فى بلدتنا الصغيرة كان يوجد رجل يسمى عم "جلال" كلامه لا يصدق وكان دائما يقول ما يستحيل تصديقه فمثلا دائما يقسم بأنه يستطيع أن يجعل "الجمل" يطلع النخلة.. وكل الناس تتعجب فيما يقول كيف للجمل أن يطلع النخلة ؟ حتى مرت الايام وتصادف اهل القرية بعم "جلال" يقف تحت نخلة وبجواره مربوط "جمل "...فبسرعه براقة والجميع فى نفس واحد قالوا له يا عم " جلال" انت كل يوم بتقول انك تقدر تخلى الجمل يطلع النخلة يلا ورينا "أدى الجمل...وأدى النخلة".
مثل شعبى شهير يقول "قالوا الجمل طلع النخلة...ادى الجمل..وادى النخلة" إشارة إلى إثبات حسن النوايا وإثبات ترجمة للوعود على أرض الواقع.
فمنذ أيام قرأت أول تصريحات الدكتور "طارق شوقى" وزير التربية والتعليم الجديد وهو يعد المعلمين بزيادة رواتبهم ليس فقط بل سيكونوا اعلى شأنا من الطبيب والمهندس.. وهذه الكلمات لمست قلوب الملايين لأنها حلم بعيد المنال بالنسبة لهم.. فالجميع يكتب ويتحدث عن هذا التصريح ولكنهم أجمعوا على أنهم لا يريدون زيادة فى المرتبات بقدر انهم يريدون حقوقهم المشروعة فقط وفقا للقانون والدستور.
فالآلاف من المعلمين والإداريين بمديريات التربية والتعليم المختلفة قد حصلوا على احكام قضائية نهائية وواجبة النفاذ فى أحقيتهم لصرف حافز الاثابة الشهرى بنسبة 50% من الأساسى اعتبارا من 1/5/2008 وفقا لأحكام القانون 114 لسنة 2008 وبنسبة 200% من الراتب الأساسى اعتبارا من 1/7/2011 وفقا لقرار المرسوم بقانون رقم 51 لسنة 2011.
وبما أن الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع قد استقر افتائها على أن الاحكام القضائية تعرض نفسها كعنوان للحقيقة يلزم تنفيذها.. إلا أن تعنت كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة المالية فى تنفيذ هذه الأحكام لهو ضرب صارخ لاحترام القضاء عرض الحائط وضياع لثمرة لجوء هؤلاء المعلمين والإداريين إلى القضاء..فهل ستنصف المعلمين فى أول اختبار حقيقى إعلاء لحجية هذه الأحكام وإكبارا لسيادة القانون وصونا للحقوق التى أقرتها تلك الأحكام.. هل تستطيع تنفيذ هذه الأحكام وتكون بهذا قدر رفعت شأن القضاء وشأن المعلمين فى وقت واحد.. بعدما كلت أيدى المعلمين من الطرق على أبواب المسئولين تارة.. وعلى منصات المحاكم تارة أخرى.