محمود حمدون يكتب: صعود مؤلم وسقوط أكثر إيلاما

الثلاثاء، 04 أبريل 2017 04:00 م
محمود حمدون يكتب: صعود مؤلم وسقوط أكثر إيلاما شخص مسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعثّرت قدماه ذات ليلة مظلمة فاتكأ على يديه خشية السقوط على الأرض، وقعت عيناه على عملة نقدية ملقاة تحت طيات التراب، عملة صغيرة تافهة القيمة لا يعرف لماذا انحنى عليها والتقطها ووضعها فى كف يده، أخذها ومسح عنها التراب وما علق بها من شوائب بطرف قميصه حتى عاد إليها بريقها النحاسى اللامع.

 

وبطفولية ونزق متأصلان بداخله قذفها بطرف أصبعيه الإبهام والسبابة اليمنى فى الهواء، لترتفع لأعلى ثم تهبط سريعا تحت ضوء عمود إنارة، رحلة تستغرق ثانية أو تزيد قليلا من الزمن، ثم تهوى إليه فيبسط لها كف يده اليمنى لالتقاطها .

 

لكن شعر وكأن الزمن فجأة قد توقف أو تباطأ فيرى العملة تهبط ببطء وتتلوى على جانبيها ليرى حياته تمر أمام عينيه كشريط سينمائى منعكسة على وجهيها الصغيرين اللامعين، ذكريات الطفولة ونزق المراهقة وعثرات النضج. وما بين صعود مؤلم وسقوط أكثر إيلاما، ولم يرى فارقا كبيرا بينه وبين تلك العملة النقدية البائسة .

 

وأخيرا سقطت العملة الصغيرة برفق فى راحة يده ليرى على أحد وجهيها صورة كهل قد غزا الشيب رأسه ووهن جسده، شخص غير ما يعرف مستقلا عنه وإن حواه جسده، فيقبض عليها بقوة كأنما يخشى فراقها لكنها تنزلق بخفة من بين أصابع يده لتكمل طريقها داخل بالوعة صرف صحى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة