جمال رشدى يكتب: قرية البيهو فى حضن الهلال والصليب

الإثنين، 20 فبراير 2017 04:00 م
جمال رشدى يكتب: قرية البيهو فى حضن الهلال والصليب الوحدة الوطنية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هى قريتى التى ولد ونشأت وعشت وما زلت أعيش وسوف أعيش بها إلى انقضاء حياتى. الوطن ليس شعارا نرفعه ونستخدمه للمتاجرة باسمه عند الحاجة، البيهو هى قرية نموذجية تقع فى محافظة المنيا مركز سمالوط تعداد سكانها يقترب من 35 ألف نسمة، نموذج مصغر لما تسعى إليه الوطنية من انصهار الهوية داخل بوتقة الثقافة المصرية.

 

ورغم الانحلال الأخلاقى والثقافى الذى ضرب الشخصية المصرية فى السنوات الأخيرة إلا أن الترابط الاجتماعى القائم على الأسر والعائلات والموروث الأخلاقى ما زال يحكم كثيرا من الأعراف والتقاليد داخل تلك القرية، التى كانت سائدة فى صعيد مصر من وقت قريب، التعايش والانصهار الروحى والثقافى بين أبناء القرية من مسلمين وأقباط هو نموذج يحتذى به فى كيفية البناء والارتقاء بمستوى الفهم الوطنى لكيفية التلاحم والتعايش السلمى فرغم الأحداث الطائفية التى شهدها صعيد مصر ومحافظة المنيا هى الأعلى فى تلك الحوادث، إلا أن تلك القرية عبر تاريخها لم يحدث فيها أى حوادث طائفية من أى نوع، والسبب فى ذلك يرجع لعدة عوامل منها ارتفاع نسبة التعليم وخصوصا الجامعى، ما أدى إلى ارتفاع درجة الوعى والإدراك بشكل كبير جدا، فهناك المستشار ودكتور الجامعة والمحامى والمدير والمسئول والطبيب.. إلخ، بالإضافة إلى تاريخ القرية البرلمانى والعلمى فكان منها البرلمانى لبيب جعفر وأحمد مروان، وأيضا العلمى أمثال المرحوم الدكتور محمد مروان عميد أكاديمية السادات وآخرون ناهيك عن قوة العائلات التى تقطن القرية منها على سبيل المثال وليس الحصر عائلة مروان والجعافرة، فوجود كنيسة القديس ابسخيرون الأثرية بالقرية كان له أثر كبير فى التقارب بين أبناء القرية فتلك الكنيسة من أقدم الآثار الدينية فى مصر ويتوافد عليها المئات يوميا من كل حدب وصوب ويقوم المسلمون باستقبال ضيوف تلك الكنيسة ومساعدتهم وإرشادهم للوصول إليها بل ويعتبرونها جزءا من التكوين الثقافى والتاريخى للقرية ويفتخرون بوجودها داخل قريتهم بل ويتناولون قصة تاريخها مع من هم خارج القرية وفى محافظات اخرى . فاثناء قيام ثورة 30 يونيو قام الالاف من مسلمين القرية بالالتفاف حولها ليل نهار لحمايتها من أى اعتداءات إرهابية.

 

فتسليم الموروث الأخلاقى لأجيال القرية واندماجه مع ثقافة الوعى والإدراك الناتجة عن ارتفاع نسبة التعليم جعل التحام أهلها تجسيدا للهوية المصرية القائمة على الفلكلور الخاص بالعادات والتقاليد من سلوكيات ومعطيات تعامل يومى، فأصبحت القرية بوتقة إنسانية تنصهر فيها روح المواطنة لتشكل لوحة فنية مصفرة عن الوطن مصر تمتزج فيها ثقافة الماضى وعلم الحاضر، فتلك القرية هى سراج منير وسط ظلمة التطرف فى محافظة المنيا فعلى المسئولين  دراسة ظاهرة تلك القرية لمحاولة الاستفادة من طبيعاتها وتركيبتها الثقافية وتعميمها داخل مناطق تحتاج إلى الكثير والكثير للتخلص من ثقافة التطرف والجهل، عاشت مصر وعاشت قريتى البيهو فى القلب.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة