استيقظت صباحا من كثرة رنات هاتفى فوجدت زوجى يكلمنى بصوت خافت وحزين ويقول لى أنا فى بيت والدك وتعالى حالا لأنه تعبان أوى ولكننى لم أصدق كلامه هذا وعلمت أن والدى توفى فقلت له بابا اتوفى ماتخبيش عليا.. فصمت قليلا ولكن صوت بكاء أمى سبق رده على فأغلقت الهاتف وجلست وحدى ماكنتش مستوعبة ايه اللى بيحصل أو بمعنى اخر مش قادرة اصدق أن والدى توفى لأننى كنت معه فى الأيام السابقة ولم أتركه غير ليلة وفاته.. لم أستطع البكاء وذهبت مسرعة لبيت والدى ووجدت أمى وأختى يبكيان ووجدت الجيران وأقاربى يواسونى ويقولوا لى شدى حيلك هو ارتاح من الوجع والمرض اللى كان عنده وأنا أنظر إليهم ومش عارفة أرد عليهم بإيه وأحبس دموعى جوا عينى واكتم صوت صراخى جوا قلبى وأنا فى حالة من عدم الاستيعاب لما يجرى من حولى.
صلينا عليه فى الجامع وذهبنا لدفنه وأنا مش عارفة أبكى ليس قسوة أو جمود منى ولكنى تماسكت أمام أمى التى كانت منهارة من البكاء وأمام أختى أيضا وكل من حولى ينظر لى بتعجب ويسألونى أنتى بخير ياريت تبكى ما تكتميش حزنك ودموعك علشان مايحصلكيش صدمة نفسية أو تصابى بأذى، وكنت أنظر إلى مدفنه وأحدث أبى فى داخل نفسى وأقول له مع السلامة يا بابا.
مع السلامة يا أحن وأطيب إنسان فى حياتى مع السلامة يا بابا فى الجنة ونعيمها إن شاء الله، فإنك كنت دائم الصلاة فى المسجد ليلا ونهارا وكنت طيب الكلمة حسن السمعة والأخلاق وكل من يعرفه يمدحه ويذكره بكل خير وأى حد كان يشوفنى ساكتة يقولى ماتزعليش والدك ارتاح، أعلم أنه ارتاح وأنه فى مكان أفضل من الدنيا كلها فكان أبى فى أيامه الأخيرة فقد حركته وفقد الكلام وكانت حالته الصحية متأخرة ولم يجدِ معه أى دواء أى نفع وكل الأطباء لم يقدروا على معالجته فكانوا يعلمون أنه فى أيامه الأخيرة، فكان يتألم كثيرا ومفيش دوا بيريحه ساعات كنت بتمنى أن ربنا يرحمه من اللى هو فيه لأنى كنت بشوفه بيتألم ويتوجع أمامى وأنا مش عارفة أساعده بحاجة صعب اوى لما نشوف حد غالى علينا بيتوجع واحنا مش عارفين نساعده ونريحه وخاصة لو الحد ده الأب أو الام بيبقى نفسنا ناخد كل آلامهم واحنا اللى نتوجع وهم يبقوا بخير وبصحة حتى عقلى لم يتقبل مرضه ووفاته؛ فأحلم به كل يوم وصورته تأتى فى منامى وهو بصحة جيدة كما كان قبل مرضه.