سؤال يتبادر إلى ذهن كل من عانى يوماً ما وهو : هل انعدم الضمير ؟
الإجابة فى رأيى المتواضع هى لا ، لم ينعدم الضمير ولكنَّ أصحابه قد لجأوا إلى صومعة وسط الصحراء تاركين وراءهم أطلال ما عاصروا من ضمير .
الضمير يا سادة هو المقياس الذى وهبه الله لنا لنميز به بين الحق والباطل ؛ فنشعر إما بالندم و إما بالفخر عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان، وكما قال فينسنت فان جوخ "الضمير بوصلة المرء".
يحضرنى الآن قصة رائعة عن الضمير كنت قد قرأتها منذ فترة وقد دارت أحداثها كالتالى :
الضمير عند العرب
( كان رجل يسير بجانب بستان فإذا به يجد تفاحة ملقاة على الأرض، فتناول التفاحة، واكلها، ثم حدثته نفسه بأنه اتى على شيء ليس من حقه، فأخذ يلوم نفسه، وقرر أن يرى صاحب هذا البستان، فإما أن يسامحه فى هذه التفاحة أو أن يدفع له ثمنها. وذهب الرجل لصاحب البستان وحدثه بالامر، فأندهش صاحب البستان، لأمانة الرجل.
وقال له : ما اسمك؟
قال: ثابت
قال له : لن اسامحك فى هذه التفاحة إلا بشرط أن تتزوج ابنتى . واعلم انها خرساء عمياء صماء مشلولة. اما أن تتزوجها واما لن اسامحك فى هذه التفاحة. فوجد ثابت نفسه مضطرا، يوازى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فوجد نفسه يوافق على هذه الصفقة، وحين حانت اللحظة التقى ثابت بتلك العروس، وإذا بها أية فى الجمال والعلم والتقى . فاستغرب كثيرا لماذا وصفها ابوها بأنها صماء مشلولة خرساء عمياء !
فلما سألها قالت : انا عمياء عن رؤية الحرام خرساء صماء عن قول وسماع ما يغضب الله، ومشلولة عن السير فى طريق الحرام . وتزوج ثابت هذا بتلك المرأة . وكان ثمرة هذا الزواج: الإمام أبى حنيفة النعمان ابن ثابت .
الضمير عند الفراعنة
كذلك لم يغب ميزان الضمير عن الفراعنة العظام، فقد جاء فى الوصية التى تركتها نوت لابنتها إيزيس: لا أوصى ابنتى التى ستلى العرش من بعدى أن تكون إله شعبها تستمد سلطتها من قداسة الألوهية بل أوصيها أن تكون حاكمة رحيمة عادلة . (مصر القديمة – 8894 ق.م.).
خطوات إصلاح الضمير
الآن وقد علمنا ما هو الضمير واستنتجنا الكوارث المترتبة على انعدامه وجب علينا أن نتعلم كيف نصلح ضمائرنا
1- العزم على عدم العودة أو التفكير فى أى عمل قد يضر بحريات الآخرين .
2- أن نتعرف أكثر على أهمية الضمير فى الحياة والكوارث المترتبة على غيابه .
3- النظر لمستقبلنا ومن حولنا لكى يكون كل واحد منا محبوب بين الناس لا منبوذ .
خلاصة ما سبق أن الضمير هو قائدنا نحو غدٍ مشرق، نحو مستقبلٍ واعد ، فالضمير هو أبو التقدم ومرشد الأمم نحو غايتها من الإبداع، لذلك أقول بكل شجاعة نحن بحاجة إلى إتقان فن الحوار، وفن الاختلاف، ومناقشة كل الآراء بدون ازدراء أو تهميش، حتى و لو اختلفت الآراء، كل ذلك فى جو من الأُلْفة والمودَّة والأخوة، كما يقول الإمام الشافعى – رحمه الله -: "رأيى صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يَحْتمل الصواب، وما جادلَنى أحَدٌ فى مسألة إلاَّ تمنيتُ أن يُظْهِر الله الحقَّ على لسانه، أو على لسانى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة