إن نظرنا جميعا لما نحن عليه اليوم، سيدرك الكثير منا أنه مازال واقفا مكتوف الأيدى، مواجها التيار دون أى ردة فعل، أو بمعنى آخر أن عددا لا يستهان به من البشر يسمحون للحياة بتقلباتها العصيبة أن تشكل حياتهم كما تشاء، وكأنهم لا يستطيعون المقاومة، كمن يغرق فى أعماق المحيط دون أن يظهر أى مقاومة تجاه الأمواج العاتية، غير مبال لما سيحدث له بعد لحظات.
الكثير منا يستسلم للوقت ولا يكاد يلاحظ أن عمره قد مر سريعا من بين يديه إلا بعد زمن طويل، وبعد فوات الآوان، ليقول لنفسه: أنا مازلت كما أنا لم أتغير، الجميع من حولى قد تغيروا، نجحوا، وتقدموا، وأنا مازلت كالطفل أحبوا فى حدائق الكسل واللامبالاة، كالذى ينتظر أشجار التفاح أن تضمر فى الخريف! مقالتى اليوم تشبه "المنبه"، الذى لا نستطيع أن نعيش بدونه، فهو ذلك الجماد الذى يوقظنا من سباتنا العميق لننطلق فى سباق الحياة الذى يدور فى مضمار طويل لا نعلم نهايته حق العلم. انظر إلى نفسك الآن، أين أنت؟، هل أصبحت كما حلمت يوما؟ هل حققت ما حلمت به؟ هل طرقت كل أبواب الأحلام، أم ما زلت تبحث عن هذه الأبواب؟ كم مر من عمرك وأنت قابع فى مكانك لم تقم بإنجاز أى عمل تفخر به أمام نفسك أولا؟ رسالتى اليوم، هى أن نبدأ ولو بخطوة صغيرة، فمشوار الألف ميل يبدأ دائما بتلك الخطوة، لا تنتظر قدوم الفرص، اصنعها بنفسك، فالله تعالى وهبنا أغلى وأرقى النعم على الإطلاق وهى نعمة العقل، من أجل إعماله والاستفادة منه قدر المستطاع.
إن النجاح الحقيقى ليس الوصول إلى القمة فى حد ذاتها، ولكنه تلك المحاولات التى نقوم بها من أجل الوصول إلى تلك القمة، وهو خلق الفرص السانحة لتحقيق النجاحات، وانتهاز كل الفرص الصغيرة قبل الكبيرة من أجل الوصول إلى الحلم المرغوب. يروقنى دائما رؤية أبناء الجالية السورية المقيمة فى مصر والخليج العربى، والذين نزحوا إلى كل دول العالم بسبب الظروف البائسة التى تعانى منها سوريا. إن هذا الشعب من وجهة نظرى شعب فى قمة القوة والطموح، فهم يعملون فى أقل الوظائف بحثا عن لقمة العيش، والملايين منهم نجحوا حقا فى نقل إرث وطنهم العريق وعاداتهم وتقاليدهم ومأكولاتهم اللذيذة إلى كل أنحاء العالم، حتى المسنين منهم، أراهم دائما يبيعون بعض أصناف "المناقيش" و"الفطائر" اللذيذة سعيا للرزق، فهم لم ينتظروا الفرص، ولم يجولوا الأرجاء طلبا للمال بل عملوا ولو فى أبسط المهن، حتى فتياتهن الصغار عملن بجهد فى عدة مجالات وفى كل البلدان، ولم يعتمدن على آبائهن أبدا بل عملن من أجل كسب قوت يومهن ولو فى مهن غاية فى البساطة.
حقا إن هذا الشعب العظيم هو شعب لا يقهر، شعب يقوم بكل ما بوسعه من أجل أن يعيش عيشة كريمة محاولين هزيمة القهر والدمار التى تعانى منه سوريا هذه الأيام . من ناحية أخرى، إن ألقينا نظرة ثاقبة على معظم شبابنا اليوم، نراهم جالسون فى منازلهم ينتظرون الفرص والوظائف حتى تأتى إليهم دون كلل أو تعب، مضيعين أوقاتهم فى إلقاء اللوم على الظروف التى لم توفر لهم فرص عمل مناسبة، بل ويرفضون العمل فى وظائف بسيطة، بل كل ما يطمحون إليه هو العمل كمدراء جالسين على المكتب يحتسون القهوة، فهم للأسف الشديد لا يريدون صعود سلم النجاح، بل يريدون الوصول للنجاح دفعة واحدة ! . أنا لا أقوم بإلقاء التهم على شبابنا لمجرد الاتهام، ولكن الفرص الحقيقية لن تطرق أبوابنا بين ليلة وضحاها بل علينا السعى لها. أحببت بعض المشروعات التى انتشرت بشدة فى الآونة الأخيرة، والتى قام بها شباب مصرى حاصل على مؤهلات عالية طلبا للرزق وسعيا لتحقيق الذات دون انتظار فرص القدر، البعض بدأ بإنشاء مشاريع صغيرة لا تتعدى تكلفتها أكثر من أربعة آلاف جنيه، كسيارة لبيع الكتب، أو الهدايا، أو سيارات الطعام اللذيذ التى نراها حينما نجوب شوارع قاهرة المعز، واقفا وراءها شباب حلم بمستقبل مزهر وقرر أن يصنع قدره بيديه.
فى النهاية، ملخص مقالتى هذه أننا لا نعرف متى سيحل موعد رحيلنا عن هذا العالم، ولكن يجب علينا أن نعرف ونعى جيدا ما نريد تحقيقه وأن نخلق ألف طريق وطريق لتحقيقه، وأن نبدأ فورا، ولا ننتظر أو نندم على سنوات الفرص الضائعة.
عدد الردود 0
بواسطة:
ام محمد
جمييييييل جدا جدا
مش عارفه اتفائل ولا احزن ع نفسى واجمل سنين عمرى اللى راحت