دولة الهند دولة كبيرة جداً من ناحية المساحة ومن حيث عدد الأديان ومن ناحية عدد السكان حيث تعتبر الهند ثانى أكبر دولة فى العالم من ناحية عدد السكان.... والزيادة الكبيرة فى عدد السكان بالنسبة للدول الفقيرة أزمة كبيرة جداً ولكن ليس مع الهند، فبرغم العدد الكبير للأديان والطوائف المختلفة فى دولة الهند الحديثة لم ينقسم الشعب.. وأيضا ارتفاع نسبة الفقر بشكل كبير للغاية لم يضعف من عزيمتها... ولكنها دولة استطاعت أن تقتحم عالم (العلم والتكنولوجيا) ونالت الاحترام والتقدير من العالم أجمع.. بل يمكن أن نقول إنها فرضت احترام العالم لها بتقدمها التكنولوجى.
بدأت الهند فى مجال علوم الفضاء منذ الستينيات من القرن الماضى وفى فترة السبعينات أطلقت الهند أول قمر صناعى (هندى) بصاروخ ( سوفيتى)... ولكن هل وقفت الهند عند ذلك الأمر... أبداً... بل قامت بعد ما يقرب من عشر سنوات أى فى فترة الثمانينات بتطوير نفسها وقامت بالتقدم فى الأبحاث العلمية والإنفاق عليها حتى استطاعت أن تطلق (قمر صناعى هندى بصاروخ هندى).. فصناعة الفضاء أمر ليس بيسير والأمر لم يكن سهلاً فقد وقعت الهند فى فشل كبير فى بداية الأمر وخرجت من فشل إلى فشل فكانت كلما أجريت تجربة إطلاق صاروخ فضائى ينفجر بمجرد إطلاقه.. ولكن ذلك لم يثنيهم عن العمل والإصرار على النجاح رغم الفقر الذى كان يعيش فيه الشعب الهندى ورغم استهزاء بعض من سبقوها فى مجال الفضاء.
فعندما كانت الهند تقوم بذلك العمل لم يخرج أحد ينادى بتوفير الأموال التى يتم إنفاقها فى ذلك المجال واستخدامها فى توفير الطعام للشعب الفقير.. لأنهم كانوا يعلمون جيداً أن الإنفاق فى العمل سيؤدى فى النهاية إلى إطعام ذلك الفقير.
ولم تتوقف الهند عند هذا الحد من النجاح بل استطاعت فى عام 2008 من الوصول إلى القمر بواسطة (مسبار فضائى هندى) وقام ذلك المسبار بالدوران حول القمر (3000 مرة) وأرسل ما يقرب من (70 ألف صورة) للقمر مما ساهم فى الأبحاث العلمية الخاصة بعلوم الفضاء.
وتعرضت الهند إلى حرب نفسية لإثنائها عن مواصلة النجاح.. فقامت مجلة ( نيويورك تايمز ) بنشر كاريكاتير عنصرى عبارة عن رجل فقير يسحب بقرة ويسير بها وسط مجموعة من الأغنياء.
وفى عام 2013 استطاعت الهند الوصول إلى كوكب (المريخ) فأذهلت العالم أجمع واضطرت جريدة (نيويورك تايمز) إلى الاعتذار للهند لما قامت بنشره من قبل... فقد استطاعت الهند إجبار العالم إلى احترامها.
ولم تكتف الهند بما وصلت إليه بل واصلت العمل إلى أن حققت الأيام الماضية رقماً قياسياً فقد استطاعت دولة الهند فى العام الحالى ( 2017 ) من كسر الرقم القياسى فى إطلاق أكبر عدد من الأقمار الصناعية بواسطة صاروخ واحد والذى كان مسجلا باسم دولة روسيا حيث إن روسيا استطاعت إطلاق ( 37 قمر صناعى بصاروخ واحد ) عام 2014 ولكن الهند صاحبة الإبداع الفضائى استطاعت أن تطلق صاروخا فضائيا يحمل ( 104 قمر صناعى ) منها ثلاثة أقمار لدولة الهند وباقى الأقمار لـ الولايات المتحدة وإسرائيل وسويسرا وهولندا وكازاخستان ودوله الإمارات العربية.. فبعد أن كان العالم يستهزئ بالهند أصبح يلجأ إليها.. نعم إنها نتيجة النجاح.
الهند بدأت بعد مصر فى هذا المجال ولكننا توقفنا مكاننا والهند سبقتنا بمسافة كبيرة جداً وذلك بسبب عدة عوامل وهى.
أولا: العمل الجماعى وتراكم الأعمال... بمعنى أن كل مسئول يجىء فى أى منصب كان يعمل على استكمال من سبقه ولم يهدم المعبد.
ثانياً: عدم تأثير الفشل فى رحلة البحث عن الهدف... فلم يكن للفشل ـى تأثير فى العزيمة والإصرار على النجاح.
ثالثاً: عدم الخوف من الابتزاز... فلم تكن الهند تعطى أى اهتمام لأى انتقاض يوجه ‘ليها أو لأى سخرية تتعرض لها مع كل محاولة فاشلة كانت تقع فيها ـثناء العمل
رابعاً: الإصرار على النجاح.
ونتيجة لما سبق أصبحت الهند الآن دولة ذا شأن كبير فى علوم الفضاء حيث إنها لم تنجح فقط فى هذا المجال وإنما أصبحت مثالا يحتذى به. فالهند كلفت رحلتها إلى كوكب المريخ ( عشر الأنفاق ) الذى قامت بها وكالة ( ناسا الأمريكية ) مما دعا الأخيرة إلى طلب التعاون مع وكالة الفضاء الهندية.
فإجمالى الاستثمار الفضائى فى العالم ( 300 مليار دولار ) ونصيب الهند منه كبير بسبب تقدمها فى ذلك المجال. فعندما نجحت الهند فى علوم الفضاء وقف الزعيم ( مودى ) رئيس وزراء الهند فى ( منهاتن ) وقال ( أيها الأمريكيون... الهند لم تعد أمة الصحراء التى تراقص الثعابين ) متفاخرا بنجاح بلاه... مذكراً بالاستهزاء إلى صدر منهم لدولته حينما قالت إنها ستصعد للفضاء.
النجاح هو من يجعل الآخر يحترمك وليس بكثرة الكلام والعراك والتراشق بالكلمات والاستهزاء من بعضنا بعضا.. وذلك هو ما تحتاجه مصر حتى تستطيع أن تصل إلى ما وصل إليه غيرنا.. فغيرنا لم يفعل شيئا إلا أنه قام بالعمل دون الالتفات إلى محبى الضحك والاستهزاء من أى وكل عمل دون أن يعرف لماذا يضحك وعلى ماذا يضحك.
فما أنجز فى مصر فى الفترة السابقة لم يحدث من قبل ولكن بعضنا يرفض أن ينظر بعينيه حتى لا يرى أمل فى مصر المستقبل ليظل يسخر وينتقد ويضحك... نعم ما حدث فى مصر الفترة الماضية من عمل كان له بعض الآثار السلبية على حال المواطن ولكنها مرحلة يجب أن نعبرها وسنعبرها بإذن الله.. فلنتفانى فى العمل ونخلص النوايا ولنصمت قليلاً حتى نكون مثل الهند... بل أفضل منها بفضل الله.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد زيادة
ما كان من برنامج الفضاء المصري .... وما سيكون بإذن الله....
تقرير صحفي رائع.....وأذكر نفسي والمصريين أن مصر كانت علي مشارف برنامج فضاء في الستينيات أيام الرئيس عبد الناصر وكنت أيامها مهندس طيران حديث التخرج وكان معي مهندسون ومهندسات حديثي التخرج وكلنا حماس للعمل وطموح لأن يكون لمصر مكان بين الدول المتقدمة في برامج الفضاء وكان هناك قدامي المهندسون الذين يقودون العمل مع المستشارين الألمان.... وكلنا نعلم ما كان من مقاومة إسرائيل لهذا المشروع وإرسال الطرود المتفجرة للخبراء الألمان ليرحلوا عن مصر ...وقد رحلوا بالفعل إلا بعضهم وقد إستمرينا في العمل إعتمادا علي أنفسنا نحن المصريين وبعض من أصر علي البقاء في مصر من الصف الثاني من الخبراء الألمان بالإضافة لإثنين من الأمريكان...وتمت تجارب مشجعة حتي حدثت نكسة 1967 فتوقف البرنامج نتيجة الضغوط السياسية.... وكنا وقتها نضاهي الهند ولكنها مضت في طريقها وتوقفنا...وأصبح لها مكان في مجال الفضاء والبرمجيات وغيرهما....وأصبح الهندي في كل بلاد العالم وبالذات أمريكا ينال الإحترام...ونرجو من الله أن تكون بداية البرنامج المصري الفضائي المزمع قوية.