عمرو النحاس يكتب: أحلام وأمانى

السبت، 18 فبراير 2017 12:00 م
عمرو النحاس يكتب: أحلام وأمانى مشاجرة بين زوجين - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدق أو لا تصدق ! فى مصر يولد طفل كل 15 ثانية، بينما تحدث حالة طلاق كل 6 دقائق. ولا داعى للصدمة إذا علمت أن الأرقام السابقة تشير إلى احتلال مصر للمرتبة الأولى عالمياً فى نسبة المواليد الجدد والطلاق فى أن واحد.

 

الزيادة السكانية فى مصر تلقى بظلالها على كل شىء، نظام الزواج نفسه والذى ربما يعد المحرك الرئيسى للمشكلة السكانية بات أيضاَ يعانى من خلل واضح، الأمم المتحدة فى قراءتها للواقع المصرى أرجعت ارتفاع نسب الطلاق فى مصر إلى أسباب اقتصادية واجتماعية وصحية بل وامتدت أيضا لتشمل نقص الوعى وإدمان المخدرات. الأسباب التقليدية "المبررة" للطلاق أن صح تسميتها كتوقف الزوج عن الإنفاق أو الخيانة أو عدم الإنجاب أو المشاكل الجنسية أو العنف الجسدى واللفظى تعد جميعها من العوامل المحركة للطلاق، وربما أضافت إليها التغيرات التكنولوجية أيضاً نكهة جديدة. فاستخدام وسائل التواصل الاجتماعى كالـ "الفيسبوك" والـ "الواتس آب" وغيرها من التطبيقات الأخرى قد ساهم بشكل أو بآخر فى تفاقم بعض من هذه المسببات كسرعة كشف الخيانة أو حتى حالة الملل والنفور بين الزوجين.

 

دعونا نرجع القصيدة إلى بدايتها، فالأصل فى الزواج هو اجتماع طرفين "شاب وفتاة" على قرار مشترك لعلاقة تربطهما سوياً وإلى الأبد، وشئنا أم أبينا فإن هذه العلاقة سوف تنتهى بإنشاء "أسرة" جديدة تضاف إلى المجتمع. هنا يظهر بشكل واضح الدور الرئيسى والهام لـ "الأسرة" الأصلية التى خرج منها كل من الشاب والفتاة وبكل تفاصيلها الدقيقة، الأهل والتربية ومستوى المعيشة وطريقة التفكير وكم قد لا ينتهى من العوامل الهامة التى ساهمت فى بناء شخصية طرفى المعادلة الزوجية معاً. البيئة المحيطة كالأصدقاء والأقارب والعمل والمجتمع والعادات والتقاليد والخ أيضاً لها دور هام وحيوى فى هذه التنشئة. التعليم "الحاضر الغائب" أيضا فى كافة المشاكل فى مصر. أتذكر قديماً أن المدارس كانت تقدم للبنات "فقط" فصولاً عن التدبير المنزلى التى توقفت إحساساً من البعض بعدم أهميتها! وربما حان الوقت أن يدرك المسئولين عن التعليم فى بلادنا أن درس "أسرتى سعيدة" الذى يقدم لطفل فى صفحة من كتاب القراءة لم يعد كافياً.

 

أيها السادة، إننا نتحمل جميعاً مسئولية ما وصلنا إليه الآن. الكم الهائل من الأفكار والمعتقدات الخاطئة التى أقحمناها فى عقول شبابنا على مدى فترة طويلة من الزمن، كالمشهد السينمائى المحكم الذى يخبر الشاب أن بدخوله الجامعة سيلتقى هناك بفتاة أحلامه ويذوبا معاً حباً واشتياقاً ووعده بأنه وفور أن يتخرج سيجد بانتظاره الوظيفة المرموقة والسيارة الفارهة ! والأفكار المتوارثة من نوعية "اربطيه بالعيال" وأن الزواج ما هو إلا صراع بين طرفين يتحتم لنجاحه أن يسيطر أحدهما على الآخر ويوجهه كيفما شاء. كلها تدعو إلى ثورة فكرية ملحة وتغيير حقيقى لمجموعة من الأفكار التى ربما ساهمت فى الهدم أكثر منها فى البناء .

إن بناء المجتمع يبدأ بالأسرة، وبناء الأخيرة مرهون بشكل أساسى بالمرأة بشكل كبير فى كافة النواحى المتعلقة بتعليمها وتمكينها وتنشئتها أختاً وأماً وزوجةً صالحة. فامرأة واحدة فى زمن الفاروق عمرو بن الخطاب رفضت فكرة "الغش" السائد أن ذاك وبأن تخلط اللبن بقليل من الماء هى نفسها التى خرج من ذريتها خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز.

وفى النهاية لا مكان هنا لأناشد هذا أو ذاك، حكومة أو مجتمع أو أسرة أو زوجين، الكل بالقطع أفهم بواجباته ومسئولياته التى هو أعلم بها. ولكنى أناشد ضميراً وعقلاً وقلبا يرى أن هذه البلاد تستحق ما هو أفضل من مجرد "أحلام وأمانى".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة