جاءت نتائج الجولة الأولى للانتخابات الفرنسية، مفاجأة للجميع حيث لأول مرة يخرج مرشحو الأحزاب الرئيسية من السباق الانتخابى، حيث تناوب مرشحو المحافظين والاشتراكيين على مدى أكثر من أربعة عقود، احتكار قصر الإليزيه، وهو ما يعكس رغبة حقيقية لدى الناخب الفرنسى فى التغيير.
ومن أصل 11 مرشحا خاضوا الجولة الأولى، التى أجريت الأحد، كانت المنافسة شديدة بين أربعة منهم ويتصدرون استطلاعات الرأى، يقف فى طليعتهم المرشح الوسطى الشاب إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان وهى زعيمة حزب الجبهة الديمقراطية، يتبعهما بفارق طفيف المحافظ فرنسوا فيون، وزعيم أقصى اليسار جان لوك ميلنشون.
وانتهت الجولة الأولى بفوز لوبان السياسية المخضرمة، وماكرون الحديث العهد فى العمل السياسى، والذى يبدو من نتائج الجولة الأولى أنه اكتسب شعبيته على أساس رفض الأحزاب التقليدية والرغبة فى التغيير، حيث وصفت صحيفة وول ستريت جورنال النتائج بأنها توبيخ للأحزاب الرئيسية.
وهذه هى المرة الأولى، منذ 1958 التى يغيب فيها اليمين عن الدورة الثانية فى فرنسا، والمرة الأولى التى لا يعبر فيها مرشحا الحزبين الكبيرين اللذان هيمنا على الانتخابات منذ نحو نصف قرن، إلى الدورة الثانية الحاسمة، بحسب الإذاعة الألمانية، بعد أن أسقط الناخبون مرشح الحزب الجمهورى (يمين) فرنسوا فيون ومرشح الحزب الاشتراكى بنوا هامون.
وتقول "وول ستريت جورنال"، إن الناخبون الفرنسيون أعادوا رسم الخريطة السياسية بما يضع الاتحاد الأوروبى فى قلب الانقسام السياسى الجديد فى فرنسا وأوروبا، حيث تعهدت لوبان بقيادة فرنسا نحو الخروج من الاتحاد الأوروبى على غرار خروج بريطانيا أو ما يعرف بـ البريكست، بينما ماكرون مدافع قوى عن الهيئة الأوروبية. لذا فإن الاتحاد الأوربى ومطالبه بالتجارة الحرة والحدود المفتوحة أصبحا مع نتائج الأحد الخط الفاصل فى نظام سياسى جديد.
واتفقت صحيفة "نيويورك تايمز"، فى اعتبار النتيجة بمثابة توبيخا كاملا للأحزاب الرئيسية التقليدية فى فرنسا وأشارت إلى أنها تضع البلاد على مسار غامض فى لحظة حرجة حيث سيتقرر مستقبل الاتحاد الأوروبى بناء على هذه الانتخابات. واعتبرت فوز لوبان بمثابة انتصار للمتشككين المعارضين للاتحاد الأوروبى ولأولئك الذين يرغبون فى مزيد من سياسات "فرنسا أولا" المناهضة للمهاجرين.
ويشير نجاح ماكرون، بحسب الصحيفة، إلى أنه على الرغم من الهجمات الإرهابية المتعددة التى وقعت فى فرنسا مؤخرا، فإن رسالة التواصل مع المهاجرين وقبول المسلمين فضلا عن التنوع العرقى لاتزال فعالة.
ووصف عدد من المعلقين السياسيين نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية بأنها تعيد رسم الخريطة السياسية فى فرنسا. وعلقت الصحفية المخضرمة، كريستين أوكرنت، فى تعليقات لمحطة CNN الأمريكية، واصفة النتيجة بأنها زلزال سياسى فى فرنسا وأوروبا.
وأشارت إلى أن المرشح المستقل ماكرون، الذى تقلد منصب وزير الاقتصاد سابقا، يعد إنجاز ملحوظ لأنه يمثل التفاؤل.
ومع ذلك تشير التوقعات إلى هزيمة لوبان أمام ماكرون فى الجولة الأخيرة المقررة 7 مايو المقبل، واستطاع ماكرون، الشاب صاحب الـ39 عاما حصد الدعم من اليسار واليمين مع وعوده بتعزيز الاقتصاد وتحسين الوضع الأمنى. وتحشد حركته "إلى الأمام" التى تأسست فى سبتمبر الماضى فقط 200 ألف عضو، وقد جذبت لقاءاته الشعبية حشود كبيرة.
وبغض النظر عن الفائز بالرئاسة، سيواجه الرئيس الجديد تحديا صعبا، إذ يحتاج كلاهما إلى مرشحين ميدانيين للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها فى يونيو المقبل من أجل تنفيذ برامجهم الانتخابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة