"خطبة الجمعة" تشعل أزمة سياسية فى الجزائر.. أئمة 15 ألف مسجد خصصوا خطبة الجمعة الماضية للانتخابات التشريعية بتعلمات حكومية.. ووزارة الأوقاف تؤكد: "مصادفة" والشيوخ فى بلادنا صناع رأى عام

الأربعاء، 26 أبريل 2017 03:30 ص
"خطبة الجمعة" تشعل أزمة سياسية فى الجزائر.. أئمة 15 ألف مسجد خصصوا خطبة الجمعة الماضية للانتخابات التشريعية بتعلمات حكومية.. ووزارة الأوقاف تؤكد: "مصادفة" والشيوخ فى بلادنا صناع رأى عام "خطبة الجمعة" تشعل أزمة سياسية فى الجزائر
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

رٌفع أذان الجمعة.. وصعد الأئمة إلى المنابر.. فتفاجأ كل من ذهب للصلاة فى 15 ألف مسجد على مستوى الجزائر بمدنها أن الانتخابات التشريعية هى الموضوع الأساسى للخطبة، وهو الأمر الذى أثار جدلا سياسيا واسع الأصداء فى البلاد، ووجدت المعارضة فى ذلك فرصة لاتهام الحكومة باستغلال سلطتها على المساجد لإقحام الدين فى السياسية، فى حين نفضت الحكومة عن نفسها الاتهامات وقالت "صدفه".

فعلى مدار الأربع أيام الماضية عاشت الجزائر على وقع هذا الجدل قبل أسبوعان فقط من انتخابات تشريعية حاسمة فى تاريخ الجزائر ستجرى فى 4 مايو المقبل، وهى الانتخابات الأولى بعد حزمة من التعديلات الدستورية تم إقرارها منذ قرابة عام منحت صلاحيات أكبر للبرلمان، ولهذا يصنف المراقبون تلك الجولة بأنها بداية التأسيس للخريطة السياسة فى البلاد لمرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وانطلاقا من أهمية هذه الانتخابات تخشى الحكومة من عزوف الجزائريين عن المشاركة فى الانتخابات المقبلة، خاصة أن الأيام الأولى للحملات الانتخابية كشفت عدم اهتمام الشريحة الأكبر بالقوائم الانتخابية أو برامج الأحزاب، وهو ما رأى فيه المسئولين نذير خطر، خاصة أن آخر انتخابات نيابية جرت فى العام 2012 شهدت نسبة عزوف غير مسبوقة عن صناديق الاقتراع، حيث لم تتعد نسبة المشاركة 43% من مجموع أعداد الناخبين.

اقحام المنابر فى المعركة الانتخابية جاء كما كشفت صحيفة الخبر الجزائرية بناء على تعليمات مباشرة من وزارة الشئون الدينية والأوقاف التى أرسلت خطابا يوم الخميس الماضى للأئمة طالبتهم بتخصيص الخطبة لحث المواطنين على المشاركة فى الانتخابات التشريعية، والتصدى للأطراف المشبوهة التى تهدف إلى تعطيل المسار الانتخابى.

وأشارت الصحيفة الجزائرية إلى أن هناك تقارير مفصلة حول استجابة الأئمة لدعوة وزارة الأوقاف، لافته إلى أن نسبة الاستجابة من طرف الأئمة كانت مرتفعة بحوالى 90% عن عدد الأئمة، وشدد مصدر مسئول بالوزارة أن الدعوة ليست استغلال الدين فى السياسة، بل الوزارة لها تقدير بأن الانتخابات مصلحة عامة، لذلك نساهم عن طريق المساجد بأن تكون المشاركة فيها مقبولة.

وبين اتهامات استغلال الدين فى السياسة ومبدأ المنفعة الوطنية تبادلت الحكومة ومعارضيها الاتهامات، حيث نشر المعارض الجزائرى وأحد أبرز دعاة مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة سمير بن العربى على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" "خطب الجمعة تحث على التصويت وعبد الوهاب دربال (رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات) يقول إن الانتخابات نزيهة"، وأضاف إلى تعليقة نص المادة 184 من قانون الانتخابات الجزائرى التى تتعارض مع ما تم فى خطبة الجمعة، حيث تنص المادة على أنه "يمنع استعمال أماكن العبادة والمؤسسات والإدارات العمومية ومؤسسات التربية والتعليم مهما كان نوعها وانتماءها لأغراض الدعاية الانتخابية، بأى شكل من الأشكال".

وحاولت الحكومة بشتى الطرق نفض التهمة عنها بعد أن تصاعد الجدل على الساحة السياسية حيث حاول وزير الأوقاف والشئون الدينية محمد عيسى نفى التهمة قائلا فى تصريحات نقلتها صحيفة الشروق التونسية، وأكد أن وزارته لم تصدر أى تعليمات حول مضامين خطبة الجمعة لحث المواطنين على المشاركة فى الانتخابات، مؤكدا أن الأمر كان “مبادرة صادقة” من الأئمة والخطباء، وقال إن "أئمة المساجد فى جزائرنا المجيدة صنّاع رأى عام، فقد هبوا هبة صادقة الجمعة الماضى ليطبقوا سنة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فى بذل النصيحة للمجتمع من السنة التى رواها الإمامان البخارى ومسلم".

يأتى ذلك فى الوقت الذى دافع فيه رئيس النقابة الوطنية للأئمة، جلول حجيمى عن ما قام به الأئمة، مؤكدا لصحيفة الخبر "الأئمة الذين حثوا المواطنين على المشاركة فى التصويت، فذلك ما تقتضيه المصلحة الشرعية، فاعتمدنا خطابا راقيا فى خطب الجمعة، وأى شخص آخر له رأى مخالف لخيار الحث على المشاركة، فمرحبا به لكن بأدب، فنحن نخشى فراغا دستوريا إن كانت نسبة المشاركة 5%".

ورفض اتهامات المعارضة بأن ما حدث استغلال للدين فى السياسة وقال إن "الجامع له سياسته ويدعو الأمة إلى الصالح العام، ولم نسلم المساجد إلى أحزاب المعارضة أو السلطة، حتى نقول بأنّه استغلال للدين فى السياسة"، وشدد على أنه لم يكن هناك إجبار لأى من الأئمة على الالتزام بتعليمات الوزارة.

وفى الجانب الآخر أعلن رئيس المجلس الوطنى المستقل للأئمة، جمال غول رفضه لتلك الدعوات، معتبرا أن إقحام المسجد فى السياسة يخرجه عن الحياد ووظيفته الدينية، وهو ما يعتبر خرقا لقانون الانتخابات الجزائرية، وقال: "إن المسجد يعتبر مكان عبادة من الجانب الشرعى، ويقصده المواطنون لأداء شعائرهم الدينية، ومن بين هؤلاء من هو مع المشاركة ومنهم من هو مع المقاطعة وهذا شأنهم الذاتى".

وجاء هذا الجدل ليشعل الساحة الانتخابية فى وقت كانت تشهد فيه عزوف شعبى عن متابعة الحملات الانتخابية، ورغم أن جميع الأحزاب الجزائرية أعلنت مشاركتها فى هذه الانتخابات باستثناء حزب "طلائع الحريات"، الذى يقوده رئيس الحكومة الأسبق على بن فليس، وحزب "جيل جديد"، حديث النشأة، بدعوى عدم وجود ضمانات كافية لنزاهتها، إلا أن إقدام الحكومة على استغلال المسجد فى الدعوة للمشاركة يكشف مدى خوف السلطة من العزوف عن المشاركة الانتخابية وهو ما قد يقع السلطة فى مأزق كبير، إلا أن العاصفة التى ثارت الجمعة الماضية قد تجعل من الصعب ذكر الانتخابات التشريعية فى الخطبة القادمة.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة