحة، وهو أصل المشكلة ومكمنها.  

ومن هنا نتوقع بيقين أن تزيد أوجاع الصحة المصرية حال صدور هذا القانون، فعبء تقديم الخدمة المنتظر وقتها، حتماً سوف يزيد على قدرات مستشفيات التأمين الصحى بالدرجة الأولى، ومعها المستشفيات الحكومية بشكل عام، طالما استمرت أحوال منظومة الصحة المصرية متردية على ما هى عليه، وهو ما قد يفقد قانون التأمين الصحى الشامل قيمته، ويجعله فقط قانوناً جديداً يضاف إلى ترسانة القوانين المعطلة عن العمل، بعد أن انتظرناه طويلاً ليقر خدمة العلاج والرعاية الصحية كحق أساسى للمواطن المصري، يمثل أحد حقوق الإنسان الأصيلة فى الحياة، ويعد أحد أهم معايير قياس نجاح أى حكومة فى كل الدول المتقدمة والنامية سواء بسواء، واهتمام رئيسى أمريكا السابق والحالى به ماثل أمامنا فى هذا الشأن.

ماذا كنا نتمنى أن يصاحب صدور هذا القانون؟!.. عدة خطط تسير فى اتجاهات متوازية نحو إعادة هيكلة منظومة الصحة المصرية، وبما يحقق تصحيح أوضاعها، ومداواة آلامها، فتسير عفية قادرة على علاج ورعاية الآخرين، ولن يتأتى هذا إلا بإعادة النظر فى المنظومة ككل، بأجنحتها الأساسية المتمثلة فى تقديم الخدمة، وتمويلها، والرقابة عليها، والمدخل لإصلاح المنظومة يتمثل فى ضرورة الفصل بين الأنشطة الثلاثة، وبحيث تتبع ثلاث جهات حكومية مختلفة، صحيح أن القانون الجديد يقر تشكيل ثلاث هيئات جديدة تختص بكل منها، هيئة التمويل المسئولة عن الاشتراكات، وهيئة الرعاية الصحية المسئولة عن تقديم الخدمة، وهيئة الرقابة والاعتماد والجودة المسئولة عن ضمان سلامة الخدمة ورفع مستواها، ولكنه أبقى تبعيتها جميعاً كما هى لوزارة الصحة!!.

كلنا يعلم سوء مستوى الخدمة فى المستشفيات الحكومية، وهو ما يتطلب تجديد بنيتها الأساسية المتهالكة، وتشغيل المستشفيات المبنية المهجورة، قبل أن نفكر فى إنشاءات جديدة، ومع ضرورة تطوير التجهيزات الطبية، العاجزة عن اللحاق بلغة العصر فى مختلف التخصصات، وتسوية أوضاع كافة الموارد البشرية العاملة فى هذه المستشفيات، ورفع كفاءاتها المهنية والشخصية، وتفعيل تطبيقات تكنولوجيا نظم المعلومات الطبية والإدارية، وليعاد النظر عند مناقشة مشروع القانون الجديد فى مجلس الشعب، فى إشكالية تبعية الهيئات الجديدة المشار إليها، بحيث تتبع هيئة التمويل بالكامل وزارة التضامن الاجتماعي، وهيئة الرعاية الصحية مجلس الوزراء مباشرة ضماناً لاستقلاليتها، ولتكتفى وزراة الصحة بهيئة الرقابة والاعتماد والجودة ضماناً لسلامة تقديم الخدمة أولاً، ورفع مستواها قياساً على المعايير الدولية ثانياً.

هل نتحدث هنا عن مستحيل؟!.. بالقطع لا.. هى فقط تحديات، ولا حياة بدون تحديات لمن يريد مواكبة تغييراتها السريعة المتلاحقة، فلنضع أمامنا قصص نجاح ونماذج يمكن البناء عليها، نبدأ كما بدأت، ونتفادى أخطاءها، كفانا اختراعاً للعجلة، أوجاع الصحة المصرية تتزايد إلى حد الخطورة، والصحة صحتنا جميعاً، ولن تتعافى إلا بأن نعمل معاً، كل فيما يخصه، وبقدر ما يستطيع، التوجه لابد وأن يكون قومياً، بداية من رأس الدولة، ومروراً بالتعاون فيما بين أعضاء الحكومة ذوى الصلة، ثم مجلس النواب بما يساعد على إزالة أى صعوبات رقابية أو تشريعية تعوق جهود تطوير منظومة الصحة المصرية، ونهاية بنا، المجتمع المدني، القادر دائماً على صنع المعجزات، ولنا فى مستشفى سرطان الأطفال مثلا يحتذى. 

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة