محمود طاهر يكتب: رسالة الأزهر‎

الجمعة، 21 أبريل 2017 08:00 ص
محمود طاهر يكتب: رسالة الأزهر‎ الأزهر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحت عنوان "تجديد الإسلام رسالة الأزهر"، كتب الأستاذ مصطفى صادق الرافعى: الأزهر هذه الكلمة التى لا يقابلها فى خيال الأمة المصرية إلا كلمة الهرم، وفى كلتا الكلمتين يكمن سر حفى من أسرار التاريخ التى تجعل بعض الكلمات ميراثاً عقلياً للأمة ينسى مادة اللغة فيها ولا يبقى منها إلا مادة النفس، إذ تكون هذه الكلمات تعبيراً عن شىء ثابت ثبات الفكرة التى لا تتغير .

فالحجر فى الهرم يكاد يكون فى العقل زماناً لا حجراً وفناً لا جسماً، والمكان فى الأزهر يغيب فيه معنى المكان وينقلب إلى قوة عقلية ساحرة.

بهذه الكلمات استهل مصطفى صادق الرافعى حديثه عن رسالة الأزهر فى القرن العشرين، لافتاً النظر إلى أن الأزهر ليست مجرد كلمة، وليس مجرد مكان، بل هو فكرة قائمة بذاتها، وكأنما تجملت به اللغة، وكأنما مكانه شمس على الأرض تخلق فى الأبدان قوتها الروحية، وضميرها المنشود .

فالأزهر فى زماننا يكاد يكون تفسيراً جديداً للحديث "مصر كنانة الله فى أرضه" فعلماؤه أسهم نافذة من أسهم الله يرمى بها من أراد دينه بالسوء، فيمسكها للهيبة، ويرمى بها للنصر .

ولن يكون لعلمائه هذه القوة المعدة للنصر، المهيأة للنضال، إلا إذا انقلبوا إلى طبيعتهم الصحيحة فلا يكون العلم حرفة ولا مهنة ولا مجرد باب ارتزاق، فيخرجوا بالعلم من أوراق الكتب ليصير حقيقة توحى لكل من يراها بالإيمان الثابت الذى تظهر فيه العظمة الروحانية، فالناس اليوم أحوج إلى ضمير العالم لا إلى كتبه .

وما الإسلام على الحقيقة إلا قانون الضمير، القائم على أن الله لا ينظر من الإنسان إلى صورته، وإنما إلى قلبه وعمله، فليكن أول ما يحمله الأزهر من رسالته "ضمائر أهله" ليكونوا مقررين خُلق فى الحياة قبل أن يكونوا معلمين علم فى الحياة، فيكونوا انعكاساً صادقا للمبادئ فعلا وعملاً، لا بقول وبعض سطور تسود بها الأوراق .

وفى زمان كزماننا حيث خيمت الفتن وعمت المحن، وميعت الحقيقة بين طيش متفلت، والتزام متزمت، فأخص واجبات الأزهر أن يعمل لإقرار معنى الإسلام الصحيح فى المسلمين أنفسهم، ليجدد للناس دينهم، ويحفظ للإسلام معناه وحقيقته .

وهو وحده القادر على هذه الرسالة وأسباب نجاحه مهيأة فله بقوة التاريخ الزعامة جامع وجامعة، وفيه عند المسلمين بقية الوحى على الأرض وصورة المزاج الإسلامى المحض اعتدالاً وامتثالاً .

فلا ينبغى أن يتخلى عن واجب هذه الزعامة، ولا أن يفقد القوة التى كان بها يحكم، وهى قوة المثل الأعلى التى تجعل من علمائه حقائق مؤثرة عاملة فى حياة الناس غنيهم وفقيرهم، لا حقائق متروكة مهجورة مهملة .

 فواجب الأزهر ألا يغيب صوته وعمله فى إصلاح هذه الحياة المائجة، من السطح إلى القاع، وهو وحده الذى يسعه أن يجعل النبوة كأنها شىء واقع فى الحياة العصرية لا خبر تاريخى فيها، فرسالته أن يجدد عمل النبوة فى الشعب، أو ينفى عمل التاريخ والكتب ووثنية العادة، ليعطى الأمة دينها الواضح السمح الميسر وقانونها العملى الذى فيه سعادتها وقوتها .

وليكن الأزهر جريئاً فى إتمام رسالته ملحا فى طلب أسبابها، وليبدأ برجاله وطلبته فيصيرهم أمثلة صادقة لقوة الدين والخلق .

والخلاصة أن اهتداء الأزهر إلى حقيقة موضعه فى عصرنا، أول رسالة للأزهر فى عصرنا.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة