يصيبك الهلع ويتملكك الذعر لو قابلته، لا تأمن عقابه المباغت غير المتكافئ للخطأ المرتكب، غير المتناسب مع الجرم المقترف، ليس خلوقا هادئا، لكنه سكير قادر على مالا يتخيله العقل السليم والفطرة السوية، ليس مجنونا، إنما هو قائد مطلق السلطات والصلاحيات يتصرف كما تتصرف أنصاف الآلهة أو الآلهة بالغة سن الرشد البادية على وجهها قسمات النضج، إنه كم جونج أون رئيس كوريا الشمالية، الرجل الذى ورث العناد والعزلة والصلابة كابرا عن كابر، الجد كيم إيل سونج والأب كم جونج إيل، والحفيد كم جونج أون، وكأنك تشاهد فيلم الجزيرة للمخرج شريف عرفة، تلك الجزيرة التى تتسم بالعزلة وصلابة قاطنيها وقوانينهم التى تختلف عن سائر العالم، ولا تعرف شيئا عن دساتير الأسرة الدولية ومواثيق الحقوق الإنسانية !
كم جونج أون ليس فقط قائدا مارقا متمردا على سيدة العالم الخلوقة الولايات المتحدة الأمريكية التى لطالما تطلب الخنوع والاستسلام والإقامة فى بيت الطاعة الدولية، فلا تجد إلا النشوز والنفور، إنما هو قائد امتلك أسباب قوة الانفصال والعزلة والتحدى وإعلان عدم الإذعان لأنه يمتلك العصا الغليظة (النبوت)، نبوت فتوات نجيب محفوظ، ففى الحارة المصرية وفى العلاقات الدولية، القوة هى خالقة الحق وحاميته، ومتى امتلكت أسباب ومقومات القوة الصلبة بات لك الحق فى ممارسة ما يحلو لك ممارسته، وتستطيع أن تفسر الاتفاقات الدولية والمواثيق العالمية والمعاهدات الإلزامية والبروتوكولات الكونية كما يروق لك ويصب فى مصلحتك، ولن يجرؤ أحد أن يفتح فاه لأنه يرى عصاك وقوتك ونبوتك، أما من اكتفى بالتوت ومفردات النعومة والخطابات الشعبوية الحنجورية التى تضحى أثرا بعد عين أمام الضربات الجوية المباغتة، فلا يلومن إلا نفسه وكذبه عليها قبل أجهزته وشعبه !
عصا الولايات المتحدة وجزيرتها لن ينفعا ولن يعملا فى كوريا الشمالية، لاختلاف الحالة وتعقد المسألة، وتعمق الأزمة، ولأن الأقوياء يحترمون الأقوياء، فلا ينكسر إلا المنبطح المهزوم الذى سلم زمام أمره لغيره، واعتمد على ما لا يجب الاعتماد عليه من مفردات غير ذاتية ومعطيات خارجية وتدخلات دولية ..
فى النهاية لن يصح إلا الصحيح وهو احترام العالم للقوى رغم كرهه وتمنى فنائه وزواله، والاستهانة بالضعيف رغم عدالة قضيته واستمرار عرى محبته، وتقوية وشائج صداقته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة