لم يُحقق العرب أحلام الوِحدة إلا فى كلمات الأغانى التى يزيد عددها على عدد اتفاقات التبادل التجارى الموقعة بين الدول العربية ولم نعرف التعاون فى الإنتاج المُشترك إلا فى المسلسلات والأفلام السينمائية! أما البيانات الختامية للقمم السابقة فقد تشابهت جميعها بين الشجب والاستنكار والتقاط الصور بعيدا عن القرارات الفاعلة والإنجاز على أرض الواقع .
والغريب أن الحروب الدامية التى وُصفت بأنها الأكثر دموية فى التاريخ بين الأوربيين والتى راح ضحيتها الملايين من شعوبهم لم تمنعهم من تحقيق الآمال فيما فشلنا فيه نحن بعد تأسيس الاتحاد الأوروبى، فكونوا الوحدة الاقتصادية المُمثلة فى السوق الأوروبية المشتركة، وحِلفا عسكريا (الناتو) بالاشتراك مع دول قارة أمريكا الشمالية، وكُلل التضامن بينهم بوجود علم يجمعهم وتأشيرة وعملة واحدة فأصبحوا على ما هم عليه من قوة كبيرة سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
ولم يكن غريباً على الأشقاء فى العالم العربى الذين لم يحققوا ما حققه الأوربيون من التكتل والتضامن الحقيقى، رغم أن عناصر الالتقاء بينهم كبيرة فى الدين واللغة ووحدة المصير، أن تكون كل متطلباتهم واحتياجاتهم مكتوب عليها (صنع فى الخارج) فلم نعد نُصدر إلا اللاجئِين والمهاجرين غير الشرعيين أو فكر مغلوط عن ديننا وقيمنا.
إلا أن الآمال لا تزال قائمة والأمانى ممكنة بشرط إدراك الجميع أن العيش منفردا مهما توفرت أسباب الاستقلال والقوة الاقتصادية لكل دولة لن يعصمها من تبعات ضعف محيطها الخارجى، وسيؤثر عليها حتما والأمثلة، واضحة على تأثُر الدول المجاورة لليمن والعراق وليبيا وسورية، فعلى البنيان المرصوص أن يشد بعضه بعضا، كذلك العمل على نقل استثمارات الخارج إلى الداخل العربى للقضاء على الفقر والجهل والتطرف وتعزيز العلاقات وتجاوز الخلافات ومعرفة الأعداء ودعم الأصدقاء والعمل على توحيد الرؤى والمواقف السياسية نحو بداية جديدة، فلن يكون انطلاق الصاروخ صحيحا إلا بعد تحديد الهدف بكل دقة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة